تزايد المخاوف من تخلي شركات للأدوية عن أبحاث المضادات الحيوية

TT

لندن ـ رويترز: بينما تتربص جراثيم فائقة الخطورة بالمستشفيات وتعود أمراض قاتلة للظهور مثل السل فان العالم في أمس الحاجة الى مضادات حيوية أقوى.

لكن الموارد المخصصة للتوصل الى علاجات حديدة بدأت تنضب حيث تتعلل شركات الادوية بهبوط العائد المالي وتركز الان على الامراض المزمنة مثل ارتفاع الكولسترول في الدم، اذ ان المصابين بهذه الامراض يستمرون في تناول الادوية عدة سنوات مما يحقق أرباحا أكبر من المضادات الحيوية التي تشفي امراضا في اسبوعين أو ثلاثة أسابيع.

ويسبب تقلص الترسانة الدوائية قلقا متزايدا لدى المسؤولين الصحيين ويثير نقاشا حادا بين المشرعين وشركات الادوية حول سبل زيادة الاستثمارات في هذا المجال.

وقال ريتشارد لانج خبير الادوية بمنظمة الصحة العالمية في جنيف «ان النقص النسبي في ابحاث الادوية المضادة للميكروبات يبعث على القلق وهو يرجع جزئيا الى العائد المالي الناتج عن استخدامها».

وأضاف «من الواضح ان هناك مخاطرة محتملة بسبب تزايد مقاومة الجراثيم للادوية بحيث لن توجد مضادات ميكروبية فعالة في المستقبل».

وفي المعركة المحتدمة بين الانسان والميكروب فان البكتيريا المقاومة لاكثر من نوع من المضادات الحيوية تحرز انتصارا.

على سبيل المثال كان وجود السلالات الميكروبية المقاومة للميثيسيللين يقتصر على المستشفيات. لكنها الان تنتشر على مدى أوسع. وبعض الاصابات تقاوم حتى عقار فانكوميسين القوي الذي يستخدم في العادة كملاذ أخير.

وقالت الجمعية الأميركية للامراض المعدية التي تضم اكثر من 7500 طبيب وعالم في تقرير الشهر الماضي ان نذر عاصفة تتجمع في مجال الامراض المعدية.

وقد تمت الموافقة على تسعة مضادات حيوية فقط منذ 1998 منها اثنان فقط لهما مفعول جديد بينما تشير تقارير سنوية لشركات كبرى للادوية الى تطوير خمسة مضادات حيوية جديدة من أكثر من 400 دواء تم انتاجها.

وانسحبت بعض الشركات مثل ايلي ليلي وروش القابضة من ساحة المضادات الحيوية بينما قلصت عدة شركات اخرى الاستثمار في هذا المجال.

وتقول الصناعة ان الاقتصادات غير مشجعة.

وقال الخبير المخضرم فرانسيس تالي المدير السابق لوحدة ليدرل للمضادات الحيوية التابعة لشركة ويث «الشركات لا تبتكر اي دواء الا اذا تأكدت من امكان تحقيق مبيعات سنوية بين 400 مليون و500 مليون دولار ولذلك تتخلى عن المضادات الحيوية».

ويعمل تالي حاليا كبير المسؤولين العلميين في شركة كيوبيست للمستحضرات الدوائية التي كانت في العام الماضي اول شركة عاملة في مجال التقنية الحيوية تطلق مضادا حيويا جديدا اسمه كيوبيسين.

وبينما تحقق عدة شركات للادوية نموا في المبيعات تتجاوز نسبته عشرة في المائة فان سوق المضادات الحيوية ضعيف ويمكن ان يتقلص ببدء بيع منتجات رخيصة لا تحمل العلامة التجارية من دواءين تنتجهما أصلا شركتا جلاكسوسميث كلاين وباير وهما أوجمنتين وسيبرو على الترتيب.

ومن المضادات الحيوية الجديدة القليلة التي نزلت الى السوق زيفوكس من شركة فايزر. ولكن العائدات قليلة بسبب الاعباء التي تفرضها اللوائح والقوانين التنظيمية.

وقال تريفور جونز المدير العام لرابطة صناعة العقاقير الدوائية البريطانية التي تمثل اكبر صناع الادوية في اوروبا «زادت المتطلبات التنظيمية الى مستوى يشير الى ان الاستثمارات لم تعد مبررة».

وتجلت هذه المشكلة في المصير الذي لقيه المضاد الحيوي الجديد كيتيك الذي اضطرت القوانين الشركة الفرنسية ـ الالمانية المنتجة له الى تجربته على 24 ألف مريض بتكلفة كبيرة.

وقال تالي «أثار هذا خوفا شديدا من شركات الادوية لان الدواء لم يحصل رغم كل ذلك على موافقة سلطات الولايات المتحدة».

وأضاف «الامر الاخر الذي يخيف الشركات الكبرى هو أنه عندما يوجد دواء لعلاج البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية الاخرى فان المستشفيات تميل الى الحد من استعماله وتبقيه مخزونا لديها الامر الذي يقلل من المبيعات».

وفي محاولة لاحياء تطوير المضادات الحيوية تسعى شركات لدى كل من ادارة الاغذية والعقاقير في الولايات المتحدة ووكالة تقييم الادوية في اوروبا للحصول على حوافز تضفي «حلاوة» على الاستثمار في مضادات حيوية جديدة.

ومن الخيارات المطروحة التخفيف من بعض اشتراطات التجارب الاكلينيكة على أساس أن المضادات الحيوية التي تفيد ضد البكتيريا المقاومة للمضادات الاخرى تعامل كملاذ أخير ولن تستخدم الا في علاج عدد قليل من المرضى على أية حال.

فكرة أخرى تحبذها الشركات هي تمديد فترة العلامة التجارية لادوية بعينها شريطة اعادة استثمار الارباح في البحوث والتطوير. ولكن في وقت تتعرض فيه صناعة الادوية لهجوم شرس بسبب العلامات التجارية لادوية الايدز مرتفعة السعر وبسبب ارتفاع تكلفة الادوية عموما والذي يخنق أنظمة الرعاية الصحية، فان نجاح هذه الفكرة يبدو بالغ الصعوبة.