عالم مصري يطالب ببرامج عربية لدراسة التغيرات المناخية

د. عبد المنعم إبراهيم لـ«الشرق الاوسط»: شبكات الأرصاد العربية فقيرة الإمكانيات

TT

في الوقت الذي يتوقع فيه العلماء زيادة متوسط درجة حرارة الكرة الأرضية خلال هذا القرن بمعدل يتراوح بين 1 ـ 3.5 درجة مئوية، جدد عالم الارصاد الجوية المصري، الدكتور عبد المنعم ابراهيم، انتقاده لافتقار المنطقة العربية إلى دراسات التغيرات المناخية المتوعة، رغم اهميتها الكبيرة في البعد الاجتماعي والاقتصادي أو ما يسمى بـ«التنمية المستدامة».

وكشف عن حاجة الوطن العربي إلى انشاء برامج لدراسة التغيرات المناخية المتوقعة، بما ينفذ برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتقييم هذه التغيرات الاقليمية للمناخ عن طريق تطوير نماذج اقليمية للتنبؤ.

ويقول رئيس إدارة الهيئة العامة للارصاد الجوية الأسبق، لـ«الشرق الأوسط»، إن النماذج المستخدمة في التنبؤ بالمناخ والتغيرات المناخية تعتمد على الدقة في تمثيل القوى المؤثرة للنظام المناخي، بقصد التعرف على هذه التغيرات التي يمكن أن تحدث مستقبلاً نتيجة الأنشطة البشرية المتزايدة في مجال التنمية. مشيراً إلى أن المشاريع العملاقة التي تقوم على استزراع آلاف الأفدنة وإقامة مجتمعات عمرانية وصناعية والبنية الأساسية لهذه المشاريع في الصحارى العربية، أو كما يحدث في شبه جزيرة سيناء أو توشكي بجنوب الوادي المصري، من المتوقع أن تؤدي هذه الأنشطة مستقبلاً إلى تغيرات مناخية في هذه المناطق، وبطبيعة الحال، سوف تتأثر هذه المناطق بأي تغيرات مناخية مستقبلاً نتيجة للأنشطة الإقليمية والعالمية وهو الأمر الذي يقتضي البدء فوراً في دراسات مستفيضة للمناخ بهذه المناطق لرصد أي تغيرات مناخية محتملة، ويمكن ان تؤثر مستقبلاً على هذه المشاريع، وهو ما يمكن أن يضمن التنفيذ الناجح لمثل هذه المشاريع وضمان استمرار هذا النجاح.

دراسات عربية ويذكر الدكتور ابراهيم أن جميع الدراسات العالمية في هذا المجال تتوقع زيادة في متوسط درجة حرارة الكرة الأرضية، واختلاف هذه التغيرات من مكان إلى آخر، الأمر الذي يتطلب ضرورة دراسة هذه التغيرات المناخية على المستويين الاقليمي والمحلي. موضحاً أن نتائج مثل هذه الدراسات ستمكن متخذي القرار من وضع الخطط المناسبة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الحالية والمستقبلية أو ما يطلق عليه التنمية المستدامة. مؤكداً أن المنطقة العربية تفتقر حالياً لمثل هذه الدراسات، رغم أهميتها الحيوية، لذلك ينبغي بناء تعاون بين البلدان العربية لدراسة المنطقة الممتدة من المحيط الأطلنطي غرباً، إلى الخليج العربي شرقاً، بهدف إنشاء برامج لدراسة التغيرات المناخية المتوقعة في الوطن العربي، وأن تأخذ هذه الدراسات في اعتبارها برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية بأنحاء الوطن مستقبلاً. مشيراً إلى امكانية تطوير نموذج عددي للتنبؤ بهذه التغيرات المناخية لتناسب الوطن العربي، ومحدود المساحة. ويمكن أن يتزأمن ذلك مع نواتج النماذج العالمية للتنبؤ بالمناخ على حواف النموذج الاقليمي، إلى جانب استخدام احد النماذج العالمية للتنبؤ بعد تطويره من خلال كثافة النقاط الشبكية فيه، التي تسمح بادخال بيانات كثيرة حول القوى ذات النطاق الصغير الخاصة بالتنبؤ بالمناخ والتغيرات المناخية، التي يطلق عليها Micro climate، وتطوير النماذج الخاصة بالدراسات الاقليمية. مشيراً إلى قيام الهيئة العامة للارصاد الجوية حالياً بتشغيل نموذج عددي محدود المساحة للتنبؤ بالطقس بصفة روتينية ولديها الخبرة في تطوير وتشغيل هذا النموذج، الذي يصلح للمناطق الصحراوية والمساحات المهملة البعيدة عن العمران. واشار الى افتقار شبكات الرصد الحالية على المستوى العربي إلى التمثيل، والتغطية الجيدة للمنطقة ككل، خصوصاً المناطق الصحراوية منها، الأمر الذي يتطلب اعطاء أولوية لتطوير وتعظيم شبكات الرصد الحالية وتزويدها بالتقنيات الحديثة لمعالجة هذا القصور، وهو ما يحتاج بالطبع على تنسيق بين قطاعات الدول المختلفة كالزراعة والصناعة والطاقة والعمران، لوضع السيناريوهات الخاصة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستقبلية، وذلك لتوفير البيانات والمعلومات اللازمة لتشغيل النماذج العددية، مع بناء القدرات البشرية في هذا المجال عن طريق التدريب في المراكز العالمية المتخصصة، والمشاركة في المؤتمرات العلمية، والتعاون مع المراكز العالمية الأخرى في الدول المتقدمة، وانشاء بنك للمعلومات والبيانات الخاصة بهذا الموضوع لتساهم في جميع القطاعات في كل دولة عربية، والتنسيق بينها في هذا المجال، إذ يعتبر المناخ أحد العناصر البيئية المهمة، خصوصاً بالنسبة إلى الدول النامية عموماً، والوطن العربي خصوصاً، وفائدة حماية النظام المناخي للجيل الحالي والأجيال المقبلة ومراعاة شروط استدامة التنمية في هذه البلدان.