الصور الأولى من «إيروس» تقدم أجوبة لكنها تطرح الكثير من الأسئلة

TT

واشنطن ـ ا.ف.ب: بدأ تحليل الصور الاولى التي نقلتها مركبة الاستكشاف «نير» اثناء هبوطها على الكويكب «ايروس» بتقديم اجوبة عن الاسئلة المطروحة في هذا الخصوص، لكنه طرح في الوقت نفسه اسرارا جديدة تثير الحيرة لدى العلماء. فبعد رحلة طويلة دامت خمس سنوات منها سنة امضتها في المدار تدور حول الكويكب، قاطعة مسافة 2،3 مليار كلم، وقبل يومين من عيد الحب، هبطت مركبة الاستكشاف «نير شوميكر» بنجاح الاثنين على «ايروس»، في عملية لم يسبق لها مثيل في تاريخ غزو الفضاء. وشكلت هذه المهمة حدثا بالنسبة لوكالة الفضاء الاميركية «لانها المرة الاولى التي تحط فيها مركبة فضائية على جرم سماوي صغير» على حد قول روبرت فاركوهار مدير المهمة في مختبر الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكينز الواقع في لوريل بولاية ميريلاند الاميركية.

وقد اكتشف ايروس، على اسم اله الحب لدى اليونان، في العام 1898 وهو من الكواكب الصخرية الصغيرة التي تدور حول الشمس. وهذه الكواكب سيارة تقترب من الارض كثيرا، وفي العام 1975 مر ايروس عل مسافة 22 مليون كلم من كوكبنا. ويعتبر علماء الفضاء ان هناك احتمالا ضئيلا جدا بامكان حدوث اصطدام بعد 5،1 مليون سنة.

وبعد هبوطها على هذا الكوكب الصغير الذي يشبه بشكله حبة البطاطس المستطيلة ويبلغ طوله 33 كيلومترا وعرضه 13 كيلومترا، ما تزال «نير» على اتصال مع غرفة المراقبة في مختبر الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكينز. وقد اعلن المسؤولون عن الرحلة نجاح كل مراحل هذه المهمة التي تتم ادارتها انطلاقا من الارض اي على بعد 316 مليون كيلومتر. و هبطت المركبة في الواقع على بعد 200 متر فقط من المكان المحدد.

واكد مدير هذه المهمة روبرت فاركوهار في مؤتمر صحافي «لقد وضعنا اولوية لجهة الحصول على صور بالغة الوضوح لسطح الكوكب من جهة وتأمين هبوط المركبة بشكل آمن كليا. وقد نجحنا في الاثنين». . لذلك قررت وكالة الفضاء الاميركية (ناسا) تمديد حياة «نير شوميكر» عشرة ايام بهدف السعي للحصول على معلومات اضافية. وفي هذا الاطار سيتابع العلماء في المختبر الذين يشرفون على المشروع لحساب «ناسا» جمع المعطيات الصادرة عن ادوات المركبة وخصوصا عن المنظار الطيفي (سبكترومتر) الذي يعمل بأشعة غاما واشعة اكس والذي يأمل العلماء ان يحصلوا على مزيد من المعلومات بواسطته عن تركيبة سطح ايروس وتربته.

وكانت «نير» رصدت في الكوكب اثناء مهمتها في المدار وجود سيليكات المغنيزيوم والسيلسيوم والالومين (اوكسيد الالمينيوم)، مما يعني ان هذا الكوكب قطعة شبه كاملة تدل على تشكل النظام الشمسي انطلاقا من الغازات والغبار الفضائي. ورغم فرحهم واندهاشهم بالصور التي بثتها المركبة اثناء هبوطها على ايروس، فان المسؤولين عن المشروع عدلوا عن فكرة تشغيل محركاتها لتقلع من جديد ثم تهبط مجددا كما كان مقررا اصلا. واوضح فركوهار «لم يعد هناك اي وقود عمليا في المركبة».

وباشر الباحثون في تحليل الصور الرائعة التي نقلتها المركبة خلال هبوطها واخرى التقطتها على علو 120 مترا. واعرب جوزف فيفيركا المسؤول عن صور المهمة والبروفسور في جامعة كورنيل عن ارتياحه قائلا «لقد تمكنا فعلا من مشاهدة ايروس بدقة. بدأت هذه الصور المذهلة بالاجابة عن اسئلة عديدة كنا نطرحها». واضاف «لكنها تطرح ايضا اسرارا جديدة سنحاول فك رموزها خلال الاعوام المقبلة».

وقد شاهد العلماء على هذه الصور سمات تضاريس يتعذر شرحها مثل صخور هائلة متصدعة، وفجوة بحجم ملعب كرة قدم مليئة بالغبار ومنطقة غامضة وكأن انزلاق تربة قد حدث فيها. وكشف تحليل الصور في شكل خاص، غياب فجوات صغيرة حديثة العهد على الكوكب الذي تتراوح درجة الحرارة فيه بين 30 درجة فوق الصفر و100 درجة مئوية تحت الصفر. فضلا عن ذلك يبدو ان سطح الكوكب مغطى بنوع من الغبار الناعم مما حدا بالعالم الى ان يخلص الى القول «لا نعلم ما يحدث فيه. انه لغز».