منازل «ذكية» لكبار السن في أميركا تجنبهم الانتقال نحو منازل العجزة

مجسات راديوية وسترات تقتفي الأثر وملقنات ذاكرة لتوفير رعاية صحية دائمة

TT

قد يحصل كبار السن الذين يريدون البقاء في منازلهم لأطول مدة ممكنة، على مساعدة يوما ما من مصدر غير متوقع، وهو المنزل ذاته! اذ يطور الباحثون الأكاديميون والصناعيون نظما يمكن تركيبها في المنازل لمراقبة صحة السكان ولتوفير ملقنات ذاكرة غير متطفلة. وستستخدم هذه المنازل قدرات شبكات الكومبيوترات المتزايدة، والمجسات، لمساعدة العجزة على تجنب الانتقال نحو منازل رعاية المسنين أو تأجيل ذهابهم لها.

منازل ذكية للمسنين ويمكن لهذه المجسات الرخيصة أن تستشعر الصوت أو الاهتزازات من وطء الأقدام مثلا وأن ترسل هذه المعلومات نحو كومبيوتر لتحليلها. وإذا ظهر تغير شديد في نمط الحركة مثل ضعف في الخطوة، يرسل النظام إنذارا للأقارب أو الأصدقاء الذين يسكنون في مكان آخر.

ويمكن لنظم أخرى أن توفر مساعدة خفيفة لهفوات الذاكرة، بتوفير مذكرات لأسماء الناس أو الأشياء أو تسجيل مهام بواسطة كاميرا، حتى يتسنى للناس الذين تتم مقاطعة حديثهم مثلا، العودة والاستمرار من حيثما توقفوا. ويمكن لهذه التكنولوجيا أن تذكر الناس بمواعيد تناول دوائهم أو الطعام والماء.

ومن المتوقع أن يصبح سوق هذه التكنولوجيا ضخما. ويتم تطوير النظم اللازمة في معهد جورجيا للتكنولوجيا وجامعة وتشستر ومعهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا وغيرها. ويقول الدكتور جيم لارسون وهو باحث كومبيوتر في شركة «إنتل» التي تدعم بعض مشاريع المنازل الذكية لصالح العجزة: «سيشكل العجزة جزءا كبيرا من عدد السكان الإجمالي». ويضيف أن البحث في بناء المنازل الذكية سيثمر منتجات معقولة السعر في فترة ثلاث إلى خمس سنوات. وستمكن هذه التكنولوجيا كبار السن من البقاء لمدة أطول في منازلهم. ولكن معدات المراقبة الإلكترونية هذه تثير مسائل الخصوصية. ويقول الخبراء ان كبار السن على استعداد للتضحية بدرجة من خصوصيتهم مقابل الشعور بالأمن. وهناك أيضا مسائل تكلفة هذه الأجهزة ومدى سهولة استخدام كبار السن لها.

وقررت الدكتورة مينات، وهي أستاذة علوم كومبيوتر في معهد جورجيا للتكنولوجيا، التي تجري معظم بحوثها في منزل مكون من طابقين بنته الحكومة خصيصا كمثال للتكنولوجيا الذكية، أن تعالج هذه المشكلة باستخدام ملقنات الذاكرة ونظم المراقبة. وتحث هذه النظم شخصا ما على تناول دوائه أو إنهاء مهمة ما. كما يوفر نظام المراقبة صورة رقمية عن مستوى نشاط النزيل ترسل لأقاربه ولو سكنوا بعيدا عنه. ويعمل الفريق الآن على تطوير وسيلة لعرض المعلومات على جهاز إنترنتي يشبه إطار الصورة ويحتوي على صورة الشخص الكبير السن. وحتى الآن يتم عرض المعلومات على شاشة كومبيوتر. وستوضع حول الإطار أيقونات بشكل فراشات أو زهور، تكبر أو تصغر بالحجم وفقا لمستوى نشاط الشخص. وسيقرر كل شخص كبير السن ماهية المعلومات التي سيتم نقلها لأبنائه أو أقاربه. وتقول مينات: «أريد واجهة تطبيق تطمئن الأبناء الى أن أهلهم يتحركون بشكل طبيعي ولكن ليس بشكل رسومات بيانية أو لوحات، فيجب أن يكون من السهل فهم وقراءة المعلومات». وكان الشكل الأول لنظام المراقبة والعرض قائما على معلومات جمعت عن طريق مقابلة الشخص كل يوم. والآن تعمل مينات مع فريق من العلماء الذين زرعوا مجسات عبر المنزل لتوليد صورة النزيل الرقمية.

مراقبة رقمية وتم استعراض جزء من نظام المراقبة الرقمي في مؤتمر هيئة آليات الكومبيوتر حول تكنولوجيات المستقبل. وتمت مراقبة الحركة بواسطة أجهزة صغيرة ورخيصة السعر تعمل على موجات الراديو يلبسها نزلاء المنزل، والتقط هذه الإشارات هوائي مخبأ في المنزل. وتقول مينات انه بواسطة هذه الأجهزة يمكن للأقارب رؤية شاشة العرض وأن يعرفوا إن كانت حركة النزلاء طبيعية أو إن كان هناك شيء غير طبيعي يحدث. وتقدر كلفة نظام المراقبة هذا لغرفة واحدة ما بين 800 و1000 دولار بالإضافة إلى 400 دولار ثمن شاشة العرض والكومبيوتر.

وفي جامعة روتشستر يستعد العلماء لتجربة منزل بتكنولوجيا لمصلحة كبار السن. وتدخل ضمن التصميم برامج تستخدم المجسات والكاميرات لتحليل التغيرات في الخطوات، وتقول الدكتورة أليس بنتلاند وهي أستاذة والمديرة الطبية لمركز الصحة المستقبلية: «هدفنا توفير أدوات لا يحتاج الناس الى إذن من طبيب لشرائها، فكلنا نتجنب رؤية الطبيب».

ولتقتفي حركة نزلاء المنازل الذكية تستخدم معظم التصاميم أجهزة ترسل وتستقبل موجات الراديو أو الأشعة تحت الحمراء، وهي أجهزة رخيصة وبديلة للكاميرات التي يقول البعض انها مقصرة فنيا، ولا تفي بالغرض. ويتم وضع هذه الأجهزة في أشياء مثل سلسلة المفاتيح أو زجاجات الأدوية.

وفي مختبر الإعلام في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا يطور الدكتور أليكس بنتلاند، المدير الأكاديمي في مختبر الإعلام في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا، وفريقه أجهزة كومبيوتر في سترات خفيفة يمكن لبسها وستستخدم نظام مجسات وبطاقات تعمل على الأشعة تحت الحمراء للتعرف على الأماكن والناس والأشياء التي ستوفر ملقنات ذاكرة طبية. ويمكن عرض هذه المعلومات على شاشة صغيرة تشكل جزءا من نظارات، ومع أن الدكتور بنتلاند يحبذ استخدام الكاميرات لكنه لا يعتقد أن الناس جاهزون لوجودها.

ويعتقد العلماء في معهد جورجيا للتكنولوجيا أن الكاميرات ستنتشر بكثرة يوما ما، ويقوم الدكتور عرفان عيسى وهو أستاذ علوم كومبيوتر ببناء نظام مراقبة يستخدم كاميرات الفيديو التي ستستبدل يوما بطاقات موجات الراديو. ويقول الدكتور عيسى: «يمكننا أن نحدد موقع الشخص ونعرف وجهته بفضل المجسات البصرية».

وفي معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا وفي كلية الهندسة عبر الدكتور ستيفن إنتيل عن مخاوفه من استخدام الكاميرات للمساس بالخصوصية. وهو يشارك في تصميم منزل المستقبل سيعتمد على المراقبة بالكاميرات. ويقول: «أعتقد أن الناس سيغيرون رأيهم حالما يدركون منافع البقاء في منازلهم».

ويتوقع الدكتور آرون بوبيك وهو أستاذ علوم كومبيوتر في معهد جورجيا للتكنولوجيا أن المنازل المجهزة بالكاميرات ستكون عملية جدا، ويقول إن كانت التكلفة التي ستكون ارخص مع الزمن، لتجهيز المنزل بالكاميرات قد تدفع الشخص ليظل في منزله، وقد يتم توفير هذه الخدمات على أساس أجور شهرية.

* خدمة نيويورك تايمز (خاص بـ«الشرق الأوسط»)