ناطحات سحاب متنقلة تمهد لعصر المدن المتحركة

المعماري الدولي تود دولاند يطرح مشروع أول بناية متنقلة في العالم تنشأ في بضعة اسابيع * عمارة من 12 طابقا تستقر على شاحنات نقل ضخمة تمنحها حرية الحركة وتزود بمصادر المياه والوقود والكهرباء من خزاناتها الكبيرة

TT

اعتبر المعماري الألماني الشهير فراي اوتو أن التصميم الذي وضعه زميله الاميركي تود دولاند لأول بناية عالية متحركة يحقق " حلمه "، لكنه عبر عن قناعته بأنه لم يفكر ببناء ناطحات سحاب متنقلة كما فعل الاميركي. وقال اوتو في تعليقه على الخبر من ميونخ أنه يتمنى فعلا أن يبني دولاند مثل هذه المباني العالية دون أخطاء تهدد حياة البشر. وكان أوتو أول من طرح تصوراته للمباني المتحركة في العالم في الستينات بعد أن نفذ مشروع البيوت المتحركة الصغيرة على الشاحنات. وقد ارتفع اسم اوتو في عالم التصاميم المعمارية اثر تصميمه لأجنحة " خيمة " ملعب ميونخ الأولمبي " الطائرة " في الستينات, ويعتبر " رائد " التصاميم المتحركة على المستوى العالمي.

اما دولاند، العامل في مكتب التصاميم المستقبلية الاميركي "أف تي أل" FTL في نيويورك، فيرى في مشروعه إمكانية بناء عمارة من 12 طابقا تستقر على اسس ثابتة نسبيا وعلى شاحنات نقل ضخمة, تزودها بالامكانية على الحركة وتشكل خزاناتها الكبيرة مصادر المياه والوقود والكهرباء للمبنى.

وأطلق المهندس على مبناه أسم "ناطحة السحاب المتنقلة، الجاهزة و القابلة للتدوير" بالنظر لقدرة الإنسان على نقلها وإعادة بنائها خلال 6 أسابيع. وذكر دولاند أن الشرط الوحيد الي تحتاجه البناية هو وجود بقعة أرض مستوية تكفي لتشييدها عليه. وفي حين أكد دولاند على رسوخ وسلامة مبانيه المتحركة شكك بيتر كاخولا ، رئيس المتحف المعماري في ميونخ ، بامكانية تحقيق حلم دولاند , وقال أن المباني العالية بحاجة إلى اساسات وجدران راسخة.

ويتكون هيكل مبنى دولاند المتنقل من الأعمدة وقضبان من الحديد والالمنيوم, تربط ببعضها حسب مواصفات البناء الجاهز. وتزود غرف المبنى بأرضيات من ألياف زجاجية متينة وخفيفة تركب على مفاصل في الهيكل. وتخلى المهندس عن الجدران المنفردة الخاصة بكل غرفة واستعاض عنها بغلاف شامل لواجهات المبنى وبجدران مصنع من "غشاء" مزدوج من المواد الصناعية التي تستخدم في تغليف مباني الجيش الاميركي المتنقلة. ويمكن اختيار عدة أنواع من الأغشية ، المعتمة أو الشفافة ، كي تخدم كنوافذ للضوء حيث الحاجة.

وتم تمرير أنابيب الماء والغاز وكابلات الكهرباء والمجاري في وسط المبنى لتتوزع في الأسفل على 16 شاحنة تستخدم الديزل. وهذا يعني أن المراحيض والحمامات والمطابخ تتجمع قرب مركز كل طابق حيث تتوفر مصادر الماء والطاقة. إما المصاعد فيجري تحريكها على الجوانب خارج هيكل المبنى الحديدي. ويمكن عند الحاجة تفريغ خزانات الشاحنات ومن ثم استخدامها لنقل البناية بعد تفكيكها أو تفكيك جزء منها.

وإضافة إلى الشاحنات التي يستقر جزء من المبنى عليها فقد زود المهندس عمارته المتنقلة بأسلاك معدنية ضخمة تشد الهيكل إلى الأرض وتمنحه المزيد من الثبات. وحسب معطيات مكتب "اف تي أل", فأن مقاسات البناية المتحركة ، أي عرضها وطولها وارتفاعها ، يمكن أن تصمم حسب الحاجة أو الغرض المطلوب من البناء.

واعتبر دولاند " الشفافية " من أهم مواصفات مبناه لأنه مخصص في الوقت الحالي للمكاتب التي تحتاج الكثير من الضوء. أما السمة الثانية المهمة فهي القدرة " على الاختفاء " من المكان بسرعة ، كما هي الحال مع البناء ، حال انعدام الحاجة للمبنى. فكل أجزاء المبنى قابلة للتفكيك والنقل أو لإعادة التدوير.

وعن مجالات استخدام العمارة الرحالة قال دولاند أن الإنسان كان يفكر منذ آلاف السنين ببناء مبان " سرمدية " في حين أن الوقت الحالي هو عصر التنقل الذي يمتد من الهاتف الجوال والكومبيوتر, إلى المكتب. وعلى هذا الأساس فأن مثل هذه المباني قد تعوض عن الخيم أثناء الزلازل والنكبات ، أو تستخدم من قبل المشاريع العلمية التي تتطلب وجود مكاتب كبيرة في الصحراء أو على حافات المدن. وتفكر اللجنة الأولمبية الدولية كمثل في اقتناء مثل هذا المبنى المتنقل كي تشيده في القرية الأولمية القادمة في لايبزغ 2012 ثم تفككه لتستخده ثانية عام 2016.

ورغم عدم وجود شركة منفذة حتى الآن ، إلا أن المهندس الاميركي على ثقة عالية بأن أول مبنى شاهق متنقل سيظهر إلى الوجود في مكان ما من العالم خلال سنتين. واعتبر دولاند " البيت المتنقل " البديل الصحيح للبشر في عالم اليوم بعد أن ساد البيت الثابت منذ عصر الكهوف.