سوق الأجهزة الكهربائية في السعودية

سيطرة كورية على المنتجات بعد تراجع اليابانيين .. والصينيون قادمون بقوة

TT

دفع النمط الحياتي للإنسان المعاصر ومنها تسارع وتيرة الحياة نفسها إلى انتشار حمى الشراء لدى الناس لكل ما يطرح من سلع سواء كانت استهلاكية أو اليكترونية أو كهربائية على حد سواء التي تعد من أساسيات المنزل الحديث خاصة تلك التي تطرح للمستهلك بأسلوب مبتكر يسيل له اللعاب.

وتساهم الشركات المنتجة بدورها في بروز تشكيلة واسعة من هذه الأجهزة المنزلية ذات الخصائص والوظائف المبتكرة التي تلبي حاجة المستهلك ومنها على سبيل المثال أجهزة المايكرويف التي تضع بين يدي ربة المنزل حلول الطهي بالموجات الكهرومغناطيسية وتقنيات الحمل الحراري والأفران والمكانس الكهربائية والغسالات وأجهزة التكييف بالطبع.

وكشفت جولة سريعة في سوق الأجهزة الكهربائية عن سيطرة كورية على سوق الأجهزة الكهربائية بالرغم من جودة المنتجات الأميركية والألمانية واليابانية والإيطالية التي حافظت على مكتسباتها في سوق أفران الطبخ لسنوات طويلة، والمنافسة الشديدة من الشركات الأخرى في هذا المجال، فيما حافظت الشركات اليابانية على قطاع الإليكترونيات التي تخصصت فيه بدون اللجوء إلى دخول خطوط الأجهزة الكهربائية الأخرى فيما حافظت المنتجات الأميركية والألمانية بجودة وارتفاع أسعارها نسبياً.

ويقول عبد المنعم ص، الذي يعمل في إحدى المؤسسات العاملة في مجال الأجهزة الإليكترونية في جدة: بالرغم من الجودة الأميركية المعهودة فان الكوريين يسيطرون الآن سيطرة شبه كاملة على سوق الأجهزة الكهربائية بعد أن خف الطلب على المنتجات اليابانية لأسباب تتعلق بالأسعار، وأن المنتجات اليابانية متوفرة في السوق وعليها طلب ولكن بكميات أقل من مثيلاتها الكورية، خاصة أن العديد من الشركات اليابانية المتوفرة منتجاتها في السوق السعودي يتم تجميعها في الغالب خارج اليابان بسبب ارتفاع أسعار الأيدي هناك، ولكن الشركات الكبيرة والمعروفة، مثل باناسونيك وسوني وشارب، ما زالت موجودة في السوق السعودي بمنتجات تم تجميعها خارج اليابان في ماليزيا الصين وذلك لمواجهة التكلفة وأيضاً لمقابلة أسعار الشركات الأخرى الكورية وغيرها التي تعرض منتجاتها بأسعار شبه مقبولة من قبل المستهلك.

ويضيف: المنتجات الكورية سيطرت الآن على سوق المنتجات الكهربائية بعد أن كسرت حاجز الخوف الذي كان ينتاب المستهلك السعودي فيما يتعلق بالجودة في السابق. علاوة على ذلك هناك في وقتنا الحاضر تقليعة جديدة هي المنتجات الصينية التي أصبحت تزحف نحو الصفوف الأمامية في سوق المنتجات الكهربائية في السعودية، بغض النظر عن جودتها التي لا نستطيع القول بأن جميع المنتجات الصينية غير جيدة باعتبار أن هناك استثناء لابد من وجوده، وأتوقع بعد ست أو سبع سنوات أن تنافس الصين في مجال الأجهزة الكهربائية كوريا الساعية بقوة للفوز بكعكة سوق هذا القطاع.

من جانبه قال متعامل آخر في سوق الأجهزة الكهربائية والإليكترونية ان المنتجات الصينية في الوقت الحاضر تمر بنفس المرحلة التي مرت بها المنتجات الكورية أثناء دخولها السوق السعودي لأول مرة من عدم قبول وريبة من قبل المستهلك بجودتها، ولكن هذا الاعتقاد سرعان ما سيتلاشى في المستقبل القريب جداً، وأضاف: هذا الاعتقاد بالطبع مبني على المشاهدات اليومية ومن خلال التعامل المباشر مع المستهلك يوماً بيوم، ولهذا لا استبعد أن توازي مبيعات المنتجات الصينية في السوق السعودي مبيعات الكوريين من هذه السلع خلال السنوات القليلة المقبلة خاصة أن بعض المستهلكين اكتسبوا ميزة التعرف على المنتج الصيني الجيد من تلك التي لا تتسم بالجودة.

ويضيف بالقول: عموماً المنتجات الكورية وخاصة في مجال الإليكترونيات تعتبر ممتازة ومعروفة لدى المستهلك السعودي، وهناك ماركات كورية معروفة، مثل سامسونج، وإل جي، وهما الشركتان الرائدتان في مجال الإليكترونيات. وقد ساهمت الأسعار المقبولة نسبياً لهذه المنتجات في رواجها بعد أن توجهت هذه الشركات بدورها لتجميع منتجاتها خارج كوريا أسوة باليابانيين مما أدى بدوره إلى خفض التكلفة على تلك الشركات لينعكس بدوره على سعر السلعة نفسها في السوق، فمثلاً جهاز التلفزيون من صناعة كورية الذي كان سعره يصل إلى 500 ريال سعودي انخفض سعره الآن الى نحو 450 ريالاً بعد أن تم تجميعه خارج كوريا وهذا مثال بسيط وهو ما يخلق نوعا من التنافس السعري بين الشركات المنتجة لذلك تجدها (الشركات) تتوجه إلى بلدان أخرى لتصنيع منتجاتها مستفيدة من رخص الأيدي العاملة في بلد المنتج.

وفي مجال الثلاجات فان منتجات «سامسونج» أصبحت تكتسب سمعة جيدة لكونها تناسب أصحاب الدخل المحدود والمتزوجين حديثاً الذين يسعون لتأسيس منزل الزوجية حسب إمكاناتهم المادية، وهنا يقول عبد المنعم: خلال تعاملي في السوق نادراً ما أجد شخصا يشتكي من رداءة ثلاجة كورية اشتراها من محلنا قبل انتهاء فترة الضمان، وهذا دليل آخر على متانة هذه المنتجات التي أصبحت تستحوذ القبول من فئة الدخل المحدود، ليس هذا فقط بل المكيفات الكورية أصبحت تحتل الدرجة الثانية من حيث استحواذها على السوق، صحيح أنها لا تأتي في الدرجة الأولى لأن هناك الأفضل منها في السوق، مثل ماركات «متسوبيشي» و«شارب» اليابانيتين و«يورك» و«جنرا» الأميركيتين، التي تحظى بقبول كبير من قبل المستهلك السعودي منذ سنوات طويلة بالرغم من أسعارها المرتفعة نسبيا،ً ومما ساعد على ذلك اتخاذ بعض الشركات اليابانية لنفسها خطا واحدا من التصنيع حتى أبدعت فيها، وهناك على سبيل المثال شركة سوني اليابانية المتخصصة في مجال الإليكترونيات وملحقاتها التي أبدعت فيها، لذلك لا تجد في السوق ثلاجة أو غسالة من نوع سوني على سبيل المثال. وفيما يتعلق بسوق الأفران الكهربائية يقول عبد المنعم: الأفران الإيطالية تحتل المقدمة ولا ينافسها أحد في هذا المجال بالرغم من تشبع السوق بنوعيات مختلفة منها، وتأتي على رأس الماركات الإيطالية أفران«جليم» glim التي توفر الأمان والحماية التامة بالنسبة لربة المنزل باعتبار أن هذه الأجهزة من أخطر الأجهزة الكهربائية التي يحويها المنزل وتتسبب في مخاطر كبيرة في حالة تعرضها لخلل ما. ثم تأتي ماركة «تكنو غاز» techno gaz في المرتبة الثانية من حيث استحواذها على السوق، بينما تحتل أفران «تريم» trem المرتبة الثالثة من حيث الطلب، مما دعا عددا من الشركات المصنعة لأفران الطبخ التوجه إلى إيطاليا لإقامة مصانعها هناك حتى تكتسب التقنية الإيطالية في هذا المجال.

وقال ان هذه المنتجات كسبت ثقة السعوديين على مدى سنوات وجودها في السوق السعودي، وأن أول سؤال يبادرك به المشتري عند دخوله المعرض هو: هل لديك فرن «جليم» الإيطالي وهذه الثقة حسب اعتقادي تراكمت خلال سنوات طويلة من التعامل المباشر بين المستهلك والمنتج الإيطالي الذي حافظ على جودة منتجه لسنوات طويلة بالرغم من وجود صناعات معروفة بجودتها كالألمانية والأميركية عموماً.

ويضيف: هناك شركات عربية دخلت السوق السعودي أخيراً بمنتجاتها من الأفران، مثل مصر والأردن وسورية، ولكنها ليست بمستوى تلك الماركات التي نتحدث عنها، وهذه المنتجات لم تنل ثقة الزبون حتى الآن بالرغم من وجودها في السوق منذ مدة ليست بقليلة، ولكن المستهلك ما زال ينظر إليها نظرة غير الواثق من جودتها وأنها أقل من مثيلاتها من الماركات الإيطالية واليابانية والكورية وحتى الصينية باعتبار أن المنتجات الصينية لا تجد لدى الكثيرين الرضا والقبول كالذي تجده الماركات العالمية التي مضى على وجودها في السوق ردحاً من الزمن ولا يقبل بديلاً عنها.

وحتى فيما يتعلق بأجهزة الميكرويف فان المنتجات الكورية لها فيها وجود قوي من خلال منتجات إل جي وسامسونج في السوق، وهنا يقول عبد المنعم : ان الكوريين فرضوا نمطا معينا على المطبخ السعودي ككل بطرحها لنوعيات مختلفة من أجهزة الطبخ السريعة التي تتماشى مع نمط الحياة السريع نسبياً، ويضيف: إضافة إلى المنتجات الكورية في مجال أجهزة الميكرويف هناك منتجات شارب اليابانية وأخيراً باناسونيك التي دخلت السوق بأنواع حديثة ومتطورة في هذا القطاع، فالسوق السعودي يعج بماركات كثيرة ومختلفة من حيث الأداء والجودة، وقد لجأت هذه الشركات ـ في سعيها للاستحواذ على رضا المستهلك وكسبه إلى جانبهاـ إلى تعريف شريحة تشغيل هذه الأجهزة حتى يسهل التعامل معها من قبل المستهلك السعودي والعربي وهي التي تشهد الرواج والقبول في وقتنا الحالي. وفي مجال المكانس الكهربائية يقول انه بالرغم من توفر الماركات الكثيرة والمتنوعة في السوق، فالطلب عموماً يكثر على ماركتي «سانيو» و«هيتاشي» اليابانيتين وهو ما يفسر وجود اختلاف الطلب من قبل المستهلك على ماركة معينة وبين منتج وآخر. وحتى فيما يخص الجودة ففي مجال الغسالات الكهربائية مثلاً فان الطلب يتجه أكثر على غسالة «سوني» موديل (1070) ذات الحوضين، ويقول: هذه الغسالة مثلا لا توجد غسالة من صناعة اليابان غيرها، وهي من أقدم الغسالات اليابانية في السوق نفسه، صحيح أن سعرها مرتفع قليلاً ولكن ثقة الزبون بهذا الموديل ما زالت في محلها، أما فيما يتعلق بالثلاجات والحديث لـ ـ عبد المنعم ـ فإن الطلب يكثر على منتجات «سامسونج» و«إل جي» و «شارب» و«جنرال إليكتريك» الأميركية.