الغبار الجوي أخطر الملوثات على البيئة وصحة الإنسان التي تصيبه بالأمراض الصدرية

الرياح تجرف رمال الواحات الصحراوية الغربية في مصر وترسبها معظم أيام السنة

TT

أكدت دراسة مصرية، أن الغبار الجوي اخطر الملوثات البيئية على الصحة العامة، إذ يسبب نقصا في الكفاءة التنفسية، والشعور بالارهاق والتعب لأقل مجهود مبذول، ويقود الي امراض مختلفة، ويقول الباحث التنفيذي للمشروعات الصناعية المصري الدكتور هاشم زيدان لـ«الشرق الاوسط» أن الغبار يتمثل في الأتربة العالقة بالهواء الجوي، وتتراوح أحجامها ما بين 0.1 و150 ميكرونا ( الميكرون= 1 من1000 من الملليمتر) التي تتسبب في إصابة الانسان بالحساسية والأزمات الربوية والصدرية ومنها أتربة المواد المختلفة مثل السيلكا والاسبستوس والكتان والقطن والتبغ والجبوب وغيرها، وقد تتطور الحساسية الصدرية مع أزماتها إلى حالات مرضية قد تؤدي الي نقص الكفاءة التنفسية وتعوق اداء الانسان لعمله، مؤكداً أن الغبار يتسلل الي الرئتين مع الهواء سواء داخل مكان العمل أو بالمنزل، او يترسب على الاطعمة والاغذية والخضروات المكشوفة والمعروضة في الاسواق والطرقات، الامر الذي يزيد فرص نقص الكفاءة التنفسية لدي المستهلكين لهذه الأغذية، وشعورهم بالتعب والارهاق عند بذل أقل مجهود داخل أو خارج البيت أو العمل.

ويذكر الباحث المصري أن الكشف الطبي علي عمال مناجم الفوسفات والفحم في مصر أظهر اصابة عدد كبير منهم بتحجر رئوي، وأمراض صدرية وربو شعبي، وتمت إحالة اكثر من ألف عامل الي المعاش المهني في سن مبكرة خلال السنوات الثلاث الاخيرة فقط، الأمر الذي يدل علي أن نسب الغبار في بيئة العمل تخطت حدود الأمان القصوي المسموح بها عالميا، وعدم وجود الاساليب الأمنية الكافية والمتعارف في قوانين الأمن الصناعي، مؤكداً أن خطر الغبار على صحة الإنسان يتزايد كلما تناهت حبيباته في الصغر. كذلك فإن الخطر يزداد كلما زاد الوقت الذي يتعرض له الانسان، وأن الخطر الحاد قد يحدث إذا ما وصلت كثافة الحبيبات في الهواء الي حدود 5 ملايين ذرة من السيلكا لكل 3 اقدام من الهواء. وقد يصاحب هذا الغبار ذرات لعناصر سامة مثل عنصر الرصاص المنتشر في المدن وفي المناطق الصناعية، مشيراً إلى أن الانسان يصبح اكثر عرضة لخطر هذا الغبار الجوي في المناطق القريبة من تحرك الكثبان الرملية ومناطق المحاجر والمناجم ومصانع الاسمنت ومصانع الاسمدة الفوسفاتية والمسابك والمدابغ، وغيرها من الورش الصناعية التي تلقي بكميات كبيرة من غبار واتربة تحتوي علي عناصر سامة تضرب بالصحة العامة للإنسان، ناهيك من المناطق القريبة من المحطات النووية في العالم، والثورة الصناعية التي تجتاح العالم التي جعلت الهواء الجوي مشبعاً بالغبار والاتربة، علاوة على المصادر الطبيعية التي لا دخل للانسان بها مثل العواصف الترابية والانفجارات البركانية.

ويوضح أن الهواء الجوي ينقل آلاف الأطنان من الغبار سنويا من بلد الي بلد، ومن قارة الي قارة، إذ أظهرت الدراسات حول العالم أن الغبار الناتج عن الصحارى الافريقية وصل الي سورية في قارة آسيا، وأن الغبار في اعالي جبال الألب الأوروبية مصدره الاصلي العواصف الترابية والرملية في شمال افريقيا، بل إن غبار مناطق الانفجارات النووية يلوث الهواء بنسب كبيرة جدا من الاتربة المشبعة، التي تتحرك مع العواصف في كل الاتجاهات، الامر الذي يتطلب الالتزام بمراعاة نسب الغيار المسموح بها في الهواء الجوي لبيئة العمل ووضع برامج للاقلال منه، من مصادره الاصلية ووضع برامج تثقيفية عن خطر هذا التلوث، والكشف الدوري لعمال المناجم والصناعات التي ينبعث منها غبار، ونقل المصانع بعيدا عن أي مناطق سكنية، وزراعة الاشجار حول المدن، وعدم حرق القمامة او المخلفات والعمل على فرزها واعادة استخدامها، خاصة الصلبة منها.

من جهة ثانية كشفت دراسة تحليلية أخرى لبيانات سرعات الرياح التي تهب على واحات «الخارجة ـ والداخلة ـ والفرافرة» وهي الواحات الرئيسية بالصحراء الغربية المصرية، أن عدد ساعات الرياح النشطة والتي تسبب انجراف وترسيب الرمال تبلغ 4968 ساعة سنوياً، أي ما يعادل 207 أيام كل عام.

ويقول الدكتور أحمد فؤاد الشريف الباحث الرئيسي بالمركز القومي للبحوث لـ«الشرق الأوسط» إن سرعة هذه الرياح التي تجرف الرمال وترسبها في أماكن أخرى تزيد في الغالب عن 5 أمتار في الثانية الواحدة، وأن هذه الرياح تزداد سرعاتها وعدد ساعاتها في الموسم الحار خلال فصلي الربيع والصيف، وتصل أدناها في فصل الشتاء. وهي نشطة تهب من الاتجاهات الشمالية، مشيراً إلى أن هذه الواحات التي تتبع ادارياً محافظة الوادي الجديد في مصر تتعرض لمخاطر التصحر بالانجراف والترسيب بالرياح بسبب هذه الظروف الجوية إلى جانب سوء ادارة الموارد الأرضية والمائية من حيث سوء الصرف وجفاف آبار المياه الجوفية وحركة الكثبان الرملية، وزيادة المساحات المتأثرة بالأملاح والانجراف والترسيب بالرياح من عام لآخر مع استمرار نقص المياه والحركة الدائبة للكثبان الرملية على المساحات المزروعة.

ويقول الشريف إن كمية فاقد التربة بالانجراف بالرياح من الأراضي الزراعية بلغت 5.5 طن للهكتار في السنة في حين بلغت في الأراضي البور 45 طنا للهكتار في السنة وارتفعت إلى 57 طنا في الواحات الداخلية ثم إلى 67 طنا في الفرافرة، مؤكداً أن متوسط درجات الحرارة في واحة باريس أعلى من واحة الخارجة. فقد بلغت 44 درجة مئوية في باريس بينما في الخارجة بلغت 26 درجة وهو الأمر الذي يجعل واحة باريس أكثر تهديداً من الخارجة بمخاطر الانجراف والترسيب بالرياح، مشيراً إلى أنه تم استخدام طريقة «الميزانية الجزئية» لاجراء التقييم الاقتصادي لوسائل صيانة التربة المستخدمة في مقاومة مخاطر الانجراف والترسيب بالرياح في هذه الواحات.

واتضح أن جميع وسائل صيانة التربة أدت إلى زيادة الربحية على مستوى الاراضي المزروعة عند زراعة محاصيل القمح ولوبيا العلف، والبطيخ والطماطم والذرة والفول البلدي والبرسيم الحجازي، وهو الأمر الذي يؤكد أن وسائل صيانة التربة من الانجراف والترسيب بالرياح مقبولة ولها ما يبرر استخدامها من هذه النواحي الاقتصادية.