خبراء البيئة يحذرون من تجاهل توفير مدافن آمنة للتخلص من النفايات الخطرة في البلدان العربية

20 في المائة منها تصنف كنفايات طبية خطيرة

TT

حذر خبراء 16 دولة عربية من تجاهل توفير مدافن آمنة للتخلص من النفايات الصلبة المنزلية والنفايات الطبية بالدول العربية، مؤكدين ان عدم وجود ادارة فاعلة للتخلص من هذه النفايات يسبب امراضا كثيرة من اخطرها الايدز والالتهاب الكبدي (بي) ومرض السل، كما ان دفن النفايات بطرق عشوائية في بعض الوديان أو المناطق الصحراوية بمثابة قنابل موقوته ولا بد ان تنفجر يوما ما.

وشدد الخبراء على ان النفايات الطبية لم تحظ في العالم العربي بدراسة عميقة سواء من حيث حجمها أو خصائصها وتصنيفها، وهناك ندرة في المعلومات والتقارير العلمية عنها. ورغم ان بعض التقارير قدرت حجم النفايات الطبية في العالم العربي بنحو 135 الف طن سنويا، الا ان الخبراء اكدوا انها تزيد عن هذا الرقم بثلاثة اضعاف.

وكشفت مناقشات المؤتمر العربي الثالث للادارة البيئية الذي استضافته مدينة شرم الشيخ المصرية بداية الشهر الحالي، ونظمته المنظمة العربية للتنمية الادارية، عن تحديات كبيرة تواجهها الدول العربية للحفاظ على بيئة نظيفة خالية من التلوث والنفايات، لعل اهمها نقص الوعي وضعف الامكانيات.

واكد الامير تركي بن ناصر بن عبد العزيز، الرئيس العام للارصاد وحماية البيئة بالسعودية ونائب المكتب التنفيذي لوزراء البيئة العرب، ان نقص الوعي هو أهم تحديات الادارة البيئية في البلدان العربية، مشيرا الى ان السعودية قررت تدريس البيئة في التربية الوطنية في جميع المدارس لخلق الوعي البيئي في سن مبكرة لدى الاطفال.

وكشفت حزمة من الابحاث المقدمة الى المؤتمر وحصلت عليها «الشرق الاوسط» عن واقع وخطورة النفايات المنزلية الصلبة والطبية وعدم الوعي بتوفير مدافن آمنة وارتفاع تكلفة التخلص من النفايات.

* دراسات بيئية

* وقالت دراسة عن ادارة النفايات المنزلية الصلبة في المناطق الريفية بالاردن للمهندس نبيل ابو شريحة رئيس وحدة المشاريع الزراعية والبيئة بالاردن، ان الاردن ينتج كمية كبيرة من النفايات المنزلية الصلبة مقارنة بعدد السكان. ويبلغ معدل الانتاج بشكل عام 0.9 كيلوغرام لكل شخص يوميا ومن المتوقع ان تزداد كمية النفايات في السنوات المقبلة بنسبة 3.3 في المائة وستؤدي هذه الزيادة الى الضغط على مكبات النفايات الحالية والتي وصل معظمها الى المراحل النهائية من الاستيعاب ويجري اعداد مكابس نفايات جديدة. واشار الى ان النفايات المنزلية بالاردن تختلف عن العديد من الدول حيث تتميز بوجود نسبة عالية من المواد العضوية وهذا ما يجعل التعامل معها صعبا بسبب الروائح الكريهة المنبعثة منها.

وأوضح ان المشكلة تكمن في المعالجة غير المتخصصة تقنيا حيث يتم اعتماد طريقة الطمر الصحي، ومع ذلك فإن الطمر يتم بشكل عشوائي.

وعن واقع النفايات الصلبة في لبنان يقول حبيب معلوف، رئيس الهيئة اللبنانية للبيئة والانماء، ان لبنان ينفق سنويا ما لا يقل عن 200 مليون دولار للتخلص من النفايات في حين ان حسن ادارة المخلفات واعادة تدويرها يسهم بشكل كبير في تخفيض التكلفة. وكشف ان لبنان انفق خلال الفترة من 1992 وحتى 1999 (7 سنوات)، 2.5 مليار دولار على معالجة النفايات المنزلية فقط، وقدر معلوف ان ما بين 80 الى 90 في المائة من النفايات الصلبة هي نفايات منزلية وان لبنان ينتج يوميا ما يقارب 4000 طن من النفايات المنزلية بمعدل كيلوغرام للفرد يوميا وان 60 في المائة من هذه النفايات عضوية، مؤكدا ان هناك 4 الاف طن من النفايات في لبنان تصنف بأنها خطرة سنويا.

ويرى الدكتور رمضان بطيخ، رئيس القانون العام بكلية حقوق عين شمس المصرية، ان حماية البيئة مسؤولية اطراف ثلاثة هي المجتمع والحكومة والفرد صانع التلوث، ودعا الى انشاء مؤسسة اقليمية عربية مهمتها التنسيق بين الاجهزة والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية لمواجهة التلوث واثاره المدمرة على البيئة بكافة عناصرها.

وحول تأثير الاسلحة المشعة في العراق يقول الدكتور رواء الطويل بكلية العلوم السياسية بجامعة الموصل ان الحالات المرضية ازدادت في العراق بشكل كبير بعد حرب الخليج الثانية 1991 وحتى 2000 بمعدل ستة اضعاف تقريبا عما كانت عليه قبل الحرب مما يدل على التاثيرات الواضحة التي احدثتها اسلحة اليورانيوم المنضب حيث زادت معدلات وفيات الاطفال وحالات الاجهاض وتضخم الغدة الدرقية وتقشر الجلد وعجز الكليتين وتشوه العين والعقم وامراض السرطان.

ويرى اسماعيل فضل المولى، متخصص الارصاد الجوية بالسودان، ان كمية المخلفات الملوثة بالخرطوم تقدر بنحو 102 الف طن في الشهر بما يعادل مليونا و224 الف طن سنويا، وتتم معالجة هذه المخلفات بالدفن في خلايا داخل الارض، موضحا ان حرق المخلفات في المناطق الريفية يؤدي الى انبعاث دخان كنتاج لمواد عضوية وكيماوية سامة تؤدي الى تكوين جزئيات من الرماد ينتقل مع الرياح الى داخل المساكن.

وقدرت الدكتورة مريم الشناصي، والدكتورة سناء حوامدة، بكلية العلوم الصحية بجامعة الشارقة بالامارات، كمية النفايات بدولة الامارات بنحو 750 كيلوغراما لكل شخص سنويا، واكدتا ان هناك زيادة مضطردة في حجمها وان النفايات الناتجة عن مصانع النفط ومحطات الطاقة ومصانع الاسمنت تأتي في المقدمة من حيث حجم النفايات.

* نفايات طبية

* وتطرق الدكتور محمد الزهراني، الباحث في مجالات الصحة والبيئة بالسعودية، الى تحديات التخلص من النفايات الطبية في الدول العربية وعلى رأسها حجم النفايات، مؤكدا ان «عدم وجود دراسات دقيقة لتقدير حجم النفايات الطبية الخطرة التي تنتجها المنشآت يتسبب في عدم وجود رؤية واضحة لمعالجة النفايات خصوصا اذا علمنا ان نسبة 20 في المائة من حجم النفايات بالوطن العربي تصنف نفايات طبية خطرة، الامر الذي يستوجب اجراء مسوحات شاملة لواقع كل منشأة» ، واشار الى ان الدراسات اوضحت ان اجمالي النفايات الطبية بالدول العربية يصل الى 135 الف طن سنويا، مؤكدا انه يرى ان حجم النفايات ثلاثة اضعاف هذا الرقم.

واشار الى ان هناك دراسة اجريت على واقع النفايات الطبية الخطرة تمت على 27 مستشفى و450 مركزا صحيا بالسعودية، وقدرت النفايات الطبية الخطرة بحوالي 1.13 كيلوغرام لكل سرير في اليوم، موضحا ان مستشفى بسعة 500 سرير ينتج سنويا 206 اطنان. ودعا الى التعاون بين الدول العربية لمعالجة النفايات الطبية من خلال وضع معايير وأدلة ارشادية مشتركة وانشاء مركز اقليمي لبناء القدرات وتبادل الخبرات والتدريب بين الدول العربية معالجة النفايات الطبية الخطرة وتوطين تقنيات المعالجة.

وخلصت مناقشات المؤتمر التي استمرت اربعة ايام إلى عدد من التوصيات التي اكد عليها مدير عام المنظنمة العربية للتنمية الادارية، الدكتور محمد بن ابراهيم التويجري، اهمها ضرورة قيام الحكومات العربية بتوفير التمويل اللازم للتخلص من المخلفات الملوثة للبيئة ونشر الوعي بين المواطنين باهمية الحفاظ على بيئة نظيفة تتوارثها الاجيال بالاضافة الى اشراك القطاع الخاص والمجمع المدني للتصدي لهذه الظاهرة من خلال تقديم برامج ومبادرات للتخلص من المخلفات والنفايات الخطرة.