تكنولوجيا دفاعية متقدمة لحروب المستقبل

روبوتات حربية وشبكات اتصالات رقمية نقالة وتقنيات التصغير وأسلحة الليزر أهمها

TT

يقود التقدم السريع في التكنولوجيا الحديثة المواكبة للثورة ما بعد الصناعية، إلى إعادة تشكيل الاستراتيجيات والأدوات الحربية، كما يعيد هيكلة السوق التجاري لنظم السلاح. وفي مقابلات مكثفة مع العلماء العسكريين والمدنيين، بالإضافة إلى المفكرين الاستراتيجيين، تتضح معالم خمس تكنولوجيات يعتقد أنها ستغير وجه القوات العسكرية خلال العشرين سنة المقبلة، وهي: الروبوتات، وقوى الدفع المتقدمة، وتقنيات التصغير، والشبكات الرقمية النقالة، والعلوم الحيوية. وربما تصبح تكنولوجيات أخرى مثل أسلحة الليزر مهمة بحلول عام 2015، لكن لا يعتقد أنها ستكون معدة للاستخدام الشائع في ميدان المعركة خلال الخمس عشرة سنة المقبلة.

تكنولوجيات متقدمة وربما يمثل الاستخدام الفعال لهذه التكنولوجيات، درجة القوة العسكرية في العقود المقبلة، كما تشير مجلة «جينز ديفنس ويكلي» البريطانية المتخصصة بشؤون الدفاع التي أفردت ملفا لهذه التكنولوجيات، ويعتقد كبار موظفي الدفاع الأميركي أن هدف القوات العسكرية الأميركية الرئيسي سيظل القدرة على خوض معارك رئيسية تتطلب نقل القوات عبر مسافات متزايدة البعد. وهذه مهمة زاد من صعوبتها خروج القوات الأميركية من قواعدها المتقدمة حول العالم.

ومع أن التقدم التكنولوجي في تطوير أساليب الدفع وتقنيات التصغير، تيسر من هذه المهمة، فإن تكنولوجيات أخرى ستغيث العدو. فعلى سبيل المثال، فإن انتشار تكنولوجيا القصف الدقيق بالاعتماد على نظام تحديد المواقع سيحسن من دقة معظم أنواع الصواريخ، لكن وجود مجسات حساسة أو أجهزة تصوير تلتقط صورا شديدة الحدة متوفرة تجاريا، تساعد العدو لتهديد موانئ التنزيل والتحميل والمطارات والقواعد الكبيرة المهمة جدا لنقل القوات لخوض الحروب الإقليمية الرئيسية.

ويعتقد الخبراء، انه إذا لم تصبح النظم الدفاعية الحالية مثل الصواريخ الميدانية ممتازة ودقيقة جداً، فعلى القوات الأميركية تطوير نظم قادرة على القصف من مسافات أبعد، بالإضافة إلى وحدات صغيرة وقوية لها أثر طفيف كي تتفوق على الاستراتيجيات المعادية. فمن شبكات النظم الآلية مثل الطائرات المقاتلة التي لا يقودها طيار، التي توفر أسلحة بعيدة المدى، إلى تطوير نظم كاملة للوحدات الصغيرة، التي لا تتطلب دعماً كبيراً، ربما توفر التكنولوجيات الخمس هذه قدرات نقل القوات على الاستمرار.

ويعتقد الخبراء الأميركيون، انه على الرغم مما تعد به هذه التكنولوجيات، فإن عملية ادخالها فنيا ومبدئيا في القوات المسلحة الأميركية ستكون صعبة وطويلة. ويشيرون إلى أن القوات العسكرية الأميركية لا تركز على تطوير الاستراتيجيات والمذاهب والتكتيكات، لاستغلال التكنولوجيات الجديدة. ويقول اندرو مارشال، مدير دائرة تقييم الإنترنت، وهي خلية وزارة الدفاع للتخطيط البعيد الأمد: «نحن على وشك دراسة ما يمكن لهذه التكنولوجيات أن توفر لنا». ويشبه مارشال الوضع الحالي بالعشرينات عندما صارع المفكرون العسكريون آنذاك لإيجاد استخدامات لاختراعات مثل الدبابة وحاملة الطائرات.

وكان بعض الموظفين العسكريين وخبراء الأمن الآخرين أكثر صراحة، وقالوا إنهم يشكون أنه يمكن الحصول على منافع عسكرية بهذه السرعة بغض النظر عن التقدم التكنولوجي، نظرا لطبيعة القوات العسكرية الأميركية المؤسساتية. وانتقدت القوات العسكرية نفسها على توليد نظام يشدد على «الالتزام بالبرنامج» ولا يشجع العقلية الابتكارية التي ربما تؤدي لتغيير ثوري.

ومن الأمثلة التي يستشهد بها كثيرا في هذا المجال، المقاومة العنيفة في الجيش لخطة جريئة قدمها رئيس هيئة الأركان اللواء ايريك شنسيكي لتغيير شكل الجيش، إذ يعتقد اللواء أنه يمكن استبدال الدبابات بحلول متقدمة تكنولوجيا كجزء من نظم المستقبل القتالية خلال العشرين سنة المقبلة. ووفقا لمقدار الموارد الضخمة التي لا يزال سلاح الجو يستثمرها في الطائرات المقاتلة، التي تعتبر جوهرة ذلك السلاح عوضا عن أنظمة ثورية أخرى مثل الطائرات الآلية من دون طيار، ويبدو أن هذه العقلية لا تقتصر على الجيش وحده.

وعلى الرغم من أهمية هذه التكنولوجيات لخوض المعارك الرئيسية وأثرها المحتمل سواء إن كان إيجابيا أو سلبيا، فربما تنفع هذه أكثر في معالجة الحالات الطارئة الأقل حجما والتي تنتج عن أطراف منفردة وليست عن دول. ويقر اندرو مارشال أن هذه التحديات التي يتوقع أن تزداد أهميتها تلقت اهتماماً أقل من وزارة الدفاع، لكن المفكر المستقبلي ويليام هلال من جامعة جورج واشنطن يقول إنه خلال ثلاثين سنة سيكون العالم مقسما إلى مدن تضم حوالي عشرة مليارات نسمة. وهذا سيضغط قدرة الدول على حكمها بشكل جيد، وسيؤدي هذا الضغط إلى خلافات على الموارد وستكون بين أطراف منفردة.

=