علماء ألمان ينتجون زيت سمك «نباتيا» من بذور الكتان

تعديل وراثي بإدخال جين من العوالق البحرية

TT

يعرف الجميع أن الأطباء ينصحون بأكل السمك مرتين في الأسبوع، نظرا لأهمية الأحماض الدهنية «اوميغاـ3» في لحم السمك،إلا أن القليلين جدا يراعون هذه النصيحة. ويتضايق البعض من رائحة السمك بيديه وداخل بيته، ويتذمر آخرون من مذاق حبوب زيت السمك المقيت، ولهذا عمل العلماء الألمان على حل هذا «النقص» الصحي، والتعويض عن أكل السمك، من خلال انتاج زيت نباتي غني بزيت السمك. وذكرت مصادر جامعة هامبورغ أن العلماء يعدلون بذور الكتان وراثيا بما يمكنها منح الأحماض الدهنية «اوميغا-3» بتركيز عال. ويجد العلماء في هذا الاكتشاف حلا لمشكلة تناول لحم السمك وزيت السمك، وخصوصا في المناطق البعيدة عن الأنهار والبحار والتي لا يتوفر فيها السمك. كما يأمل العلماء الألمان من وراء زيت السمك النباتي حل معضلة فرط صيد السمك، التي يقال أنها تأتي على الثروة السمكية في العالم، وحل مشكلة التلوث التي يقال أنها تشمل العديد من الأنواع السمكية وخصوصا السلمون. هذا ناهيكم عن تقديم حل أمثل لقضية تعاطي السمك بسعر أرخص للفقراء، وبشكل زيت القلي والسلطة كمثل.

وعمل البروفيسور ارنست هاينز، من معهد العلوم النباتية في جامعة هامبورغ، وفريق عمله منذ 5 أعوام على تعديل بذور الكتان بما يؤهلها لانتاج الأحماض الدهنية من نوع «أوميغا-3» وخصوصا حامضي Eicisapentaen (EPA) وDocosahexaen (DHA). ويرى هاينز ان ملعقة قدح شاي من زيت السمك النباتي المنشود يوميا تكفي لتغطية حاجة الشخص البالغ من الأحماض الدهنية المشبعة اوميغا-3.

ويبدو أن فريق العمل قد حقق خطوة واسعة في طريق انتاج زيت السمك النباتي حينما نجح في عزل الجين المسؤول عن تكوين سلاسل الأحماض المشبعة «اوميغا-3 «في العوالق البحرية. إذ من الثابت علميا أن السمك لا يكون هذه الدهون في جسمه وإنما يتناولها من العوالق والأشنات البحرية التي تعتبر المسؤولة الحقيقية عن تكوين هذه الأحماض. ونجح الفريق أخيرا في تعديل بذور الكتان وراثيا، بمعونة الجين المعزول من الأشنات، بشكل رفع محتوياتها من الأحماض الدهنية المشبعة اوميغا-3 إلى 2%. ويأمل العلماء خلال الأشهر المقبلة في رفع نسبة هذه الأحماض إلى 20% وأكثر كي تستوفي النتيجة المطلوبة منها.

وعبر هاينز عن أمله بالتوصل إلى إنتاج دهن السمك من الكتان بكميات تجارية قريبا، لكنه عبر عن أمله أيضا أن لا يلاقي اكتشافه معارضة سياسية ـ بيئية كبيرة. ودعا الباحث السلطات البيئية الألمانية إلى التخلي عن تشددها الزائد تجاه المنتجات المعدلة وراثيا وقال إن البديل هو التحقق الناجح من عدم تأثير هذه المنتجات في صحة الإنسان.

وحسب رأي الباحث، فإن الشعوب لن تستقبل زيت السمك النباتي المعدل وراثيا بكثير من التحفظ لأن فوائده كثيرة ومشجعة. وتعتبر الأحماض الدهنية، وخصوصا Eicisapentaen (EPA) وDocosahexaen (DHA)، ذات أهمية كبيرة لنمو دماغ الطفل وتطور عينيه. كما تتمتع هذه الأحماض بأهمية مماثلة للبالغين في تقوية عمل القلب والدورة الدموية والنظام المناعي.