سقوط محطة «مير» نهاية العصر الفضائي الروسي

زارها 125 رائدا بين أميركي وروسي وعربي ونفذت على متنها أكثر من 1700 تجربة علمية فريدة

TT

قال مدير معهد الفلك وعلوم الفضاء بجامعة ال البيت الاردنية نائب رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك الدكتور حميد النعيمي، ان محطة «مير» هي الرمز الفضائي الاخير للروس والذي كان مشعا في الفضاء. لذلك نجد بأن الحزن والاسى يدبان في قلوب خبراء وعلماء الفضاء الروس لانهم يعتقدون بانتهاء عصرهم الذي كان في القمة بفضل انجازات محطة «مير». ومن أهم الانجازات المعروفة عالميا بقاء رائد الفضاء الروسي سيرجي مدة 681 يوما على متن المحطة وتعد هذه الفترة الرقم القياسي العالمي لحد الان لبقاء الانسان في الفضاء. وكان قبله رائد الفضاء الروسي فاليري الذي تمكن من المكوث مدة 438 يوما وقبل ذلك رائدة الفضاء الاميركية شانون لوسيد التي مكثت 188 يوما.

محطة عملاقة واوضح الدكتور النعيمي لـ«الشرق الأوسط» ان «مير» استغرقت سنوات طويلة لتركيبها وتجميع اجزائها من الاجنحة والمرافق الخدمية والعلمية والسكنية ودارت حول الارض مدة دامت 15 عاما اكملت فيها 85 ألف دورة حول الارض. وهذه السنوات كانت حافلة بالانجازات العلمية والتكنولوجية في بيئة الجاذبية المايكروية وانعدام الوزن، اذ تمكن رواد الفضاء الذين سكنوها وعملوا فيها فترات مختلفة من اجراء اكثر من 1700 تجربة علمية وبايولوجية وطبية وصناعية شملت مختلف انواع التكنولوجيا مثل تكنولوجيا المصغرات والتصنيع الدقيق وصناعة العقاقير الطبية والزراعية بالاضافة الى استشعار موارد الارض الطبيعية عن بعد وتطوير وسائل نقل المعلومات والاتصالات وكذلك انجازات تعد قمة في التكنولوجيا الطليعية المهمة جدا للبشرية جمعاء. واحتضنت محطة «مير» خلال عمرها 125 رائدا فضائيا من 15 دولة من ضمنهم 7 اميركيين وامرأة ورائد فضاء عربي من سورية والتحمت في المحطة «مير» اكثر من 31 مركبة فضائية واكثر من 64 سفينة شحن فضائية ووصلت اليها 17 بعثة. أما بالنسبة لمكوك الفضاء الاميركي فقد وصل اليها 9 مرات حمل على متنه رواد فضاء (ذهابا وايابا من الارض الى المحطة والعودة الى الارض) ومختلف المواد التموينية والاجهزة العلمية والمواد المستخدمة في التجارب. واحتوت المحطة على 7 اجنحة او مرافق سكنية ومخبرية فضلا عن منصات مرافئ نزول المركبات الفضائية الواصلة الى المحطة ومرفأ خاص لمكوك الفضاء الاميركي.

تقنيات فضائية ويذكر ان اول مخبر (جناح) للمحطة اطلق في 19/2/1986 وكان بوزن 20000 كغم. واحتوى هذا الجناح على المستلزمات الرئيسية للسكن والمعيشة ومنظومات القدرة والسيطرة الحرارية ثم توالت الاجنحة الاخرى خلال عمر المحطة وبالانطلاق ليتم تركيبها وربطها مع بعضها ومع المختبر الرئيسي في المحطة ومنها جناح الفيزياء الفلكية ومرصد الفيزياء الفلكية وتلسكوب الاشعة السينية مع متحسس لاشعة غاما وتلسكوب للاشعة فوق البنفسجية مع بعض المواد والاجهزة الملحقة ثم جناح رقم 3 ليعمل كمنصة هبوط السفن الفضائية مثل ساليوت وسيوز وبروغريس ام 34، ومكوك الفضاء الذي كان ينقل الحمولات ورواد الفضاء. وبعد ذلك تم تركيب وبناء جناح الالتحام مع مركبات فضائية اخرى ونفق دخول وخروج رواد الفضاء والزوار الى المحطة بالاضافة الى احتواء بعض من هذه المرافق المخبرية على العديد من اجهزة الاستشعار عن بعد وتكنولوجيا الجيوفيزياء والكاميرات الالكترونية وانواع مختلفة من المتحسسات لمختلف الاشعة الكهرومغناطيسية مع اجهزة اخرى لاجراء التجارب في تكنولوجيا اشباه الموصلات والابحاث البايولوجية والطبية فضلا عن اجهزة رصد ارضية. تضاف الى ذلك اجهزة قياس راديوية والاشعة تحت الحمراء وفوق البنفسجية ومطايف وماسحات بصرية مع رادارات مختلفة الانواع وزنها اكثر من 130 طنا. وقد اطلقت مواد ومستلزمات اجنحتها ومرافقها المخبرية والسكنية على شكل منفصل وبمراحل مختلفة ثم تم تركيبها وربطها بالمحطة الام خلال السنوات الخمس عشرة الماضية بحيث تم اكتساب خبرة علمية وتكنولوجية كبيرة جدا من قبل خبراء الفضاء الروس والاميركان والاوروبيين تجعلهم قادرين على بناء محطة فضاء عالمية لاجراء التجارب الفضائية والسكن فيها.

تم تحديد موعد سقوط واحراق المحطة وتحويلها الى اشلاء وقطع صغيرة بتاريخ 21 ـ مارس (آذار) 2001 وسيقوم الطاقم الروسي بتشغيل ثلاثة صواريخ على مراحل مختلفة بتاريخ20/3 بهدف تنظيم مسار سقوط المحطة وادخالها في الغلاف الجوي الارضي ومن ثم حرقها وتحويلها الى اشلاء وقطع صغيرة لتسقط في منطقة جنوب المحيط الهادي بين نيوزيلندا وتشيلي ومن المحتمل ان يتم انقاذ 20 ـ 25 طنا من المحطة التي وزنها 137 طنا اما القطع الاخرى الذي يصل عددها الى 1500 قطعة اكبرها سيكون بوزن 700 كغم وبحجم سيارة صغيرة.