تجسس فضائي على «أصوات» التفاعلات المسببة للحرائق على الأرض

علماء ألمان وصينيون يطورون طريقة جديدة للكشف المبكر عن «حرائق الفحم»

TT

يحترق كل سنة في العالم نحو 1000 حقل للفحم تحت طبقات الأرض القريبة من السطح، منها 100 حقل في روسيا و50 في الولايات المتحدة و750 في الصين، وتلتهم في البلد الأخير وحده نحو 200 مليون طن من الفحم.

وللعلم، فان حجم الخسائر الناجمة عن هذه الحرائق كبير جدا، ناهيك من الضرر البيئي الناجم عن اطلاق أكسيد الكربون، حيث يصل على سبيل المثال، اجمالي انتاج ألمانيا من الفحم الى 20 طنا فقط. وشكلت ألمانيا والصين فريقا من العلماء المختصين في حرائق الفحم للمشاركة في مشروع للبحث عن استراتيجيات جديدة للإنذار المبكر عن حرائق الفحم وتطوير طرق جديدة لإطفائها بسرعة. ويتخذ العلماء حاليا من حقول «فودا» في شمال الصين مقرا لمشروعهم بسبب شهرة هذه المنطقة بالحرائق، فطبقات الفحم في هذه المنطقة قريبة جدا من سطح الأرض وسرعان ما تشتعل، لأسباب غير معروفة بعد، وتشق سطح الأرض في شكل لهب ونار وتأتي على حقول الفحم.

ويستطيع الخبراء الآن تشخيص احتمالات الحرائق من خلال قياس درجات الحرارة قرب سطح الأرض وملاحظة ألسنة اللهب والدخان المنطلقة من خلال الأرض المتشققة.

وهذا يعني عدم وجود طريقة للتشخيص المبكر للحرائق، وبالتالي العمل بشكل متأخر أيضا على إطفائها. ولذا فقد وضع فريق العمل الألماني ـ الصيني نصب عينيه تطوير استراتيجيات جديدة للتغلب على هذه المشكلة الاقتصادية ـ البيئية المركبة. ويعمل العلماء هناك في أجواء خطرة سببها أن النيران اندلعت فجأة العام الماضي في حقول «فودا» وأودت بحياة فريق عمل مؤلف من 5 أشخاص.

حرائق دائمة

* وذكر هارتفيج جيليش، عالم الجيولوجيا من شركة «ماونت تقني» الألمانية في أيسن (غرب) أن حرائق الفحم مرافقة لعمليات الإنتاج في معظم البلدان المنتجة له. والملاحظ أن بعض هذه الحرائق يستعر منذ اكثر من عشر سنوات وبعضها مرشح للاستمرار لعدة عقود أخرى قد تمتد إلى 100 عام. والمعتقد أن عملية الانتاج تسمح في هذه المناطق بحصول شقوق تؤدي إلى وصول الهواء من فوق سطح الأرض إلى داخل طبقات الفحم القريبة من السطح. تنطلق بعدها سلسلة عمليات كيميائية وفيزيائية، خصوصا بوجود الغبار الكربوني المنطلق من الفحم كعامل مساعد، وتؤدي إلى اشتعال النار.

وأثبتت الدراسات التي أجراها فريق العمل أن الغبار الكربوني يمكن أن يشتعل بدرجة 22 مئوية.

وجاءت هذه التجارب في إطار البحث عن آلية حصول الاحتراق وأسبابها، بهدف تطوير آلية معاكسة لإخماد التفاعل قبل حدوثه. وطور العلماء طريقة لفرز حقول الفحم المعرضة للاشتعال عن غيرها باستخدام طريقة جيولوجية ـ صوتية للكشف عن طبقات الفحم تحت الأرض.

وتعتمد الطريقة على الكشف عن «الأصوات» الناجمة عن حدوث التفاعل الأولي الذي يطلق سلسلة العمليات الأخرى التي تؤدي إلى الاشتعال.

وذكر شتيفان فويغت، من معهد الدراسات الجوية والفضائية الألماني، يتولى الكومبيوتر، وبرنامج خاص لاحقا، فرز المناطق المعرضة للاشتعال عن غيرها من خلال مطابقة «الطيف» الصوتي مع طيف أصوات الاحتراق الثابت.

كما أن من الممكن من خلال «حفر» الأرض، وصولا إلى طبقات الفحم والتلصص على «أصواتها» باستخدام «كشاف الصوت الجيوصوتي»، رسم خريطة للمناطق التي تهدد بالاشتعال بواسطة الأقمار الصناعية.

وتستخدم الأقمار الصناعية هنا، طريقة تقصي درجات الحرارة تحت الأرض لرسم خريطة أخرى مطابقة لخريطة حقول الفحم التي تهدد «أصواتها» بالاشتعال.

ويأمل العلماء، بمساعدة الصور التي سيلتقطها القمر الصناعي الأميركي «لاندسات»، ان ينجحوا في تشخيص مكامن الحرائق قبل اندلاعها، ويمكن للقمر الصناعي أن يشخص المناطق الفحمية التي تهدد بالاشتعال بدقة تصل إلى زايد ناقص 60 سم. ويبقى أن يعمل العلماء في خطوة لاحقة على تطوير طريقة جديدة لإطفاء بعض حرائق الفحم «الأزلية».