استخدام الطحالب البحرية كمصادر للعقاقير من أجل معالجة الفيروسات

TT

يمكن للنباتات المائية المعدلة وراثيا أن تكون مصدرا لصناعة أدوية عالية الفعالية ورخيصة الثمن قد تعين الطب في التغلب على الكثير من المشاكل الصحية التي تعاني منها البلدان الفقيرة، علما أن الطحالب والأشنات البحرية يمكن أن تكون مصدرا رخيصا للبروتين الإنساني أيضا.

ويعتقد العلماء الأميركيون أن بوسع صناعة العقاقير الدولية في المستقبل أن تصنع أدوية خاصة من الأحياء النباتية البحرية. وجاء هذا الإعلان بعدما نجح هؤلاء العلماء في إنتاج وتجربة جزيئات بروتينية معقدة من طحالب الماء. وقال البروفيسور ستيفن ب. مايفيلد، عالم الكيمياء الخلوية من معهد أبحاث سكريبس (كاليفورنيا ) إن الطحالب «توفر طريقة أسرع وأكثر فعالية لإنتاج البروتين البشري العلاجي».

ويرى الباحثون أن سبب تفوق الطحالب على مصادر البروتين الأخرى مثل الاستنبات البكتيري في المختبر وخلايا الحيوانات اللبونة هو حاجتها الأقل كثيرا للرعاية. فهي تحصل على الطاقة الشمسية وثاني أوكسيد الكربون الذي تحتاجه لنموها من بيئتها المحيطة. ثم انه ثبت من التجارب، حسب تصريح مايفيلد، إنه من الممكن إنتاج بروتينات كبيرة ومعقدة الجزيئات، مثل الأجسام المضادة، بكميات كبيرة من الطحالب والأشنات.

عمل مايفيلد وزملائه على إحداث تعديلات وراثية معينة على الطحالب من نوعChlamydomonas Reinhardtii بعدما نجحوا في تسريب جين مختص ببناء البروتينات البشرية إلى الخريطة الوراثية لهذه الطحالب. ونالت الخلايا المعدلة على السطوح الخضراء ما تحتاجه من طاقة شمسية وغاز ثاني أوكسيد الكربون ونمت معها جزيئات البروتين البشري الكبيرة. وهذا ليس كل شيء لأن مايفيلد وزملاءه نجحوا بعد ذلك، ومن خلال عملية تقنية معينة، في فصل البروتين البشري عن الطحالب وبالتالي توفير ما يمكن من البروتينات الوقائية. وهو أول نجاح من نوعه في الطحالب لأن العلماء ركزوا في السابق على تغيير الخريطة الوراثية للبكتيريا سعيا وراء إنتاج البروتين. إلا أن البكتيريا غير صالحة لإنتاج الجزيئات البروتينية المعقدة وذات الحجم الكبير.

واستخدم العلماء حتى الآن خلايا الحيوانات اللبونة في إنتاج البروتينات البشرية المعقدة. إلا أنه ثبت بالتجربة إن هذه المحاولات كانت معقدة وبالغة الثمن، الأمر الذي دفع مايفيلد وزملاءه للتحول إلى المصادر الأسهل والأقل كلفة ولقوا ضالتهم في الطحالب والأشنات المائية.

وواقع الحال أن مايفيلد نجح حاليا في استخدام الطحالب لإنتاج أجسام مضادة لفيروسات الحلأ (هيربيس Herpes). ومعروف إن الأجسام المضادة هي بروتينات تنتجها الخلايا المناعية في الجسم لمكافحة مختلف أنواع الجراثيم مثل البكتيريا والفيروسات وغيرها من الطفيليات.

كما تعمل الأجسام المضادة على قرع أجراس الإنذار في أروقة الجسم المختلفة وتحفز بالتالي عملية مقاومة الجسم للالتهابات.

ويتوقع مايفيلد أن تستخدم جزيئات البروتينات المستقاة من الطحالب في صناعة مراهم ومحاليل لمعالجة الحلأ. وهو حل مناسب جدا للبلدان الفقيرة لأن كلفة تنمية وإنتاج الطحالب المعدلة وراثيا هي كلفة قليلة. وعبر الباحث عن قناعته بأن فريق العمل «قادر حاليا على تسريب أي جين إلى الطحالب وجعلها تنمو معها». ويمكن بهذه الصورة إنتاج أكثر من 200 نوع من البروتينات البشرية التي يمكن استخدامها كأجسام مضادة في مقارعة الأمراض السرطانية والاصابات الالتهابية والعقاقير المضادة لالتهابات المفاصل.

ومن الممكن بالطبع استخدام الطريقة مع كل أنواع الطحالب والأشنات المعروفة التي تنمو بسهولة وبشكل طبيعي أحيانا في المياه. وهذا يعني أن كل تغيير في نوع الطحلب، وفي نوع الجين المسرب، قد يعين الطب في إنتاج جسم مضاد جديد لعديد من الأمراض الأخرى.