نظم التعرف على الوجوه تواجه نكسة كبرى بسبب تدني دقتها

المدافعون عن الحريات المدنية يشككون في النظم التي تؤدي إلى الاشتباه في أشخاص أبرياء

TT

منيت تقنية التعرف على الوجوه، التي كانت تعتبر وسيلة فاعلة في الحرب ضد الارهاب، بنكسة كبرى بعد ان فشلت فشلا ذريعا في التعرف على وجوه وسط الزحام. وبالرغم من ذلك، فإن هذه التقنية تتحسن في مجال التحديات البسيطة.

وتستعد واشنطن لاستخدام هذه التقنية في الجيل الجديد من جوازات السفر الاميركية. كما تستخدم العديد من الولايات نظم التعرف على الوجوه للبحث عن الاشخاص الذين حصلوا على رخص قيادة متعددة. وبدأت مقاطعة بينلاس بولاية فلوريدا، في الآونة الاخيرة في استخدام هذا النظام في سيارات الشرطة، بحيث يمكن للضباط التدقيق في هوية الاشخاص الذين تم ايقافهم، بمقارنتها مع قاعدة معلومات للصور, من دون الاضطرار للعودة الى المكتب.

تختزن نظم التعرف على الوجوه، التي تستخدم اجهزة التصوير والكومبيوتر لتحديد صفات وجه شخص ما، المعلومات في قاعدة معلومات او في شريحة إلكترونية لاستعمالها في وثائق مثل جوزات السفر. وتطلب نجاح هذه التقنية اضاءة تامة وتعاون من الاشخاص، وهي شروط ليست متوفرة دائما لدى محاولة رصد ارهابيين مشتبه فيهم او مجرمين وسط عديد من الناس. ويضطر اصحاب هذه التقنية الى التعامل مع مزيد من الشكوك. ويقول توماس كولاتوستي المستشار الذي كان رئيسا لشركة «فيساج»، وهي واحدة من الشركات العامة المحدودة في هذا المجال «ان الشركات لم تبذل جهدا كافيا في عرض هذه التقنية، ونتيجة لذلك فإنها تعرضت لبعض المشاكل».

* دقة النظم

* وشكلت الاختبارات التي اجريت على برامج إلكترونية للتعرف على الوجوه وكاميرات الفيديو المستخدمة لاكتشاف المجرمين في شوارع بلدة تامبا بولاية فلوريدا ومدينة فيرجينيا بيتش بولاية فيرجنيا, أكثر دعاية سيئة لهذه النظم, إذ لم تؤد هذه البرامج الى القاء القبض على مجرم واحد، ولكنها بالمقابل اغضبت المدافعين عن الخصوصية. بينما التقط نظام اخر للتعرف على الوجوه، اجرى مسحا على مائة الف مشاهد لمبارة كرة قدم اميركية، 19 شخصا لديهم سوابق جنائية، ولكن ليس من بينهم احد من الاشخاص المطلوبين من السلطات. وبالرغم من ذلك، فإن شركات تطبيق تقنية الأمن في الحكومة مثل شركة «يونيسيس» و«هانيويل» الدولية و«آي بي ام» تؤيد كلها تقنية التعرف على الوجوه في بعض الاستخدامات. غير ان تشكك البعض في هذه التقنية جعل من الصعب على رجال الاعمال دخول هذا المجال بإختراعات جديدة.

واوضح لورنس شرانك، الشريك المؤسس ورئيس شركة «ثري دي بيومتريكس»» وهي شركة جديدة في بولدر بولاية كولورادو، التي تسعى لاستخدام الليزر لتحديد بنية الوجوه، ان المتشككين أثروا على السوق بأكمله. واضاف شرانك الباحث السابق في شركة «زيروكس» ان تلك التقنية، المستخدمة حاليا في عمليات التصوير الطبية، يمكن ان تساعد القوات العسكرية على التعرف على اشخاص عن بعد.

وتجدر الاشارة الى انه منذ هجمات 11 سبتمبر الارهابية جرت عدة محاولات لاستخدام تقنية التعرف على الاشخاص في المطارات. واستخدمت في بعض هذه التجارب طرق مقارنة وجوه متطوعين يتقمصون شخصية ارهابيين لارسال صواهم الي قائمة رقابة. وحاولت بعض التجارب الاخرى مقارنة بعض الاشخاص المسموح لهم بدخول المطارات مثل اطقم الطائرات مع صور في قاعدة للمعلومات. الا ان اكبر مشكلة كانت العدد الكبير من «المشتبه فيهم» والاشخاص غير المسموح لهم الذي مروا عبر نقاط التحكم، بدون اكتشافهم. كما اشتكى الناقدون مثل اتحاد الحريات المدنية الاميركية، من ان تلك النظم تؤدي الى ظهور عدد صغير من الصور الايجابية الخاطئة مما يؤدى الى الاشتباه في ابرياء. وذكر العديد من المحللين والمسؤولين في هذا القطاع، ان المشكلة هي توقعات الناس الكثيرة من هذه التقنية، التي لا تزال واحدة من الوسائل الجديدة في مجال القياسات البيولوجية وهو حقل جديد يشمل تحليل بصمات الاصابع والاصوات، وشكل الايادي والصفات الحركية ونماذج قزحية العين.

* آفاق واسعة

* وستصل قيمة هذا القطاع في العام الحالي الى حوالي 1.2 مليار دولار، من بينها 144 مليون دولار في مجال التعرف على الوجوه، طبقا لتقديرات من المجموعة الدولية لنظم القياسات البيولوجية، وهي شركة ابحاث في نيويورك. ومن المتوقع مضاعفة عائدات قطاع التعرف على الوجوه في العام المقبل، وان يصل الى 800 مليون دولار بحلول عام 2008 طبقا لتقرير الشركة. ويروج المدافعون لتقنية التعرف على الوجوه لها بإعتبارها واحدة من اقل نظم القياسات البيولوجية تدخلا في الشؤون الشخصية، ومن المحتمل ان تكون اقواها لانها يمكنها استخدام حجم هائل من المعلومات. ويقول رئيس شركة «ايدنتيكس «جوزيف اتيك «يوجد اكثر من 1.2 مليار صورة لاشخاص في قواعد معلومات حول العالم».

وتجدر الاشارة الى تسابق الجميع للوصول الى افضل الصيغ الرياضية لتحديد او وصف وجه. واظهرت الخبرة المكتسبة ان أداء النظم انخفض اثناء عملها في الضوء الخافت، وعندما يمر الشخص امام نقاط التحكم بدون النظر مباشرة في الكاميرا وعندما تغطي النظارات او غيرها بعض اجزاء الوجه. كما تنخفض معدلات النجاح مع ازدياد حجم قواعد المعلومات واستهلاك الصور. وكشفت الاختبارات الحكومية بعض الصفات غير الطبيعية مثل ميل الاجهزة لتحديد الرجال بدقة اكثر من النساء، والآسيويين اكثر من الجنسيات الاخرى.

ويتابع العاملون في هذا المجال العديد من الاستراتيجيات لتحسين النتائج. فهناك من يطور بعض النظم لإلتقاط صور مجسمة من عدة كاميرات، وتسمح بإلتقاط صور لزوايا مختلفة من الرأس خلال سير الشخص عبر نقطة التفتيش. بينما يطور البعض الاخر دالات رياضية متقدمة لتحويل الصور العادية الى صور مجسمة. كما يستخدمون بعض البرامج الإلكترونية لتعويض الاضاءة الخافتة وازالة الظلال من على الوجوه.

ان للتقدم التقني تأثيرا في هذا المجال. فشركة «فيساج«، على سبيل المثال، سعت حثيثا الى معدل تمييز بنسبة 50 في المائة في اختبارات جرت العام الماضي في مطار لوغان الدولي ببوسطن. ولكن محمد لازوني، الموظف المسؤول عن التقنية في الشركة، ادعى أن نتائج «فيساج» يمكن أن تتحسن لتصل الى نسبة 90 في المائة اذا ما كررت التجربة بأحدث وسائل التقنية، بما في ذلك عناصر جلبت لتحسين الرؤية من ألمانيا. ان دمج تمييز الوجه مع نظم القياسات البيولوجية الأخرى أو حتى النظم غير البيولوجية يمكن ان يحسن معدل النجاح. وتأمل «آيدنتكس» تحقيق الهدف الذي حدده المعهد القومي للمقاييس والتقنية عبر الجمع بين تقنية قياس نسيج البشرة مع نظام تحديد سمات الوجه وفقا لما قاله الدكتور أتيكس.

وفي العام الماضي تبنت منظمة الملاحة الجوية المدنية الدولية، وهي منظمة تابعة للأمم المتحدة، استخدام نظم القياسات البيولوجية المزدوجة في معايير الجوازات. وجرت المصادقة على قرارالوكالة القاضي باستخدام تقنية تمييز الوجه وبصمات الأصابع في جميع الجوازات من جانب الأمم المتحدة، التي بدأت أخيرا بوضع الأساس لاضافة تمييز الوجه الى بصمات الأصابع في جميع طلبات تأشيرة الدخول. وستحتوي تلك الوثائق، في نهاية المطاف، على الشرائح التي تسجل سمات الوجه الدائمية مثل المسافة بين العينين وشكل الفك. ويمكن لأجهزة التدقيق في نقاط التفتيش أن تدقق ما اذا كان وجه المسافر يحمل الوثائق التي تماثل المعطيات الموجودة على الشريحة.