الشحوم الانتقالية «الأكثر ضررا في النظام الغذائي الأميركي»

شركات التكنولوجيا الحيوية تحاول تلميع أعمالها بإنتاج محاصيل تخلو من الشحوم الضارة

TT

تعتبر الشحوم الانتقالية «الأكثر ضرراً في النظام الغذائي الأميركي». وحظيت الجهود المبذولة لفصلها عن الاطعمة، بدعم قوي من قطاع الصناعات المعنية بالتكنولوجيا الحيوية، اذ اعلنت «مونسانتو»، اكبر شركة زراعية في مؤتمر «الجمعية الغذائية الأميركية» بمدينة سان أنتونيو، الذي عقد قبل اكثر من شهر، عن برنامج من ثلاث مراحل يهدف الى تطوير فول الصويا بحيث يمكن تقديم مواد غذائية منه تكون خالية من الشحوم الانتقالية.

وهذا يعني بالنسبة للمستهلك الحصول على بطاطس مقلية، وكعك، ومقليات اخرى، كلها خالية من الشحوم المشبَعة والانتقالية. وتتحدد الخطة كالتالي: المرحلة الأولى: تبدأ مع فول الصويا الذي تنتجه شركة «مونسانتو» الذي ينتج باستخدام طرق الهندسة الوراثية لتأمين مقاومته للأعشاب الضارة. ثم وباستخدام طرق انتاج تقليدية للحصول على مُنتَج ذي مستوى منخفض من حامض اللينولنيك Linolenic acid ، وهذا يعني انه يظل لفترة طويلة من دون ان يكتسب الهيدروجين أي أن «يتهدرج».

المرحلة الثانية: تأخذ شركة «مونسانتو» يتم انتاج الفول الحامل لدرجة منخفضة من حامض اللينولنيك من خلال الزراعة التقليدية وهذا يجعله ذا درجة عالية من الشحوم المشبعة أحادياً، حيث سيتم انتاج زيت صويا شبيه بزيت الزيتون لكنه ذو طعم اكثر اعتدالاً. وستكون الحبوب متوفرة خلال اربع الى خمس سنوات.

المرحلة الثالثة: يتم مرز (قرص) الفول لتخفيض نسبة الشحم المشبع به الى 1 في المائة، وبذا سيكون مستقراً، من دون ان يكسب الهيدروجين، وغنيا بالشحوم غير المضرة ذات الاشباع الأحادي، وهذه ستكون خالية تقريباً من أي شحوم انتقالية حتى لو كانت مهدرَجة (أي فيها هيدروجين). وتقول «مونسانتو» إن تنفيذ ذلك سيتطلب ثمانية اعوام.

* رفض شعبي

* وتعبد الجهود الجديدة، الطريق الى الأغذية المصنَّعة بيولوجيا لاخراجها من السرية. ولن يكون على المنتجين ان يخفوا حقيقة ان منتجاتهم قد صنعت مع عناصر انتجت بواسطة التكنولوجيا الحيوية، لأن ميدان الهندسة الوراثية في الزراعة يسبب الازعاج لبعض الناس. بل ان بعض المستهلكين يعبر عن تذمره منها. وقال أحد المشترين ان هناك «شكوكاً» حول منتجات التكنولوجيا البيولوجية. لكن الاتجاه العام حالياً، باتجاه «جعل كل شيء مادة لا تسبب السمنة»، قد يتغلب على هذه الشكوك.

ويشعر بعض الناشطين المعارضين للأغذية المعدلة وراثياً، ان هذه التجربة ستكون شبيهة بتلك التي كانت تهدف الى انتاج «الرز الذهبي» الذي يحتوي على مستويات أعلى من فيتنامين «إيه»، وقد تم الترويج له بكثافة من قبل قطاع الصناعة الذي تستخدم فيه التكنولوجيا البيولوجية حيث قالت الاعلانات التجارية انه سيحمي الأطفال في البلدان النامية من الأمراض. لكن «الرز الذهبي» لم يصل قط إلى حقول المزارعين لأسباب تقنية ومالية ومشاكل تتعلق ببراءة الاختراع. والأمر ما زال غير واضح فيما اذا كان فعلا سيجد طريقه الى المستهلك. وقال مايك جاكوبسون من مركز العلوم ومصلحة الجمهور: «لماذا لا نسمي هذا المشروع فقط بفول الصويا الذهبي».

لكن مع القوانين الجديدة التي سيتم تطبيقها ابتداء من سنة 2006 فان المنتجين سيجبرون على تسجيل نسبة الشحوم الانتقالية على منتجاتهم، وهذا ما سيجبر الصناعة الغذائية على ايجاد الطرق التي تسمح بتخفيض نسبها في الأطعمة. ويقول كيم سفرسون صاحب كتاب «حل الشحوم الانتقالية.. الطبخ والتبضع للتخلص من الشحم الفتاك من غذائك» ان «المهمة رقم واحد في أذهان منتجي الأغذية هو كيفية الحصول على زيت خال من الشحوم الانتقالية بحيث يمكن استخدامه في أوعية القلي وإعداد الكعك والمعجنات الأخرى».

لكن يظل السؤال مفتوحاً حول المدى الذي سيتمكن فيه هذا الزيت من التخلص من الشحم الانتقالي حسبما تقول أليس ليختنشتاين من جامعة بوسطن التي تشير الى ان «المسألة أصبحت الآن هي مقدار الشحم الحيواني والمهدرج اللذين سيتم التخلص منهما من الغذاء الأميركي، فالتخلص من جزء منه غير كاف، أما التخلص من جزء كبير نسبيا من الشحوم المشبعة فانه سيكون جيدا».

لكن اذا كان ذلك سيؤدي الى ان يتناول الناس أغذية اكثر صحية، فان جاكوبسون الذي تسمى منظمته احياناً بـ«شرطة الطعام» قد يؤيد ذلك. يقول جاكوبسون معلقاً: «الناس لا تتجنب ماكدونالدز لأن البطاطا المقلية سيئة. اذا استطعنا ان نقنع الناس بالتوقف عن أكلها فانه يجب علينا أن ننتج شيئا ًافضل منها».

من ناحية اخرى ستواجه الشركات أوقاتا صعبة لبيع اغذية معدلة وراثياً من منطلق انها أغذية صحية حسبما يقول ماريون نستل بروفسور التغذية في جامعة نيويورك ومؤلف كتاب «السياسة الغذائية»، ويضيف «بالتأكيد فان الأفراد الحذرين من الشحوم الانتقالية هم ايضا حذرون من مخاطر الاطعمة المعدلة وراثياً. ولذا فهذه المبادرة تبدو كأنها محاولة يائسة من شركات التكنولوجيا البيولوجية لايجاد شيء مفيد لهندسته وراثياً».

* خدمة «يو.إس.إيه توداي» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»