50 ألف هاو في المهرجان العالمي لهواة الراديو واللاسلكي

الاتصالات عبر الإنترنت وانتشار أجهزة التحديد الشامل للمواقع تهدد مستقبل هواية الراديو والاتصالات اللاسلكية العريقة

TT

يتدفق على مدينة دايتون بولاية أوهايو الأميركية ما يقرب من خمسين ألفاً من هواة اللاسلكي الذين يطلق عليهم اسم «هامز» HAMS لحضور مهرجانهم الخمسين الذي سينعقد أيام 18، 19، 20 من الشهر الحالي أيار (مايو) في مجمّع هارا ـ أرينا الرياضي.

وكما تفعل كل عام، تجنّد بلدية المدينة جميع الحافلات المتوافرة في البلدة، لتأمين نقل الهواة من وإلى المجمّع طيلة مدة انعقاد المهرجان. وقد أنفقت البلدية العام الماضي 25 مليون دولار لتغطية مصاريف النقل هذه، إسهاماً منها في تشجيع هذه الهواية التي تحظى على الكثير من الرعاية والاحترام لما تقدمه للمجتمع من خدمات اجتماعية خاصة أيام الطوارئ والكوارث، عندما تتعطل وسائط الاتصال الهاتفي أو الإذاعي المعتادة إما بسبب انقطاع التيار الكهربائي أو اختناق المقسمات المركزية للهاتف. ففي هذه الاوقات الطارئة يقوم «الهامز» بمهمات الاتصال اللاسلكي وبالتنسيق مع الدفاع المدني ورجال الطوارئ.

مهرجان لاسلكي خلال أيام المهرجان ستعقد ما يزيد على مائة حلقة دراسية ومحاضرة فنية لتغطية الجوانب العديدة التي تهم الهامز مثل: استعمال الأقمار في الاتصال، استعمال اللاسلكي في الانترنت بدل خط الهاتف، تحسين أداء الهوائيات «الانتينات»، التشويش الناتج عن الاضطرابات الشمسية على البث والاستلام. ومن جملة المواضيع العديدة الأخرى التي ستبحث في المهرجان، مستقبل هواية الهامز المهددة بالانقراض نتيجة القفزات الهائلة التي حققها العلم باستعمال تقنيات متطورة للاتصال الالكتروني مثل انتشار استعمال أجهزة التحديد الشامل للمواقع الجغرافية GPS، وإلغاء استعمال طريقة المورس MORSECODE وهي طريقة الاتصال المميّزة التي يستعملها الهامز في اتصالاتهم اللاسلكية، وكذلك انتشار الهاتف النقّال للاتصالات الشخصية ليحل محل أجهزة الاتصال اللاسلكي اليدوية VHF أو UHF (نطاقا الترددات العالية جدا والعالية) التي استخدمها الهامز لما يزيد من نصف قرن لتأمين التخاطب الشخصي للمسافات القصيرة غبر محطات إعادة البث REPEATERS المنتشرة في المدن والقصبات. وأخيراً ذلك الانتشار العالمي الواسع في الاتصالات عبر الإنترنت الذي أدّى إلى اضمحلال استعمال النظام المشابه له الذي يستعمله الهامز والذي يسمّى بالباكيت PACKET.

كل هذه الوقائع، التي تشكل خطراً حقيقياً على نمو وتطور هذه الهواية، ستبحث من خلال المناقشات التي سينظمها المهرجان. وقد نالت هذه الهواية الكثير من العطف والمساعدة الحكومية لدى كل الدول المتقدمة في العالم، خاصة ان هواة اللاسلكي أوشكوا أن يصبحوا جنساً مهدداً بالانقراض وأصبح الواحد منهم عملة نادرة تسحب من التداول بعد موت صاحبها. وجرياً على العادة السنوية لهذا المهرجان فسوف تقام وليمة كبرى توزّع خلالها جوائز نقدية وعينية أو على شكل زمالات ومنح دراسية على المتفوقين في تكنولوجيا الراديو واللاسلكي. وسوف تختتم هذه الأمسية بالاستماع إلى أحد مغني البوب الذي يكون عادة من الهامز. وفي اليوم التالي تقام صفوف الفحص والاختبار للمتقدمين لنيل الرخصة الرسمية التي تؤهل حائزها اقتناء واستعمال أجهزة اللاسلكي اللازمة للاتصال.

وتتميز هذه الهواية بالضعف في سائر البلدان العربية، وقلة المجازين بها ( سلطنة عمان 100، الإمارات 5، قطر 8، المغرب 331، السعودية 12، الأردن 186، لبنان 247، السودان 10، مصر 46، العراق 45، سورية 14، تونس 5، ليبيا 2، الكويت 229). وتجدر الإشارة الى أنه يوجد في إسرائيل 1291 مجازاً. وبموجب هذه الاحصائية فلا يُتوقع أن يكون للحضور العربي أي ذكر بل سيقتصر على القلائل من الهامز العرب المقيمين في بلدان المهجر، وخاصة من الولايات المتحدة وكندا.

وخلال الأيام الثلاثة للمهرجان سيقضي الهامز وقتاً طويلاً متنقلين بين الـ 500 معرض التي تقيمها الشركات العالمية المتخصصة بصناعات الأجهزة والمعدات الالكترونية وبين الـ2500 كشك (بسطات) المقامة في الهواء الطلق والعائدة في غالبيتها لأصحابها من الهامز، الذي يحاول كل واحد منهم بيع أجهزته المستعملة بأسعار متدنية قد تصل إلى دولار واحد في بعض الأحيان، تتخللها شروح فنيةللباعة لترويج سلعهم. ويذكرني الجو المرح السائد أثناء المشارعة على الأسعار بما كان يجري في سوق الهرج في بغداد العتيدة، وإذا كان المسك خاتمة طيبة فإن الهامز ينهون مهرجانهم الكبير بحضور سحب اليانصيب للجوائز الكبرى في الساعة الأخيرة حيث يتم السحب وتعلن اسماء الفائزين على المئات من اللوازم اللاسلكية التي تتجاوز قيمة البعض منها 5000 دولار. فمن يسعفه الحظ يخرج هاشّاً باشّاً وسط التصفيق والتهاني. أما من لم يسعفه الحظ هذه المرة فعليه الانتظار لمهرجان عام 2002 لعل وعسى أن يكون أحسن حظاً.