تقنيات الطاقة الشمسية متاحة إلا أن أبحاثها تائهة بين العلماء العرب ومؤسساتهم

د.عبد الفتاح جلال عالم الطاقة الشمسية لـ«الشرق الأوسط»: تقنيات الشمس غير معقدة وأكثر ملاءمة للفقراء وتحتاج لمعهد عربي متخصص

TT

انتقد عالم الدراسات الشمسية المصري الدكتور عبد الفتاح جلال، الرئيس السابق لمرصد حلوان بمصر، بحوث «الطاقة الشمسية» في الوطن العربي، وقال ان هذه البحوث تائهة بين العلماء العرب، ولا هوية لها في أي قطر عربي، وضائعة بين الأرفف والادراج، ولا تنال ما تستحقه من اهتمام، وهو الأمر الذي يحتاج الى وجود معهد علمي عربي متخصص في هذا المجال، للوصول الى نقطة تميز، لان الذي يضمن طاقة الشمس يمتلك بترولا لا ينضب.

وأكد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» انه بهذه الطاقة يمكن ان نزرع الصحراء العربية، ويمكن للانسان عموما أن يعمر ويستعمر أرجاء الأرض، لأنها طاقة نظيفة وهائلة تصل بسهولة الى كل مكان من دون تكلفة نقل، وفيما يلي نص الحديث:

* ماهو مستقبل الطاقة الشمسية؟

ـ دعني اقول لك ان حقيقة الحروب والصراعات الآن بهدف امتلاك الطاقة لانه لا حياة بدونها، والخوف من نضوب البترول خلال عقود تتراوح بين 5 و10 عقود يجعل العالم يلهث من أجل البديل، ولا بديل إلا الطاقة الشمسية.

* ولكن هناك طاقات أخرى؟

ـ الشمس أصل الطاقات كلها على وجه الأرض، سواء نفط أو رياح أو غاز طبيعي أو مد وجزر، وما تشعه الشمس خلال عام واحد يعادل 30 ألف مرة مخزون الطاقات على وجه الأرض، سواء ما تم استهلاكه أو لم يستهلك بعد، والعجيب اننا نجهد أنفسنا للبحث عن فرعيات في الطاقة ونترك الاصول. نعم نستغل النفط وغيره لكن لا ينبغي ان نهمل الاصل ولابد من التركيز عليه، لان الطاقة الشمسية تصل الى أرجاء الأرض، ويمكن استغلالها في أي مكان، وبالتالي يستطيع الانسان ان يعمر الارض ويستعمرها من خلال طاقة الشمس، والتي لا تحتاج الى تكاليف نقل ودراسات اقتصادية وانما تحول الى عدم تعمير هذه الصحاري، لان نقل الطاقة مكلف جدا.

* صعوبات عربية

* ما هي الصعوبات في هذا المجال؟

ـ المشكلة عربيا مثلا ان علماء كل قطر عربي بعضهم يبحث في الطاقة الشمسية، سواء في جامعة أو معهد علمي، لكن هي مجرد دراسات للترقية العلمية أو خلافه، لان مثل هذا اللون من بحوث تقنيات الطاقة الشمسية، يجب ان يكون تحت راية معهد علمي متخصص في الهليوتقني حتى يمكن أن يكون لهذه البحوث جدوى في القطر أو على مستوى الوطن العربي، وهو مجال هام يكن ان نتميز به عربيا لان الشمس تسطع 3 آلاف ساعة في السنة، أو 300 يوم، ومن يتميز في هذا المجال التقني يمكنه ان يمتلك النفط الذي لا ينضب.

* أنت تدعو لقيام معهد علمي في الهليوتقني إذن؟

ـ نعم، أطالب بتأسيس معهد علمي عربي في هذا المجال فقط، من أجل التركيز على هذه النقطة لهدف التميز فيها، وتوفير الكوادر البشرية له وأن تلزم نفسها بهدف محدد، لانتاج هذه التقنيات وان توضع له الوسائل اللازمة، وان يكون العمل العلمي من خلال هذا المعهد جادا، وحقيقيا، وليس مجرد زينة أو ديكور تتحدث بامتلاكنا له، وانتهى، لكن نريد دوراً عربياً في هذا المجال.

* وهل هذا يعني الخوف من نضوب الطاقة البترولية؟

ـ ولماذا نقول خوف، ولا نقول تأمين الطاقة، لأن الحياة لا يحتملها الانسان من دون طاقة، وطاقة الشمس لا تحتاج الى بحث أو تنقيب، وتحتاج الى تجميع وتخزين وان تقنياتها غير معقدة بالمرة، ويمكن التقدم فيها وتحقيق خطوات كبيرة، اذا امتلكنا النية، والاسلوب العلمي والتخطيط التقني لذلك، وحددنا الهدف الذي ينبغي الوصول اليه، وان من يعجز عن الوصول لهذا الهدف عليه ان يفسح الطريق لغيره، المهم ألا يضيع الهدف.

* أعتقد ان الطاقة الشمسية تناسب الفقراء على الارض؟

ـ فعلا، هي طاقة الفقراء، والبسطاء، وطاقة الحياة الفعلية، لانها تصل الى اي بقعة ويمكن من خلالها تعمير أي مكان على وجه الأرض، أو الحياة في أي مكان من دون قيود، لان الذي يجعل الصحارى الآن من دون تعمير هو بعدها عن مصادر الطاقة، أو زيادة تكلفة نقل الطاقة إليها، أما الشمس فهي الحل الامثل، ولكن تحتاج تقنياتها الى اهتمام علمي وبحوث مستفيضة لتطوير تقنياتها بحيث يمكن الاعتماد عليها، وتكون اقتصاداتها في متناول الجميع.

* ويمكن ان تحل مشاكل تلوث البيئة؟

ـ بالطبع، لأن طاقة الشمس نظيفة، ونحتاج الى تجميع وتخزين، ويمكن ذلك بتطوير المواد الخاصة بذلك وهذا يتأتى من خلال اجراء دراسات علمية، وان المردود البيئي والطاقة الرخيصة والمتوافرة دائما وغير الناضبة، وسهل الحصول عليها، كلها عوامل اقتصادية تجعل من الشمس قيمة كبرى وبالتالي فان وجود معهد علمي للتركيز في عمل دراسات وبحوث في هذا المجال، حتما يقود الى انجازات تقنية ترفع من هذا المردود ويحقق بالفعل التنمية المنشودة، سواء بتوفير طاقة نظيفة، أمنة المصدر، رخيصة، لا تكلف نقل أو غيره، وان منشآتها أمنة ورخيصة كذلك، المهم ان نبحث في هذا المجال لنحقق خطوات تكفل كل هذه المميزات للاقطار العربية.

* وأهم مميزات الطاقة الشمسية انها جاهزة؟

ـ فعلا، هي طاقة غير سائر الأنواع، فهي طاقة جاهزة، ولذلك يطلق البعض على تقنيات استخدامها، تقنيات حصاد الشمس، وتجميع الشمس أو تخزين أو تحصيل، المهم كلها تدور في فلك ان هذه الطاقة موجودة، وكل ما هو مطلوب ان اجمع هذه الطاقة، ولذلك فان البحوث العلمية يجب ان تركز في كيفية تجميع هذه الطاقة وحصادها، ولذلك يسمى البعض مناطق الالواح الشمسية، حقول طاقة، لاننا نوجد شيئاً من العدم، بل هو موجود ومنتشر، وكل ما نحتاج اليه هو التجميع والتخزين.