أميركا تختبر العام المقبل سلاحها الليزري المحمول جوا لتدمير الصواريخ الباليستية

السلاح يشكل نقلة نوعية وإنجازا هندسيا كبيرا في التقنيات العسكرية المقبلة

TT

بعد سنوات من العمل المتواصل اوشك البنتاغون على اكتشاف ما اذا كان توظيفه الهائل للوقت والجهد وملايين الدولارات على النظام الدفاعي المستند على استخدام اسلحة الليزر المحمولة جوا كان مثمرا.

فمنذ سنة 1996 ركزت وكالة الدفاع ضد الصواريخ (إم دي إيه) وسلاح الجوي الأميركي على تطوير واختبار مكوِّنات مختلفة من هذا النظام الدفاعي مثل أشعة الليزر التي تقاس قوتها بوحدة الميغاواط (الميغا تساوي مليون)، وعلم البصريات، ونظام إدارة المعارك، وطائرة البوينغ المكيفة 747ـ 400 إف، لكن خلال السنة المقبلة سيتم دمج هذه العناصر في نظام واحد هدفه المرور باختبار حاسم لها، وهذا يتمثل بإسقاط صاروخ باليستي متسارع فوق المحيط الهادئ.

وما ينتظر وكالة الدفاع للصواريخ في الأشهر المقبلة تحقيق إنجاز هندسي مهم جدا. فمديرو البرنامج التنفيذيون قد اعترفوا بأن عليهم أن يتغلبوا على عقبات ضخمة تقف بوجه نجاحه وأشاروا إلى أن تجربة إسقاط صاروخ باليستي ستتم على الأكثر في سنة 2005 بدلا مما كان مخططا له في نهاية عام 2004.

لكن قبل ذلك على وكالة الدفاع للصواريخ أن تجد الأجوبة الصحيحة للأسئلة المتعلقة بأسلحة الليزر المحمولة جوا (إيه بي إل) وهي: هل يمكن توليد طاقة ليزر كافية بحيث يتم وفقها التغلب على الامتصاص الجوي لها، وهل يمكن تركيز الطاقة على نقطة صغيرة بحيث يكون ذلك كافيا لتدمير الصاروخ الباليستي، ثم هل سيعمل نظام إدارة المعارك الكثيفة والموضوع كبرنامج على الكومبيوتر بنجاح؟ بل حتى مع نجاح التجربة فإن ذلك لن يكون كافيا لإقناع منتقدي هذا البرنامج لأن أول تجربة ستجري ستكون ضمن مسافة قصيرة نسبيا، إضافة إلى أن التجربة قد صُممت بشكل متعمد لإظهار كفاءة النظام أكثر منها لتقدير إذا كان نظام سلاح الليزر المحمول جوا قادرا على تحقيق مهمته في ظروف أكثر تعقيدا.

وحالما تنتهي التجربة سيبدأ المسؤولون الكبار في البنتاغون بدراسة إمكانية استخدام نظام سلاح الليزر المحمول جوا في أوقات الأزمات، فليس كما هو الحال مع نشر الطائرات الخالية من الطيارين مثل طائرتي «البريداتور» و«غلوبال هاوك» قد لا تستخدَم الطائرة لإسقاط صواريخ باليستية بل يمكن استخدامها كجهاز تحسس هائل وكمركز عصبي لإدارة المعارك. لكن ليس هناك مخططات محددة لوضع طائرات مثل يال ـ1 إيه أو حتى النسخة اللاحقة لها والمعروفة باسم «بلوك 2008» ضمن قائمة الطائرات التي تستعملها القوة الجوية الأميركية حاليا، حسبما قال المقدم ريتشارد نيفزغر مدير برنامج اسلحة الليزر المحمولة جوا. من جانب آخر تم اختيار الفريق الذي سيقوم بتجربة إسقاط صاروخ باليستي فوق المحيط الهادئ وهو يتضمن موظفين من «قيادة المعارك الجوية» وهؤلاء قد يساعدون على تسهيل استخدام الأجهزة خلال حالات الطوارئ.

ويعمل مسؤولو البرنامج حاليا بكثافة للتمكن من إجراء التجربة في وقتها المحدد. إذ تعمل الفرق المتخصصة في مختبر دمج عناصر البرنامج ببعضها ضمن ثلاث وجبات متعاقبة ولستة أيام في الأسبوع حسبما قال المقدم كيسي ميللر مدير تجارب اسلحة الليزر المحمولة جوا. لكن بالنسبة لمعظم مكونات النظام ليس هناك منها ما هو زائد عن الحاجة وأي فشل في أي منها سيؤدي إلى تأخير تنفيذ البرنامج بشكل كبير جدا.

ويأتي الاعتراف من احتمال وقوع تأخيرات أخرى نتيجة للخبرة التي تم اكتسابها خلال السنوات الأخيرة. وعلى الرغم من أن العناصر المكونة للنظام تبدو جاهزة للاختبار لكن وصول النقطة النهائية لم يتم حتى الآن، فالنظام ظل يتصارع مع مشاكل تموينية وتقنية كان لها دور فعال في إبطاء تطويره.

لكن المسؤولين عن برنامج اسلحة الليزر المحمولة جوا يحاججون بأن العقبات قد تم تجاوزها وأشاروا إلى أنهم قد حققوا إنجازات يرغبون بكشفها للآخرين. من بينها استخدام وحدات جديدة من الليزر المتكون من يود الأوكسجين الكيميائي ذي القوة العالية، وهذه هي المرة الأولى التي يتم استعمال هذا التركيب. وتأتي النتائج التي تحققت في مجال الليزر بعد بحوث استغرقت 20 سنة.

كذلك تتضمن الإنجازات تصنيع مواد قادرة على تحمل العوامل البيئية القاسية عن طريق المواد الكيميائية التي تقوي الليزر والعمليات التي تقوم بها الطائرات. وقال باوليكوفسكي مدير الوكالة إن «الكثير من العناصر هي الأولى من نوعها في العالم». وإذا كان الليزر ذو القوة العالية والمستخدم لتدمير الصواريخ يجذب أكبر قسط من الاهتمام فإن الليزر المتقصي للصواريخ والليزر الشعاعي الموجِّه يمثلان أفضل ما تمكنت هذه الوكالة من تحقيقه، وهذه الأجهزة الثلاثة تعمل وفق ذبذبات مختلفة.

كذلك مر البرنامج بتجربة طيران أولية في طائرة البوينغ المكيفة 747 حيث تم تعقب صاروخ أطلِق من قاعدة جوية في كاليفورنيا. وكجزء من عملية التصدي ذات المدى المتوسط والمنطلقة من قاعدة جوية بكاليفورنيا. وإذا كانت التجربة فاشلة بالنسبة لنظام قاعدته على الأرض لكن ذلك كان نجاحا بالنسبة لبرنامج اسلحة الليزر المحمولة جوا لأنه تمكن من تعقب الهدف.

وفي الطريق إلى إجراء الاختبار سيشهد البرنامج الدفاعي الخاص بأسلحة الليزر المحمولة جوا عدة أحداث سيتقرر وفقها موعد تنفيذ الاختبار النهائي. ومن أهم هذه المناسبات ستكون حينما يتم دمج ست وحدات ليزرية مختلفة في هذا الخريف وإجراء أول محاولة لاختبار ما إذا كان الجهاز المتكون من هذه الوحدات قادرا على توليد الطاقة.

كذلك سيكون الوزن واحدا من المشاكل التي يجب أن يسعى المسؤولون عن هذا المشروع الى مواجهتها خصوصا بالنسبة لطريقة توزيعه. فهناك بعض الأمكنة التي قد يصبح فيها الضغط شديد الإفراط على الطائرة إذا ازداد وزن العناصر فيها، فبعض الخزانات والصهاريج التي تحمل مواد كيميائية لتوليد الليزر أصبحت أثقل مما كان متوقعا. واعترف باوليكوفسكي بأن «تزايد الوزن جرى بشكل أكبر مما توقعناه». وجرى ذلك جزئيا بسبب أن مكونات جهاز الليزر كان يجب صنعها من مادة التيتانيوم. مع ذلك فإن ميللر وباوليكوفسكي يؤكدان أن الوزن ليس مشكلة على الأقل بالنسبة لطائرة «يال ـ 1 إيه» لأن هذا الطائرة مهيأة للانطلاق مع وزن ثقيل يبلغ حوالي 350 طنا بينما يتوقع أن يكون الوزن النموذجي للطائرة التي ستستخدم في التجربة ما يقرب من 320 طنا.

* خدمة «أفييشن ويك» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»