عمليات زرع الوجه البشري: التقنية جاهزة لكنها تطرح مشاكل أخلاقية

TT

باريس ـ أ.ف.ب: بعد اليدين واللسان والفك قد تشمل عمليات الزرع الوجه، الامر الذي يثير مشاكل اخلاقية تتعلق خصوصا بالمتبرع، والمخاطر التي يواجهها المتلقي. وتدرس عدة فرق تضم جراحين بجدية، خطط اجراء عملية باتت تعتبر ممكنة من الناحية التقنية، لكن الشخص الذي تجرى له العملية لن يحصل بالتأكيد على شكل وجه المتبرع كليا، اذ ينبغي ترميم وجه الشخص المتوفى.

وكان الجراح البريطاني بيتر باتلر كشف عن هذه الفكرة في يوليو (تموز) 2002 في المجلة الطبية البريطانية «لانسيت». ويجري فريق طبي اميركي باشراف جون باركر في جامعة لويزفيل، كنتاكي، وفريق اخر باشراف لوران لانتييري في مستشفى هنري ـ موندور في كريتيفي فال دو مارن في فرنسا، ابحاثا في المجال ذاته. ويقول البروفسور لانتييري ان الامر يتعلق «باخذ اجزاء من وجه المتبرع للتمكن من اعادة تكوين عناصر تسمح بترميم الوجه» موضحا انه «مستعد من الناحية التقنية» لاجراء عملية من هذا النوع وانه طلب منذ سنتين تقريبا رأي اللجنة الاستشارية الوطنية للاخلاقيات التي ستصدر قرارها الثلاثاء.

وعملية الزرع هذه تجرى بهدف مساعدة الاشخاص الذين لا يمكن ترميم وجوههم بواسطة انسجة تؤخذ من جسمهم (عملية زرع ذاتية). ويضيف لانتييري انه رغم «الامكانات الهائلة لعمليات الترميم التجميلية» المتوافرة حاليا فثمة مرضى «لا يزيد عددهم عن عشرة في السنة في فرنسا» لا يمكن ترميم وجوههم بسبب حجم الاضرار الكبير. وهذه الحالة تنطبق على ضحايا حوادث سير اصيبوا بحروق كبيرة داخل سياراتهم واشخاص فقدوا الجزء الوسطي من وجوههم (انف وفم وفك) بعد اصابتهم بعيار ناري ولا سيما خلال محاولة انتحار، و«يمكننا في هذه الحالات ترميم الحلق وعظام الفك فيمكن للمصاب عندها الاكل والكلام لكن عليه ان يرتدي قناعا».

والعناصر التي تستخرج من وجه المتبرع لا تشمل الجلد فقط بل انسجة تحت الجلد وعضلات واعصاب. ويجب ضمان سريان الدم في هذه الانسجة المعقدة وضمان الربط بين الاعصاب للسماح بتحرك الوجه. ونظريا فان زرع الوجه بكامله ممكن من الناحية التقنية مع ان بعض الاسئلة لا تزال مطروحة حسب ما يفيد موريس ميمون رئيس قسم الجراحة التجميلية في مستشفى روتشيلد في باريس.

وفي يناير (كانون الثاني) 2003 اعتبر البروفسور جان ميشال دوبرنار ان ثمة امكانات جديدة مفتوحة في مجال عمليات الزرع مثل عمليات زرع جزء من الوجه بعد نجاح اول عملية زرع في العالم ليدين كان قد اجراها في ليون عام 2000. وتم حتى الان اجراء حوالي اربعين عملية زرع لليدين في العالم. واستمرار نجاح هذه العملية رغم المخاطر المرتفعة في ان يرفض جسد المريض في البداية هذا النوع من الانسجة التي تشمل الجلد والاوعية الدموية، يسمح للجراحين بالتفكير في خطة جديدة في هذا المجال.

وفي رأي صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) عن الجمعية الملكية للجراحين الانجليز انه يمكن بشكل واقعي تقدير خطر رفض كبير لانسجة الوجه المزروعة خلال السنة الاولى بـ10 في المائة. فضلا عن ذلك فان خسارة كبيرة في وظائف الانسجة المزروعة بسبب عمليات الرفض المتتالية قد تشمل 30 الى 50% من المرضى خلال السنتين او السنوات الخمس التي تلي عملية الزرع.

وشددت الجمعية على ان الانعكاسات النفسية لهذا النبذ ستكون «كبيرة جدا» على المريض. ويقول البروفسور لانتييري ان النبذ سيكون «مأساويا» وهو يخشى ان يأخذ الناس على الجراحين انهم يجربون بهؤلاء المرضى وقد يعرقل عمليات زرع اخرى.