حرق اطارات السيارات في العيد يلوث سماء اليمن

TT

تحولت عملية حرق اطارات السيارات القديمة، من قبل الاطفال اليمنيين كجزء من طقوس الاحتفال بمقدم العيد، وغيره من المناسبات الدينية، الى ظاهرة صحية وبيئية كارثية، بالنظر لاتساع حجم هذه الظاهرة في السنوات الاخيرة خاصة في المدن الرئيسية المكتظة، حيث تكتسي الاجواء بسحب كثيفة من الدخان ملوثة الهواء المحدود اصلا، بسبب وقوع معظم المدن اليمنية على ارتفاعات شاهقة عن مستوى سطح البحر، حيث تقل نسبة الاوكسجين، كلما ارتفعنا الى اعلى.

وحسب المهندس عبد الخالق الغابري، مسؤول المختبرات بمجلس حماية البيئة اليمني فانه من المؤسف ان يأخذ التعبير عن الفرحة بالمناسبات الدينية المختلفة هذا الشكل المدمر للصحة والبيئة معا، منوها الى ان الظاهرة تعكس بوضوح تام مدى ضعف الوعي الصحي والبيئي في اوساط المجتمع.

واوضح مسؤول المختبرات لـ«الشرق الأوسط» ان خطورة حرق اطارات السيارات تنبع من كونها مصنعة من بقايا مواد عضوية هي جزء من مخلفات معامل تكرير النفط وتتميز بتركيبة معقدة وسمية عالية، وتنتج عند حرقها وتفكك عناصرها ومكوناتها المختلفة مجموعة من الابخرة والغازات السامة واهمها اكاسيد الكربون «اول وثاني اكسيد الكربون» واكاسيد النتروجين، اضافة لنسب كبيرة من العناصر الثقيلة والسامة كالرصاص والزرنيخ، وهذه المواد مجتمعة لها تأثيراتها الخطيرة والمباشرة على الصحة والبيئة، والتي يمكن اجمالها على المستوى الصحي، في اصابة الجهاز التنفسي بمختلف انواع التحسس التي ان تتحول الى امراض كالربو والازمة وغيرها من امراض الجهاز التنفسي والتي ارتفعت معدلاتها بصورة واضحة في السنوات الاخيرة.

كما ينتج عن عملية الحرق تقليل نسبة الاوكسجين بسبب انتشار اكاسيد الكربون مما يوجد نوعا من الاختناق او الصعوبة في التنفس، اذا علمنا ان جسم الانسان يحتاج الى 10 كيلوجرامات من الهواء يوميا، يضاف الى ذلك ان التعرض لاستنشاق الغازات والابخرة السامة لفترات طويلة وترسبها في الرئتين يؤدي الى التهاب الشعب الهوائية ويصيب بالسرطان على المدى البعيد، كما ثبت من خلال عدد من الابحاث العلمية ان ملوثات الهواء عموما تؤثر سلبا على الجهاز الدوري للانسان وتتسبب في تسمم الدم، فضلا عن تأثيراتها على الجهاز الهضمي والدورة الدموية، حيث ثبت انها بترسبها على الاطعمة ودخولها الدم عبر المعدة ثم الى المخ يمكن ان تتسبب في امراض البله والتخلف العقلي وضعف الذاكرة.

اما على المستوى البيئي، فان الامر لا يقل خطورة، فزيادة نسبة اكاسيد الكربون وغيرها من الغازات السامة في الجو، تزيد من تأثير ما يعرف بظاهرة البيت الزجاجي وترفع من معدلاتها اضافة الى ان انتشار اكاسيد الكبريت والنتروجين، يؤدي لوقوع ظاهرة المطر الحمضي التي ينتج عنها النتريك والكبريتيك، بتأثيراتها الخطيرة على التربة والنبات والمياه، ورغم ان اليمن تعد اقل الدول تأثرا بمثل هذه الظواهر لقلة الصناعات الثقيلة فيها.

وتزداد المخاطر الصحية بالنظر لكون الاطفال هم الاكثر عرضة لتأثير الغازات الناتجة عن حرق الاطارات، رغم كونهم يفعلون ذلك كنوع من المرح والتسلية. فالهواء اساس الحياة يجب الحفاظ عليه نظيفا ما امكن، لان باستطاعة الانسان ان يستغني عن الماء او الطعام لفترات طويلة لكنه لا يستطيع ان يستغني عن الهواء للحظة واحدة.

ويضاعف من خطورة حرق الاطارات في الاعياد والمناسبات المختلفة ايضا لجوء بعض المواطنين للتخلص من المخلفات المتراكمة بسبب زيادة الاستهلاك خلال رمضان والعيد عن طريق حرقها، خاصة ان معظم هذه المخلفات من المواد البلاستيكية والمطاطية التي ينتج عن حرقها غازات وابخرة سامة مماثلة لتلك الناتجة عن حرق اطارات السيارات.