خلايا الوقود ستشق طريقها إلى المنازل والمكاتب قبل تسيير السيارات

توليد الكهرباء بعملية كيماوية عن طريق مزج الهيدروجين والأوكسجين والحصيلة الجانبية ماء نقي

TT

بدأ مصنعو خلايا الوقود Fuel Cells باستخدام تكنولوجيتهم النظيفة والقوية في انتاج منتجات تستطيع تزويد البيوت والمكاتب بالطاقة. وكانت شركة «جنرال موتورز» قد اعلنت قبل عامين ان الخلايا الوقودية هذه قد تصبح متاحة للاستعمال في البيوت والمكاتب الصغيرة قبل استعمالها في السيارات.

وقد قامت شركة بالارد لأنظمة الطاقة Ballard Power Systems، وهي أهم موزع لخلايا الوقود لشركة فورد وديملر كرايزلر بتزويد شركة كولمان بتكنولوجيتها. ومن المتوقع ان تعلن الشركة الأخيرة أول انتاج لخلايا الوقود ألا وهو مولد جوال للطاقة.

وصرحت برناديت غيير الناطقة باسم المعهد الأميركي للخلايا الوقودية ان الأبحاث التي قاموا بها للتقليص من حجم الخلايا ساعدت على جعل هذه التكنولوجيا متاحة في الأسواق.

ومن المعروف ان خلايا الوقود نالت اهتماما كبيرا هذا العام، خصوصا بعد أزمة الطاقة التي عرفتها مدينة كاليفورنيا. كما حظيت هذه التكنولوجيا باهتمام الرئيس الأميركي جورج بوش والمديرين في شركة جنرال موترز الذين اطلقوا الوعود بالتقليص من التسخين العالمي واستيراد النفط.

من جهة أخرى، يلاحظ ان موقف الدعم الفيدرالي الأميركي للتكنولوجيا كان متقلبا خلال السنوات الماضية. ويقول مسؤولو قسم الطاقة إن الدعم قد يصل الى اعلى نسبة عرفتها التكنولوجيا، بعدما تمت المصادقة على 600 مليون دولار لتزويد مشروع الخلايا الوقودية.

وقد قام بعض المصنعين بتصميم خلايا وقود اختبارية للسيارات ووحدات قوة للمكاتب الصغيرة، في حين تبقى الشركات الكبرى و«وول ستريت» تضخ الأموال لغرض الأبحاث والتطوير.

والمعلوم ان الخلايا الوقودية تولد الكهرباء من خلال عملية كيماوية، بدلا من حرق الفحم أو الغاز لتحريك التربينة أو العنفة أو دفع المكبس. وتقوم هذه الخلايا بمزج غاز الهيدروجين مع غاز الأوكسجين في عملية تزيل الالكترونات وتنتج الطاقة الكهربائية، بينما تختلط جزيئات الهيدروجين مع الأوكسجين منتجة الماء النقي كحصيلة ثانية.

ومن الممكن استخدام غاز الميثان أو الغاز الطبيعي أو حتى الغازولين داخل الخلايا الوقودية، إلا ان هذه العملية تجعل الحصيلة الثانية تحتوي على كمية أكبر من غاز ثاني أكسيد الكربون. وتشتغل الخلايا ببطء وتستطيع انتاج الحرارة التي يمكن الاستفادة منها لتسخين أو تبريد المباني.

لكن السؤال المهم يبقى حول استطاعة هذه الخلايا الوقودية النجاح في مهمتها، أم انها ستنتهي كما انتهت في سيارات الكهرباء أو سيارات الطاقة الشمسية والتي تعد تكنولوجيا نظيفة كانت قد أظهرت قدرات جيدة إلا انها لم تصل الى ما كان يتوقع منها. والمعروف انه في منتصف الثمانينات، حظيت هذه الخلايا بسلسلة من الحملات الدعائية وجربت عينات منها، إلا انه تبيّن ان الاختبارات كانت مكلفة للغاية مما أدى الى ترك المشروع.

وقد صرح آتاكان أوزبيك، مدير ابحاث الطاقة في شركة «آلايد بزنس انتلجنس» Allied Business Intelligence: «هذه المرة ستكون العملية مختلفة، لأن العديد من شركات السيارات الكبرى والشركات الصناعية العالمية تقوم بانفاق مئات الملايين من الدولارات لتطوير خلايا الوقود». واضاف: «لم نر هذا العمل في الصناعة الشمسية وسوف تنجح هذه الخلايا لكننا لا ندري متى». ويتوقع أوزبيك ان الطاقة الكهربائية المولدة بواسطة الخلايا الوقودية سترتفع من 75 ميغاوات (مليون وات) الى 150 ألف ميغاوات عام 2011. وصرح مضيفا: «هذه العملية ستتطلب الكثير من الوقت ولن تحدث بين ليلة وضحاها».

ويتفق مع أوزبيك قسم الخلايا الوقودية الدولي وهو ضمن اتحاد عملاق الصناعة «يونايتد تكنولوجيز» United Technologies الذي بدأ بتطوير هذه الخلايا لفائدة برنامج الفضاء الأميركي في أواخر الستينات. وكان القسم الذي يعرف بـ «آي إف سي» ويعد الأب الروحي للصناعة قد قام ببيع أكثر من 200 خلية وقودية مما جعل هذا القسم يصبح واحدا من الشركات القليلة التي تتمتع بمنتوج تجاري.

ومن بين زبائن هذا القسم، مكتب بريد في انكوراج في ألاسكا، ومركز شرطة في سنترال بارك بمدينة نيويورك، بالاضافة الى أول بنك أوماها الوطني، وكل هذه تحتاج الى مصادر كهرباء يمكن الاعتماد عليها.

ويتوقع العديد من الخبراء، ان تجد هذه الخلايا عددا من الأسواق النامية، إلا ان منافسة محركات الغازولين أو توليد الطاقة الكهربائية بواسطة الفحم تبقى مسألة بعيدة المنال. وفي هذا الوقت، بدأ مصنعو السيارات بإنفاق مئات ملايين الدولارات مقابل الخلايا الوقودية، الا ان المتوقع ان اول تجربة ستطبق في هذا المجال ستكون على إحدى حافلات القطاع العام. وتخطط شركة الترانزيت أيه سي وسلطة الترانزيت في هضبة سانتا كلارا اللتان تقومان بمهمات النقل العام في ضواحي منطقة سان فرانسيسكو لاستخدام حافلات بخلايا وقودية عام 2013.

وتتوقع شركة ديملر كرايزلر، بيع 30 حافلة من نوع مرسيدس في العديد من المدن حول أوروبا في العام المقبل تعمل بخلايا الوقود.

إلا ان عدداً طفيفاً فقط من سيارات الخلايا الوقودية سيتم تصنيعه العام المقبل، وهذه السيارات التي تعتبر صديقة للبيئة، لن تدخل معارض السيارات بأعداد كبيرة حتى نهاية العقد على الأقل.

وقد صرح ديفيد كول، رئيس مركز أبحاث تصاميم السيارات بمنطقة آن آربر بمدينة ميشيغن: «لا تتوقعوا حجماً كبيراً من الإنتاج لهذه السيارات، فهذا ليس على شاشة الرادار إلى حد الآن». واضاف قائلا: «احد المخاوف عندي هو الحماس الزائد أمام صناعة السيارات ذات الخلايا الوقودية لتحفيزها على الإنتاج».

وخلال العام الماضي، لوحظ ان سيارات الخلايا الوقودية بدأت تحل محل السيارات الكهربائية، كحل أخير لسيارات التشغيل النظيف. وقد قامت شركات هوندا، وفورد، وديملر كرايزلر، بالاضافة إلى نيسان، بتصميم سيارات خلايا وقودية تشغل بواسطة غاز الهيدروجين.

من جهة اخرى، أعلنت شركة هيونداي انها انتهت من تصميم سيارة تعمل بالخلايا الوقودية، تستطيع قطع مسافة 250 ميلا، مستهلكة برميلاً واحداً فقط من الهيدروجين. وتقوم شركة بالارد باور سيستمز، التي تمتلكها جزئياً كل من فورد وديملر كرايزلر، بتعجيل عملية إتاحة الخلايا الوقودية لصانعي السيارات.

وقد ذكر بول بالارد، الرئيس المالي السابق للشركة، ان الحافلات والسيارات الكبيرة الحجم، ستكون أول أسواق للخلايا الوقودية. والمعلوم أن شركة بالارد، تقوم بتصنيع خلايا وقودية تستطيع تزويد المكاتب الصغيرة ومولدات الكهرباء الجوالة بالطاقة.

على صعيد آخر، يلاحظ ان تكلفة تصنيع سيارات الخلايا الوقودية، عرفت انخفاضا هائلا، إلا انها تبقى حوالي 10 اضعاف مما تكلفه سيارات الغازولين، كما يؤكد كول.

بالاضافة الى ذلك، يعرف عن الخلايا الوقودية انها تواجه مشاكل عديدة في فترة البرد القارس، وفي حالات الانطلاق السريع، الا انه من الممكن تقليص هذه المشاكل عن طريق اضافة البطاريات ومحركات الغازولين اليها، كما يقول كول.