مرور عام على حدوث «العتمة الكبرى» في تاريخ الولايات المتحدة بسبب انقطاع التيار الكهربائي

الشركات الأميركية تصمم كابلات مطورة تنقل طاقة أكبر وتقاوم العواصف وتغيرات الطقس وتؤمن الاحتياجات

TT

اجهد المهندسون الاميركيون انفسهم، وعلى مدى عام من وقوع اكبر انقطاع للتيار الكهربائي في الولايات المتحدة في 14 اغسطس (آب) العام 2003 الماضي، في محاولات منع تكرار ذلك الحدث الذي نشر «العتمة» من ميشيغان الى نيويورك. وكان الاضطراب التقني هذا قد انتشر بشكل سريع لأن المئات من العناصر والاجهزة الكهربائية كانت تعمل بالضبط كما كان مبرمجا لها! وهذه العناصر كما يشير ماثيو وولد في صحيفة «نيويورك تايمز» الاميركية، هي اجهزة الوصل والفصل التي يبلغ حجم الواحد منها حجم فرن مايكروويف، توضع في العقد او المفاصل الحساسة لدوائر الشبكة الكهربائية. وهي تحمي المعدات الرئيسية للشبكة بفصلها للدائرة الكهربائية، أي قطع التيار، حال حدوث أي طارئ مثل تغير شدة التيار او تغير فرق الجهد الكهربائي او تغير قيمة تردد التيار. وتؤدي هذه التغيرات في العادة الى اضرار كبيرة. وهكذا فان هذه العناصر لم تسبب انقطاع التيار الا انها ساعدت على ذلك. ربما يكون عمل محطة توليد الطاقة الكهربائية معقدا، إلا ان فشل الخطوط في نقل الطاقة امر بسيط تماما، فعندما ينتقل التيار الكهربائي عبرها تزيد درجة حرارة هذه الخطوط ويتمدد المعدن الذي تصنع منه وينخفض أداءها. وتعمل شركات مرافق الخدمات على مراقبة كيفية إرسال الطاقة عبر الخطوط في ظروف مختلفة في احوال الطقس ودرجات الحرارة، إلا ان الزيادة في درجة حرارة أي من هذه الخطوط يمكن ان تتسبب في تماس كهربائي.

* عتمة شاملة

* ادى إنهيار أداء خطوط نقل الطاقة الى انقطاع التيار الكهربائي في 14 اغسطس العام الماضي عن مناطق واسعة في شرق الولايات المتحدة واونتاريو في كندا. وعند فشل بعض الخطوط، زادت حمولة خطوط نقل اخرى الامر الذي ادى لحدوث العطل الذي اسفر عن انقطاع الطاقة الكهربائية. وتؤدي الحرارة الناتجة عن زيادة التيار الى تسخين الخطوط الناقلة للطاقة وارتخائها وتمددها.

وتعمل الآن عدة شركات على تطوير خطوط نقل الطاقة القادرة على تحمل تيار اكبر دون حدوث أي اشكالات. ومن شأن هذه الخطوط ان تساعد على خفض الاختناقات في محطات التوليد مما يسمح بنقل الكهرباء في مساحات واسعة دون الحاجة الى تشييد خطوط جديدة. وقد حصلت احدى الشركات على عقد لتشييد خطوط لنقل الطاقة بولاية كنساس باستخدام كابلات من نوع جديد طولها 21 ميلا، فيما تعمل شركة اخرى على تجريب نوع جديد آخر من الكابلات في نورث داكوتا ومينيسوتا بغرض قياس أدائها في حالات العواصف والرياح القوية وأحوال الطقس الباردة، بالاضافة الى تجريبها في هاواي لاختبار مقدرتها على مقاومة التعرية بفعل الهواء المالح. وتأمل وزارة الطاقة الاميركية في ان تساعد هذه الأنواع من الكابلات في تحسين مستوى الاعتماد والثقة في محطات توليد الطاقة وزيادة سعتها، إلا ان غالبية خبراء مجال المرافق لم يدلوا بآراء حول هذه المستجدات. وفي كينغزمان بولاية كنساس رصد المجلس البلدي مبلغ 2.7 مليون دولار لتركب خط لنقل الطاقة طوله 21 ميلا مؤلف من مادة مركبة. عادة ما ينتقل التيار الكهربائي عبر خطوط من ضفائر الالمنيوم السميكة. إلا ان الالمنيوم يتمدد بسهولة، خصوصا عند ازدياد درجة الحرارة كما هو الحال في الكابلات العادية، وتلتف ضفائر الالمنيوم السميكة حول قضيب معدني كبير يساعد على تقوية وتعزيز الكابل. والكابل الجديد الذي يخضع للتجربة في كنساس له قضيب من ألياف الكربون والزجاج، ويتمدد بنسبة عُشر تقريبا مقارنة بدرجة تمدد الكابلات العادية، مما يعني امكانية استبعاد الارتخاء والهبوط كعامل يحد من كمية التيار المنقول عبر هذه الخطوط. ويعتبر القضيب المؤلف من عدة معادن اقل سمكا من قضيب الصلب من نفس القوة. يقول ويليام آرينتغتون، مدير شركة «كومبوسيت تيكنولوجي»، ان بوسعهم ترك الجزء الخارجي ثابتا مع ضغط نسبة 28 بالمائة من الالمنيوم، مما يسمح له بحمل المزيد من الطاقة الكهربائية. ويضيف ان إزالة الصلب ساعد على تقليل المجالات الكهرومغنطيسية في الكابل. وقلل من المجالات الكهرومغنطيسية عدم احتواء القضيب الرئيسي على مواد معدنية.

ويقول آرينتغتون ان الكابل المعتمد على القضيب المعدني اكثر تكلفة من ناحية السعر، إلا ان سعر الوحدة في الجانب المتعلق بالسعة لا يختلف لأن بوسعه حمل تيار اكبر حجما. من السهل ايضا اضافة السعة الى نظام نقل الطاقة عبر الكابلات وذلك من خلال تبديل الكابلات التي تعتمد على قضبان معدنية بأخرى تعتمد على القضبان المركبة.

يشار الى ان شركة «ام3» انتجت كابلا به قضيب من الالمنيوم تعززه ألياف صغيرة من السيراميك، ويحيط بالقضيب الرئيسي قضيب لنقل الطاقة مصنوع من سبيكة من الالمنيوم والزركونيوم، مما ساهم في متانة الكابل حتى عند ارتفاع درجات الحرارة. وعملت وزارة الطاقة على رعاية التجارب على الكابل بالقرب من فارغو بولاية نورث داكوتا خلال الشتاء الماضي. ومن جانبه قال خبير بوزارة الطاقة الاميركية ان كابل «ام3» يمكن ان يحمل ثلاثة اضعاف حمولة الكابلات العادية. إلا ان الشركات التي تملك خطوط نقل الطاقة لم تتكيف بالسرعة المطلوبة مع هذه التكنولوجيا الجديدة. ويعزي جون تشان، المسؤول بمعهد ابحاث الطاقة في بالو آتو بولاية كاليفورنيا، هذه الاستجابة البطيئة الى عدة اسباب من ضمنها ان الكابلات التقليدية ذات القضبان المعدنية تبقى «الى الابد»، على حد قوله. واشار تشان الى انهم اجروا تجربة على كيبل من هذا النوع ظل مستخدما على مدى 50 عاما.