تقنيات مطورة للكشف عن الألغام الارضية المدفونة بموجات زلزالية

علماء أميركيون يبحثون في سبل رصد نحو 60 مليون لغم حول العالم للتخلص منها

TT

هناك ملايين من الألغام الأرضية المدفونة تحت رمال وأوحال أفغانستان والبوسنة ورواندا والعراق والكثير من البلدان الأخرى. وإذا كانت الألغام مصنوعة من معدن، فإن أجهزة الاستقصاء قادرة عادة على ايجادها، لكن حينما تكون هذه الأجهزة غير قادرة على رصد الألغام المصنوعة من مادة البلاستيك وقليل من المعدن، فإنها تفشل في الغالب في التمييز بين الألغام والمخلفات المعدنية. ونتيجة لذلك فإن لغما حقيقيا واحدا يتم العثور عليه من بين آلاف من الاشياء التي تشبه الألغام.

قد تصبح التقنية الحديثة، التي تهز سطح حقول الألغام بواسطة موجات زلزالية، قادرة ذات يوم على رصد الكثير من الألغام البلاستيكية أو المعدنية، في نفس الوقت الذي تتجاهل فيه الأنقاض المعدنية. وهذا لأن تلك الألغام تبعث بإهتزازات ترتد عنها، تختلف عن تلك التي تبعثها التربة أو الأنقاض المحيطة حولها. وبإمكان الرادار أو الماسح المتحرك بواسطة الليزر أن يكتشف الفرق بين المجموعتين، عن طريق المعالجة الصحيحة للاشارات المرتدة، الأمر الذي يمكنهما من تحديد مواقع الألغام على شاشة الكومبيوتر.

هذه الأجهزة، التي ما زال الكثير منها في مراحل تطويره الأولى داخل بعض الجامعات، قادرة على توليد موجات بواسطة مكبرات الصوت فوق سطح الأرض أو اهتزازات ميكانيكية قادرة على قلب تربة الأرض وتحريكها. وتقود الموجات الى حدوث اهتزازات بترددات واطئة على سطوح أغلفة الألغام البلاستيكية أو المعدنية.

ويقول ديمتري دونسكوي الباحث في معهد ستيفنس للتقنية في مدينة هوبوكن في نيوجيرسي، الذي طور أحد الأجهزة الجديدة لرصد الألغام ان «للألغام المضادة للأفراد أشكالا كثيرة. لكن جميعها تمتلك أغلفة مرنة وجميعها تبعث باهتزازات مختلفة عن الأشياء الموجودة حولها». وتمتلك الموجات قوة كافية تجعلها قادرة على بث اهتزازات في الألغام بدون أن تؤدي إلى تفجيرها، حسبما يقول الذي اختبر بعضا من أجهزته مع ألغام حية.

وهناك في العالم 45 إلى 60 مليون لغم غير منفجر حسبما يقول شون بيرك الذي يدير برنامجا إنسانيا هدفه تطوير البحوث الهادفة إلى إزالة الألغام على صعيد العالم ككل وهو يعمل ضمن دائرة تابعة للقوات البرية الأميركية في قاعدة فورت بلفوار تدعى «دائرة الرؤية الليلية وأجهزة التحسس الإلكترونية»، وتقع هذه القاعدة العسكرية في ولاية فرجينيا. وقام بيرك وفريقه بتطوير وتقييم تقنية جديدة لإزالة الألغام الأرضية التي قال إنها مسؤولة عن إصابات تبلغ 10 آلاف إصابة في السنة.

قال بيرك إن الألغام المدفونة الموجهة ضد الأفراد هي المسؤولة عن الكثير من هذه الإصابات وهي مصنوعة بشكل عام من البلاستيك مع وجود عناصر معدنية فيها وتوضع عادة بالقرب من سطح التربة وأضاف بيرك «أحيانا لا تعمل هذه الألغام إذا لم تدفن على مسافة عدة سنتمترات عن سطح الأرض وهذا يعتمد على نوع اللغم»، فالألغام المضادة للدبابات يمكن دفنها إلى عمق يتراوح بين 20 و25 سنتمترا. وقال بيرك إن أجهزة الرصد تمزج بين عدة أنماط من أجهزة الاستشعار، وستصبح مهمة جدا في الكشف عن الألغام المضادة للأفراد والدبابات، فعلى سبيل المثال هناك آلات مصنوعة من قبل شركة «سايترا»، وهي تمزج بين القدرة على الحث الكهرومغناطيسي، مع رادار موجاته قادرة على التغلغل تحت سطح الأرض، وتم إرسال هذه الأجهزة في الفترة الأخيرة إلى العراق وأفغانستان. وقال بيرك إنه سيتحقق ذات يوم مزج هذه الأجهزة بأجهزة رصد الزلازل. وأضاف «نحن دائما نسعى للحصول على أجهزة الرصد لانها توفر لنا دلائل أفضل فيما إذا كان اللغم موجودا أو غير موجود».

أما جيمس ساباتير من المركز القومي لفيزياء الصوت في جامعة ميسيسبي فهو يستخدم الموجات الصوتية المولدة بواسطة مكبرات الصوت لجعل الأرض تهتز، ثم يعتمد على أشعة الليزر لقياس مدى الاهتزاز فوق سطح الأرض الناجم عن ذلك. وحاول اختبار طريقته على حقل دفنت فيه ألغام مضادة للدروع. وقال ساباتير «التجارب العشوائية أثبتت نجاحها في نسبة 95% من الحالات» ولم يحدث أن أعطى الجهاز أي تحذير كاذب.

لكن دونسكوي يشير الى ان الصدى المتأتي من الألغام معقد جدا ويعتمد على التفاعل بين التربة والألغام وخصائص كل منها، فعلى سبيل المثال يقع مدى الترددات التي يسجلها جهازه في الصحراء بين 50 و75 دورة في الثانية، وهذا بسبب طبيعة التربة الصحراوية بينما «قد تبلغ ما بين 100و 150 دورة في الثانية في التربة التي يسقط فوقها الكثير من المطر».

كذلك قام ويموند سكوت الباحث في كلية الهندسة الكومبيوترية والكهربائية في جامعة جورجيا بتحسين أنظمته الحسابية الخاصة برصد الألغام لمواجهة أوضاع متغيرة ومفاجئة. وعلى سبيل المثال كان الكشف عن الألغام البلاستيكية المضادة للأفراد واضحا في تجاربه لأن حطام الأشياء الأخرى المحيطة بها قد بعثت بصدى ذي ترددات مختلفة، لكن اتضح أن هناك حالات استثنائية بين المواد المهملة مثل علب المشروبات الغازية والكرات البلاستيكية.