لقب «امرأة العالم في الكيمياء» يمنح لعالمة مصرية

اختيرت من بين مائة مرشحة

TT

حصلت الدكتورة وفاء عبده، استاذة الكيمياء العضوية بالمركز القومي المصري للبحوث، اخيرا على جائزة «امراة العالم في الكيمياء» لعام 2004 والتي منحها لها المعهد الاميركي للبيوغرافيا، احد المعاهد العريقة التي تختص بإلقاء الضوء وتتبع سير المتميزين في فروع العلوم المختلفة. وقد تم اختيار الدكتورة وفاء لتفوز باللقب ضمن مائة عالمة في الكيمياء من كافة دول العالم ، حيث تم اختيارها من بينهن على اساس المفاضلة في الجوانب العلمية والجوانب الاخرى للشخصية على المستوى الثقافي والخدمة العامة، وبهذا اللقب تكون الدكتورة وفاء عبده اول امراة مصرية تفوز بهذا اللقب في مجال الكيمياء. وقالت الدكتورة وفاء عبده، التي تسلمت الجائزة بداية الشهر، لـ«الشرق الاوسط» انها لم تسع لهذا اللقب وانما تم ترشيحها له من خلال مشوارها العلمي ومشاركاتها في المؤتمرات العلمية والابحاث التي انجزتها ـ 110 بحوث نشرت جميعا في الدوريات العلمية الاجنبية بالاضافة الى جهدها العلمي المتميز في مجال خدمة المجتمع حيث شاركت مجموعة من العلماء الالمان في اجراء ابحاث على المبيدات المستوردة وتطويرها حيت تكون قاتلة للآفات وآمنة للانسان والبيئة واستنباط مبيدات محلية تتناسب مع البيئة المصرية ومناخها.

واضافت ان الجائزة شرفية وليست مادية وتكمن قيمتها في رضاها عن مشوارها العلمي واعتراف من الغرب بدور المرأة في المجتمع الشرقي والعربي في الوقت الذي نجد فيه هجوما شرسا من الغرب على الدول الاسلامية والعربية واتهامها ، زورا، بالعنف والجهل والارهاب.

وتعكف الدكتورةوفاء عبده مع مجموعتها البحثية حاليا على العمل في مجال اكتشاف الادوية من خلال تحضير وتطوير مركبات عضوية فسفوريا تصلح في علاج امراض العظام المتخلف مثل السرطانات والهشاشة والروماتيد وتأمل ان يخرج هذا البحث بنتائج عملية تسهم في هذا المجال ويمكن تطبيقها على مرض العظام في مصر والعالم. وحول ربط ابحاثها العلمية بقضايا المجتمع قالت الدكتورة وفاء عبده ان كافة العاملين بالمركز القومي للبحوث برئاسة الدكتورة هاني الناظر يقومون بربط عملهم العلمي بقضايا المجتمع، فهناك ابحاث عديدة حول تحضير مركبات جديدة تصلح كموانع للاكسدة وتستعمل في صناعة المطاط واشباه الموصلات. وهي هنا تتحدث عن تخصصها فقط وهو مجال الكيمياء العضوية ويقصد بها المركبات التي يكون عنصر الكربون فيها من العناصر الاساسية أي لا توجد مادة عضوية بدون كربون. وان كانت لا تنفي ان البحث العلمي يواجه مشكلات في مصر وغيرها من المجتمعات النامية مثل مشكلات التمويل واعتراف النظم بدور البحث العلمي واهميته واستمرار سياسة الروتين والاجراءات البيروقراطية التي تعرقل مسيرة البحث العلمي والعلماء في نفس الوقت الذي نجد فيه نفس العلماء يتفوقون ويبتغون في العالم المتقدم ، وهو ما يدعو الى ضرورة اهتمام دول العالم النامي بالبحث العلمي وما يمكن ان يفعله تجاه مشكلات كثيرة تعرقل حركة التنمية في هذه المجتمعات ولعل دعوة الرئيس حسني مبارك بشأن تفعيل منظومة جديدة للبحث العلمي في مصر تكون بادرة أمل طيبة لانقاذ البحث العلمي من عثرته.

وترى الدكتورة وفاء عبده انها استفادت كثيرا من العمل في مجال البحث العلمي وخاصة مجال الكيمياء حيث تعلمت من خلال وجودها في المختبر وبين ابحاثها ومجموعتها البحثية ان لكل شيء سببا ، وان كافة المسائل يجب ان تؤخذ بجدية وان التحليق في عالم الواقع والنتائج افضل بكثير من التحليق في عالم الخيال كما عودها العمل على الاصرار على النجاح واحترام الوقت واتباع المنهج والتفكير العلمي والحرص على الدقة والنظام سواء في حياتها العامة او الخاصة مما انعكس على ابنائها ياسر المهندس باحدى شركات البترول وريم العاملة في مجال الاعلام .

وتضيف ان نجاحها في العمل البحثي على مدى اربعين عاما لم يكن وليد صدفة وانما جاء بعد معاناة واصرار وفشل وجهود مضنية للتوفيق بين عملها الذي تعشقه وبيتها واسرتها التي لا تستطيع الاستغناء عنها وهو الامر الذي ارهقها كثيرا في حياتها حيث كان عليها طوال الوقت ان تقسم حياتها بين ابحاثها ودراساتها وشؤونها العلمية وبين اسرتها، ولهذا فانها تنصح كل امراة تجد في نفسها المؤهلات نحو تحقيق انجاز علمي بألا تتراجع عن طريقها ولا تسمح لشيء ان يعوقها عن اكمال مسيرتها ما دامت مقتنعة بما تقوم به وليس معنى هذا ان تفضل العمل على البيت ولكن المهارة كلها في التوفيق بين عدة ادوار تقوم بها سواء كأم او زوجة او عالمة او امراة، وهنا تشير الى اهمية عنصر الوقت باعتباره عنصرا فعالا في كل هذه الادوار.

الامر اللافت ان الدكتورة وفاء عبده لها نشاط اجتماعي متميز حيث تشارك مجموعة من السيدات الأعضاء بنادي الجزيرة في مساعدة المسنين والاقامة لفترات طويلة معهم حيث يقضين معهم اوقاتا في القراءة ومشاهدة افلام والحديث في امور الحياة العامة والاعتناء بهم ومتطلباتهم واحتياجاتهم النفسية والاجتماعية ومحاولة تلبيتها فضلا عن قيامها بمساعدة الطالبات المحتاجات في الجامعات من خلال جمعية خريجات الجامعات التي اسستها الدكتورة سهير القلماوي وتعني بتوفير فرص عمل للفتيات من خريجات الجامعة بالاضافة الى تنمية مهاراتهن في مجال اللغات والكومبيوتر.