مشروع علمي سوري للتحسين الوراثي لسلالات الزيتون البري

صدور أطلس عن الزيتون الأول من نوعه لدراسة الأصناف المحلية والأجنبية في المحميات الوراثية

TT

تعد سورية من أهم الدول في مجال زراعة الزيتون، فهي تأتي في المرتبة الثانية عربيا بعد تونس والسادسة دوليا في مجال انتاج الزيتون، كما يشكل الزيتون 60% من إجمالي مساحة الاشجار المثمرة الأخرى في سورية، ولأهمية هذه الشجرة فقد اصدرت أخيرا مديرية البحوث الزراعية في سورية أطلسا عن الزيتون هو الأول من نوعه، حيث يتضمن دراسة 1991 صنفا منها 60 صنفا محليا و 31 صنفا أجنبيا موجودة في المجمعات الوراثية في مراكز البحوث العلمية الزراعية، من حيث الموقع والانتشار وميزات الصنف ومواصفات الثمار والبذور ومواصفات الاشجار والاوراق. والاصناف الموجودة في الأطلس منها المتحملة للجفاف والمتحملة للصقيع والاصناف المنتظمة الانتاج وقليلة المقاومة.

ويشير الأطلس الى ان سورية غنية بالمصادر الوراثية للأشجار المثمرة وهي مناطق النشوء لشجرة الزيتون المؤكد زراعتها قبل 12 ألف سنة، وهناك مزارع مستعمرة من الزيتون منذ الألف الثالثة قبل الميلاد في سورية وقد انتقلت زراعته عبر رحلات الفينيقيين المتعاقبة الى اليونان واسبانيا عبر شواطئ افريقيا وكذلك ساهم العرب بنقل زراعته الى شمال افريقيا واسبانيا ومنها الى القارة الاميركية.

أصناف الزيتون ويذكر الاطلس المذكور ان الزيتون يزرع في بيئات زراعية متباينة وعلى ارتفاعات مختلفة عن سطح البحر من 10 ـ 150 مترا، حيث يتصف مناخ المتوسط بالرطوبة الملائمة لنجاح زراعة الزيتون، كما يتضمن الاطلس صورا توضيحية ومفاتيح تصنيف لمختلف اصناف الزيتون الموجودة في المحميات الوراثية في المراكز العلمية، حيث تتميز هذه المجمعات بغناها البيولوجي وتعدد اصنافها، كذلك تبين الدراسات جودة زيت الزيتون السوري وفقا للمعايير الدولية، وكذلك نوعية أصناف الزيتون السورية التي تصنف كأصناف ممتازة بمواصفاتها، من حيث نسبة الزيت التي تصل الى 34.32% في الصنف الزيتي و 32.30% في الصنف الصوراني و 28 ـ 30% في صنف الدان و 30% في صنف الخضيري أما اصناف المائدة فتتصف بكبر حجم ثمارها، حيث يصل وزن الثمرة الى حوالي 6 ـ 12 غراما، كما تمتاز هذه الاصناف بانتاجيتها العالية، حيث متوسط انتاجها من 60 ـ 100 كلغ للشجرة. ويعتبر هذا الاطلس مرجعا علميا للباحثين والدارسين والمهتمين بالزيتون.

وفي هذا المجال ايضا تقوم مديرية البحوث العلمية الزراعية في سورية بحصر أماكن انتشار الزيتون البري في المناطق السورية، خاصة ان سورية غنية بالمصادر الوراثية للزيتون البري، ويتم حصرها للحفاظ على التنوع الطبيعي الحيوي والانطلاق من خلالها في برنامج التحسين الوراثي، بهدف الوصول الى سلالات يمكن ان تكون اصنافا جديدة تساهم بانتاجيتها ومواصفاتها الجيدة في تحسين وزيادة الانتاج، وبعد حصر الانواع البرية ثم الحصول على عدد من السلالات (بلغ 18 سلالة)، التي تختلف في ما بينها بالمواصفات المورفولوجية للأوراق والثمار، ونسبة الزيت وهذا العمل مستمر في هذه السلالات للحصول على سلالات تمتاز بمواصفات جيدة وذات نسبة عالية من الزيت بالاضافة الى مقاومتها للأمراض والآفات وذلك ضمن برنامج التحسين الوراثي للحصول على أصناف جديدة يتم تعميمها بالزراعة.

فوائد طبية وفي ندوات علمية أقيمت أخيرا في المدن السورية، أكد المشاركون من الاطباء والباحثين ان زيت الزيتون السوري يمتاز بالنكهة العطرية والطعم الممتاز المرغوب عالميا واللون الجميل. ويعد 50% من الزيت السوري من النوع الممتاز وحموضته أقل من 1% وهو مرغوب عالميا لخلطه مع الزيوت المكررة الأخرى و 90% من الزيت السوري خال من المبيدات الكيماوية بسبب تطبيق مبدأ المكافحة المتكاملة واستخدام المصائد لجذب حشرة ذبابة ثمار الزيتون، للحد من استخدام المبيدات. وهناك 8% من الفلاحين لا يستعملون السماد الكيماوي في حقولهم وإنما يستخدمون السماد العضوي، وفي المجال الطبي ذكر الاطباء المشاركون في هذه الندوات ان زيت الزيتون يتميز عن بقية الزيوت النباتية الأخرى باحتوائه على مضادات الاكسدة، وهذا مهم للوقاية من أمراض القلب ويستعمل كمادة حافظة بغمر المأكولات منعا للفساد والتخمر والتعفن ونمو الفطريات، ويتحمل الدرجات العالية من الحرارة قبل تفككه والتعفن في الدرجة 60 درجة مئوية بينما أفضل الزيوت النباتية لا يتحمل أكثر من 60 درجة مئوية.

ويساهم زيت الزيتون في علاج بعض أمراض الجهاز الهضمي فهو سهل الهضم ويحرض المعدة على افراز عصارتها وعلاج طبيعي للتخلص من الامساك ويزيد في افراز وافراغ الصفراء، ومنشط لعمل البنكرياس كما يساهم زيت الزيتون في تشكيل دسم الخلية الدماغية في المنطقة السنجابية ويساهم ايجابيا في النمو المتوازن لمخ الطفل، ولأن زيت الزيتون فقير بالأحماض الدسمة المشبعة بالاضافة لاحتوائه على مضادات الاكسدة فهو يقي من سرطان الثدي والقولون ويساعد على تأخر ظهور أعراض الشيخوخة.

وذكر المشاركون ان استخدام زيت الزيتون يزيد ارتفاع الكوليسترول الحميد HDL بالدم ويخفض الكوليسترول الضار LDL مما يبعد خطر الاصابة الوعائية القلبية والدماغية والاطراف، ويستعمل زيت الزيتون في دهن الجلد لحماية من التوسف الجلدي والقشب والطفح والاحمرار الجلدي لدى الاطفال الرضع ويستعمل كخلطات مع الثوم لمعالجة الربو وتصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم ومع اليانسون الاخضر لتنظيم ضربات القلب ومع الكزبرة لمعالجة عسرة الهضم ومع أوراق العرعر لمعالجة السكري والنقرس ومع جوزة الطيب لمعالجة الصداع ومع البصل لمعالجة الامراض الصدرية، ويستخدم في حل كثير من الأدوية التي تستعمل تقطيرا انفيا أو اذنيا ومثانيا أو في بعض الاحواض والبواسير.

=