دراسة سويدية تحذر من تآكل حاويات النفايات النووية المطمورة بفعل البكتيريا

الخوف من تسرب الإشعاعات إلى المياه الجوفية والتربة عشية محاولة حفر مقبرة نووية جديدة

TT

تفضل سلطات الرقابة على النفايات النووية في أوروبا طمر هذه النفايات في «مقابر» عميقة في الأرض بانتظار أن «تبرد» وتفقد قابلياتها الاشعاعية. ويذهب العلماء حتى الآن إلى أن هذه الطريقة هي المثلى في التخلص من النفايات النووية رغم بعض التحذيرات من احتمال تسرب بعض الاشعاعات إلى المياه الجوفية والتربة. ولأن السويد وفنلندا تحاولان حفر «مقبرة» جديدة للنفايات النووية في منطقة «اسبو» في فنلندا يبدأ العمل بها عام 2015 فقد أجرى الخبراء اختبارات للمنطقة التي اختيرت لها وقاموا بفحص التربة والمياه الجوفية والتعرف على الكائنات المجهرية التي تعيش هناك. وذكر علماء البكتيريا من جامعية غوتبورغ في تقرير لهم أنهم عثروا على «حديقة حيوانات» كاملة على عمق 450 مترا تحت الأرض في هذه المنطقة. وتقول النتائج ان تأثير المواد المشعة المطمورة داخل الحاويات النحاسية على التربة والأحياء لا تدعو لقرع أجراس الحذر، إلا أن الخطر يأتي من دور بعض البكتيريا في تسريع عملية تآكل نحاس الحاويات.

وذكر البروفيسور كارستن بيدرسون «توقفنا عن العد بعد أن أحصينا 200 نوع من البكتيريا والأحياء الأخرى». وكشفت الفحوصات اللاحقة على المياه الجوفية في عمق 450 مترا عن وجود 10 الى 100 ألف وحيد خلية في كل ملم مربع من سطح الماء على شريحة الاختبار. وكانت سلطات الرقابة النووية في البلدين قد كلفت بيدرسون وفريقه بالكشف عن مدى تأثير البكتيريا الجوفية على النحاس وعلى طبقة الغرانيت الأرضية المرشحة لاحتواء «مقابر» النفايات النووية.

ولاحظ الباحثون أن هذا العدد الكبير من البكتيريا يضمن امتصاص كل ذرة أوكسجين تصل إلى منطقة الطمر جراء عمليات إيصال النفايات إلى هذه «المقابر». وهذه نتيجة جيدة لأن الغرانيت يتحول إلى عازل جيد تماما كلما قل وصول الأوكسجين إليه.

من ناحية أخرى، لاحظ العلماء ظاهرة أخرى قد تنذر بالخطر حينما رصدوا كيف تسحب بعض أنواع البكتيريا لذرات الأوكسجين من المركبات الكبريتية الموجودة بوفرة في المياه الجوفية عادة. إذ تؤدي هذه العملية إلى نشوء أيونات السلفويد التي تعتبر من أشد عوامل تآكل النحاس في الطبيعة. والمشكلة الأساسية أمام الباحث السويدي بيدرسون هي أنهم عثروا على البكتيريا الممتصة للأوكسجين من مركبات الكبريت بوفرة عالية في كل مناطق السويد المرشحة لاستقبال مقبرة النفايات النووية.

مع ذلك، فقد وجد الباحثون حلا لهذه المشكلة عن طريق تغليف حاويات النفايات النحاسية بغلالة رقيقة من مادة «البنتونيت». وهي نوع من الصلصال الذي يتحول إلى مادة لا يخترقها الماء حال تماسها بالرطوبة، تقتل البكتيريا بين طبقاتها، وتمنعها بالتالي من بلوغ الحاويات النحاسية. والمطلوب هنا أن يتم تغليف الحاويات بالبنتونيت بشكل لا يسمح بأية ثغرة صغيرة.

وسيركز العلماء على بحث احتمال آخر من احتمالات تفاعل البكتيريا مع المحيط. إذ أن معظم هذه البكتيريا بحاجة إلى المعادن وتقوم بأخذ حاجتها منها من التربة القريبة، ثم تطلقها من جديد وربما تعيد التقاطها وهكذا دواليك. المهم هنا هو أن لا تؤدي هذه العملية إلى تآكل البنتونيت نفسه أو إلى تصدعه. ومن الممكن هنا، في حالة وصول البكتيريا الممتصة للأوكسجين إلى الحاويات النحاسية، أن تمتص البكتيريا الذرات المشعة وتنقلها مع دورة المياه في الطبيعة.

وعبر بيدرسون عن قناعته بأن هذه الاحتمال «ضئيل» إلا أنه يستحق البحث. وسيكرس فريق العمل السنتين المقبلتين للتأكد من عدم احتمال حصول مثل هذا الاحتمال، وهي فترة قصيرة بالمقارنة مع عام 2015 المخصص للبدء باستخدام مقبرة النفايات النووية في اسبو.