أبو الهول أقدم مريض في العالم مهدد بالتحول إلى كومة تراب بعد 25 عاما

عمليات ترميم سابقة أسهمت في تفاقم أعراض الإجهاد مع التلوث وارتفاع منسوب المياه الجوفية

TT

أبو الهول اقدم آثار العالم عاد الى واجهة الاحداث عقب اعلان ابرز علماء المصريات وباحث بريطاني ان ما تم من علاج لاقدم مريض في العالم كان اشبه باعطائه اقراصا من الاسبيرين. ويقول الدكتور علي الخولي الرئيس السابق لقطاع الاثار المصرية ان ابو الهول مازال يعاني من التآكل وأعراض الاجهاد، ولا بد من اعتباره في العناية المركزية، فيما يقول الباحث الاثري احمد عثمان ان ابو الهول مثل رجل عجوز يحتاج الى رعاية ولا يجب تركه يتداعى، وما لم يتم علاج الصخرة المصابة بالاملاح، بفعل المياة الجوفية، فان اشهر اثار مصر سيصير كومة من التراب خلال 25 عاما على اقصى تقدير. ويجيء تحذير الدكتور الخولي الذي تمت في عهده ترميمات سابقة لأبو الهول عقب تشكيل لجنة متابعة من كبار المختصين المصريين منذ اسبوعين لمراجعة حالة التمثال برئاسة الدكتور زاهي حواس مدير اثار منطقة الجيزة. وقال زاهي حواس في اتصال هاتفي اجرته «الشرق الأوسط»: «ابو الهول مثل رجل عجوز يحتاج الى رعاية، وتشكيل لجنة متابعة يعني اننا سنكون بالقرب من المريض لمتابعة حالته اذا ما قال آه لأي سبب من الاسباب».

ويؤكد الدكتور علي الخولي في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الأوسط» ان التمثال الصخري ما زال يعاني من العوامل الجوية السيئة وعوامل التعرية، ولكن عمليات الترميم السابقة لم تقم بعزل التمثال، ولم تنفذ «ترنشات» حول التمثال لعزله عن هجوم الاملاح القاتل. وقال ان ارتفاع مناسيب المياه الجوفية يعتبر خطرا قاتلا يهدد مستقبل اشهر اثار العالم.

ويضيف الدكتور الخولي قائلاً «ان رأس ابو الهول اصبحت ثقيلة جدا على الرقبة التي تتآكل بفعل النحر»، مشيرا الى ان عمليات الترميم الخاطئة تهدد مستقبل التمثال، وقال «لو لم نستطع حماية وتأمين التمثال فيجب ردمه لانقاذه تحت الرمال».

واسأل الدكتور الخولي عن عمليات الترميم الخاطئة التي تمت في عهده ابان توليه رئاسة قطاع الآثار المصرية، فقال ان تلك الترميمات تمت تحت اشراف وزارة الثقافة المصرية، وقدمت بلاغاً الى النائب العام اعترض فيه على تلك الترميمات. وتتعدد الاخطار المحيطة بهذه الكنوز التي تعتبر القاعدة الاساسية لصناعة السياحة المصرية وابرزها المجاري والري، ايضا بخار الماء من أنفاس ملايين السياح الذين يزورن المواقع التاريخية كل عام.

ومنذ أن نحت أبو الهول التمثال الضخم بوجة انسان «الملك خفرع» وجسم أسد رابض بقرب الاهرام منذ نحو 4500 عام كان معظم الوقت مدفونا حتى رقبته في الرمال التي حمته غوائل الزمن. ومنذ اكتشافه في العصور الحديثة تحول ابو الهول الى فريسة للريح والماء والانسان لان الاحجار الجيرية المنحوت منها التمثال تآكلت بفعل المياه الجوفية والرياح الرملية. وقد وقع الاثر الفرعوني الذي يبلغ طوله 48 مترا ضحية عمليات ترميم خاطئة سابقة، ويقول الدكتور حواس ان محاولة لترميمه في الفترة من 1982 الى 1987 كان ضررها أكبر من نفعها لانها استخدم فيها الاسمنت وبطريقة بشعة للغاية بسمك حوالي 3 امتار. ويضيف ان عمليات الترميم التي تمت بعد ذلك لم تستخدم فيها المواد الكيماوية، بل رمم التمثال باستخدام المواد الطبيعية، وهي عبارة عن الحجر الرملي والجير بنسبة واحد الى ثلاثة.

واشار حواس الى ان لجنة المتابعة لاقدم مريض في العالم، مستمرة مدى الحياة، ونفى ان يكون في اللجنة خبراء اجانب، وقال انها تتكون من المصريين، ويشارك فيها المهندس عبد الحميد قطب ومحمود مبروك ومصطفى عبد القادر. وكان من المعتقد أن الاهرام صامدة امام ضغوط الطبيعة والانسان لكن حواس قال انه اكتشفت تشققات داخل هرم خوفو الاكبر سببها في ما يبدو تراكم الرطوبة من أنفاس السياح، ولكن تمت معالجة تلك الاثار الضارة. وكانت حملة ترميم ابو الهول استمرت حوالي عشرة اعوام وكلفت اكثر من مليوني دولار، واقيم احتفال كبير حضره الرئيس المصري حسني مبارك والمدير العام لمنظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم فيديريكو مايور بمناسبة ازاحة الستار عن ابو الهول نهاية عام .1997 يذكر ان ابو الهول الذي يطلق عليه اسم «اقدم مريض في العالم» بني منذ 4500 عام من حجر هش، وظهرت عليه على الفور شقوق تطلبت اخضاعه لعمليات ترميم منذ العهود القديمة، وما زالت مسلة تنتصب بين قائمتيه مشيرة الى حلم تحتمس الرابع الذي امره ابو الهول بتخليصه من الرمال.

وفي القرن الحالي، تدهور وضع ابو الهول مع تلوث الجو وارتفاع منسوب المياه الجوفية. كما اقيمت حوله مجموعات من المتاجر الصغيرة لبيع القطع التذكارية.

وفي الاربعينات والخمسينات ثم من 1982 الى 1987 خضع ابو الهول لعدد من عمليات الترميم وصفت في كل مرة بأنها «تستخدم الوسائل الاكثر ملاءمة». ولكن تبين بعد ذلك ان آثارها عكسية.

وفي 1988 اثار تساقط حجارة وخصوصا كتلة من كتفه الايمن، استياء كبيرا وطالبت الصحف بالكف عن جعل التمثال الهائل «حقل تجارب لهواة الترميم». يقول الدكتور الخولي ان الحجر الشهير سقط بفعل فاعل، وهو نفس الحجر الذي ادى الى استقالة الدكتور احمد قدري رئيس هيئة الاثار المصرية وكان اكثر الاخطاء فداحة استخدام الاسمنت المخلوط بالجص الذي يمتص المياه والرطوبة ويؤدي الى ظهور مسامات في الحجر وبعد دراسات استمرت ستة اشهر في 1989 قام بها معهد بول جيتي الاميركي، بدأت اعمال الترميم في 1990 ولم يستخدم منذ ذلك الحين سوى الحجر الكلسي، وهو ما نحت به التمثال اصلا ولم يمس الوجه الذي يعلوه ثعبان الكوبرا ويحميه. ولم يستعد التمثال انفه الذي دمره قصف المماليك في القرن الثامن عشر ولا لحيته التي سقطت قطعة منها على الرمال وسرقها هاو اوروبي في القرن التاسع عشر. ويعبر مسؤولو هيئة الاثار المصرية عن فخرهم لان مصريين نفذوا الأعمال بكاملها. ويقول حواس ان هناك هجمة شرسة من التشكيك تتعرض لها الاثار المصرية القديمة، وليس تمثال ابو الهول فحسب، واضاف: احدث تلك الحملات تزعم ان عمر ابو الهول عشرة آلاف عام، وان النحر الموجود في رقبة التمثال الصخري، نجم بسبب فيضان غطى ارض مصر في حدود ذلك التاريخ».

ويضيف حواس «ان مواقع التشكيك على الانترنت، تارة تشير الى وجود حجرة تحت الارض، موقعها بين مخلبي ابو الهول، توجد فيها ملفات قارة اطلانطس المفقودة، وتارة يشيرون على الشبكة الالكترونية الى ان مزامير الملك داود موجودة في حجرات تحت ابو الهول». وأضاف حواس «ان الحملة الشرسة طالته شخصيا، ببث معلومات تزعم انه يخفي الادلة التي اكتشفت بمنطقة الاهرامات، والتي تثبت ان الاهرامات، وابو الهول بناها قوم جاءوا من الفضاء»، مشيرا الى «ان هؤلاء الهواة يحاولون استثمار الاثار والحضارة المصرية لصالحهم، وفي نفس الوقت نسبها الى المؤسسات الصهيونية، التي تحاربنا بأسلحة جديدة».