برمجيات ونظم كومبيوترية جديدة ذكية تسيِر اليوم السفن الفضائية والروبوتات والطائرات من دون طيار

تعمل بمعزل عن الإنسان مستخدمة المنطق في مواجهة الأحداث الطارئة وتستخدم للتحري عن الكوارث والفيضانات والعواصف والبراكين

TT

يبدو أن الروبوتات الخاصة باكتشاف الفضاء باتت تزداد ذكاء يوما بعد يوم. ويعود السبب في ذلك الى أن البرمجيات الكومبيوترية التي يكتبها الانسان أخذت تعزز من قدراتها الميكانيكية وتجعلها تعمل أحيانا من تلقاء ذاتها بمعزل عن الانسان.

وهذه البرمجيات الذكية ظهرت أيضا في أحلى حلتها أيضا في معرض فانبرة الاخير الذي يقفل أبوابه اليوم الاحد. فقد زودت الطائرات الحربية من دون طيار التي عرضت في المعرض من طراز «إكس ـ 45» و«إكس ـ 47 بي» و«غلوبال هوك» بمثل هذه البرمجيات، التي من شأنها أن تجعلها مستقلة تماما عن الاشخاص المسؤولين عن إدارتها عن بعد المتمركزين في غرف المراقبة الارضية بحيث تتصرف ذاتيا في مواجهة المستجدات لدى قيامها بمهمتها.

ففي المريخ مثلا تلقت العربتان الجوالتان «سبيرت» وأوبرشنوتي» تعزيزا لمهارتهما الذاتية في القيادة خلال تجوالهما على سطح الكوكب الاحمر عن طريق تحديث البرمجيات الخاصة بهما من قبل مركز السيطرة على الارض.

لكن فريقا من باحثي «ناسا» ومن جامعة ولاية أريزونا شرعوا في دفع نظام السيطرة الذاتي في المركبتين أكثر فأكثر مما يعطي المركبتين الروبوتين القوة على إجراء تقصياتهما العلمية بانفسهما مستخدمين نوعا من البرمجيات التي تقوم أوتوماتيكيا بمسح الاهداف التي لها أهمية خاصة. وباتت هذه التقنية الجديدة السلاح الاميركي رقم واحد في تشغيل الاسلحة الجديدة التي لا تتطلب تدخلا من الجنود، أو تدخلا في الحدود الادنى إذا ما دعت الضرورة ذلك.

من جهة ثانية فإن القمر الصناعي الذي يراقب الارض الذي يدعى «إيرث أوبسيرفينغ ـ 1» يستخدم برمجيات طورتها «ناسا» للقيام بدراساته الخاصة حول بركان في القطب الجنوبي مع القدرة على تتبع الفيضانات حول العالم قبل أن تنتبه الى ذلك مراكز المراقبة الارضية كما يقول الباحثون. وأضاف هؤلاء أنه نظرا لكون البركان القطبي هذا «ماونت إيربص» هو بركان نشيط فقد شكل هدفا رئيسيا للبرمجيات الذكية.

ويوضح اشلي ديفيس العالم الرئيسي لهذه التجربة في مختبرات الدفع النفاث في باسادينا في ولاية كاليفولانيا الاميركية ان هذه البرمجيات لاتقوم فقط بتحري النشاطات البركانية، أو الفيضانات فحسب، بل تقوم أيضا بإجراء قياساتها أيضا قبل أن يتسنى للباحثين النظر الى البيانات والمعلومات. فهي تقوم بما يقوم به البشر على الارض.

إن الدراسة هذه هي جزء من التجارب العلمية الذاتية في العربات الجوية والفضائية الحديثة، وهو برنامج من شأنه تعزيز قدرة المركبات الفضائية على إجراء التقصيات العلمية من دون إتجاه محدد من قبل المشرفين البشريين. وعلاوة على البرمجيات التي تستهدف البراكين في مختبرات الدفع النفاث، فإن المشروع هذا ينطوي ايضا على برمجيات كشف الفيضانات وتعقب العواصف الثلجية التي طورتها جامعة ولاية أريزونا. إن المشروع هذا من شأنه إختصار التأخير الزمني بعد تسجيل ملاحظة أو مشهد ما على سطح كوكب بعيد، تم بثه لاسلكيا الى الارض بغية دراسته، وبالتالي إتخاذ القرارات من قبل العلماء لتوجيه القمر الصناعي، أو المركبة الفضائية للقيام بقياسات إضافية.

ولا بد من الاشارة هنا الى أن البرمجيات الخاصة بالتجارب العلمية الذاتية في العربات الفضائية والمركبة حاليا على متن القمر «أي أو - 1» تتألف من ثلاثة أجزاء تعمل سوية لتحديد الاهداف العلمية تلقائيا، فالبرنامج الاول هو عبارة عن مجموعة من الخوارزميات العلمية المحتوية على تعليمات محددة حول ما تبحث عنه في اي قراءات أو بيانات واردة. ففي القمر «إي أو ـ 1» تشمل هذه توجيهات البحث عن إشارات حرارية للبراكين ونشاطات فيضانية في الصور التي يلتقطها مقياس الطيف في العربة الفضائية وتسجيلها والتعامل معها على هذا الاساس.

لكن العملية هذه يمكن تعديلها لتناسب أي رحلة لأن العلماء الباحثين عن معادن معينة على سطح القمر مثلا لا يحتاجون سوى الى الخوارزميات التي تبحث عن البيانات والمعلومات المرسلة من سطح القمر حتى تجد إشارة المعدن المطلوب أو علامته الخاصة به، على حد قول ديفيس.

والبرمجيات الخاصة هذه تستخدم ايضا في برنامج لتنظيم العمليات الكومبيوترية في القمر الصناعي (أو العربة الفضائية غذا إقتضى الامر) «إي أو-1» لترتيب سلم الأولويات في ما يتعلق بعمليات الاستقصاء العلمية والتحكم بإدارة القمر وبلغة توجيه الاوامر والايعازات والارشادات الى الاجهزة العلمية داخله والاتصال بها والتفاعل معها. وهي ذات فائدة كبيرة في التغلب على تأخر إرسال الاشارات اللاسلكية، ومعها الارشادات والتوجيهات الى العربات الفضائية التي تكون عادة على مسافات بعيدة بين الكواكب أو على مدارها او على سطحها.

إن الاشارات المرسلة الى عربة غاليليو أو منها خلال دورانها حول زحل الذي يبعد نحو 934 مليون كيلومتر عن الارض كانت تستغرق نحو 50 دقيقة مما يعني انه إذا ما حدث أي طارئ خلال هذه الفترة فإن المراقبين الارضيين يكونون عاجزين عن التدخل فورا. وأكثر من ذلك فإن المسبار كاسيني الذي توجه الى زحل كانت إشاراته ورسائله الى الارض ومنها تقطع نحو1.6 مليار كيلومتر، أي انها تستغرق نحو 84 دقيقة.

وكانت هذه البرمجيات الذكية تتعامل تلقائيا مع أهدافها المحددة، أي الاجسام الفضائية المطلوب فحصها بإنتظار وصول الرسائل والاشارات والارشادات من الارض. وهي خلال فترة الانتظار هذه كانت تعلم ماذا تفعل بحيث يعود الفضل في ذلك الى سلسة الارشادات المنطقية التي زودت بها هذه البرمجيات الجديدة التي ينتظر أن تهيمن قريبا على الكثير من مناحي حياتنا اليومية المعقدة .