برامج مطورة للتعرف على قسمات الوجه لرصد المشبوهين

تقارن الوجه بأكثر من 100 نموذج أصيل وتحلل خصائص منحنياته بعد دراسة 12 نقطة رئيسية فيه

TT

لا تزال البرامج الالكترونية للتعرف على قسمات الوجوه في طور نموها. وتعمل هذه البرامج بطريقة تحويل الصور الفيديوية أو الرسوم التي تضعها الشرطة للاشخاص المشبوهين، إلى مجموعات أرقام، ثم تقارنها مع مجموعات أخرى من الأرقام تمثل بدورها وجوها معروفة لدى السلطات. وتنفذ البرامج مهماتها بشكل معقول لتأكيد هوية شخص ما، يريد الدخول مثلا الى ملفات كومبيوتر بشكل غير شرعي، أو المرور عبر نقطة تفتيش. ولكنها لا تزال غير مثمرة في بيئات مؤسسات الحفاظ على القانون، ومؤسسات الرقابة، لأن التقاط الصور التي يتم تحليلها يعتمد على الإضاءة، والزاوية، والجودة.

ووفقا لمجموعة «انترناشينال بايومتريك جروب» وهي شركة استشارية في القياسات البيولوجية مقرها نيويورك، فان حوالي مائة كازينو تستخدم كاميرات موصولة ببرامج التعرف على الوجوه لمسح نواديها بحثا عن اللصوص والنشالين. كما تستخدم ولاية إلينوي هذه البرامج للقبض على اولئك الذين يستخدمون بطاقات هوية مسروقة للحصول على رخص قيادة السيارات. وتقوم عدة مخافر شرطة في الولايات المتحدة وكندا، باستخدامها للتعرف على المشبوهين. وفي ولاية غرب فيرجينيا يقوم كومبيوتر بتفحص الملايين من صفحات الإنترنت، يوميا، بحثا عن صور لأطفال مفقودين. ويقوم موظفي الانتخابات في كل من المكسيك واوغندا باستخدامها لمنع التصويت المزدوج للناخبين.

وحسب «انترناشينال بايومتريك»، لا تزال تكنولوجيا التعرف على الوجوه في طور النمو، إذ تم الحصول على عائدات بلغت 10 ملايين دولار فقط من بيع برامج التعرف على الوجوه خلال السنة الماضية. ويقول جيم وايمان مدير مركز اختبارات القياسات البيولوجية في جامعة سان خوزيه، الذي قام باختبار برامج التعرف على الوجوه، نيابة عن الحكومة الفدرالية، ان استخدام هذه البرامج سيزداد تدريجيا مع الزمن ما دام مستخدموها لا يتوقعون الكثير من خدماتها في وقت قصير.

تعرف على الوجوه وتم تطوير برامج التعرف على الوجوه في مختبرات الجامعات بناء على طلب وتمويل من وزارة الدفاع لأنها ظنت انه يمكن استخدام هذه البرامج لتعزير الأمن على الحدود ومكافحة تهريب المخدرات. وانتجت النظام الذي يستخدمه العديد من المحققين الجنائيين شركة «فيزاج تكنولوجي» في لتلتون، ولاية ماساشوسيتس. وهو يصنف كل وجه من الوجوه حسب تقاربها مع 128 نموذجا او نمطا أصليا من الوجوه. وتم توليد هذه النماذج الأصلية من الوجوه، بدمج المئات من الوجوه الحقيقية في معالج نظم، واستخدام معادلات رياضية لتحليل الفروق ووجوه الشبه بينها.

ويعتمد منافس «فيزاج» الرئيس وهي شركة «فيجونكس»، في جرسي، على نظام آخر يعتمد على طريقة تحليل خواص الملامح. وهو يقوم برسم مواقع حوالي اثني عشر نقطة على الوجه. وهذه النقاط هي الأماكن التي تتغير فيها منحنيات الوجه، وهي المنحنيات التي تميز كل وجه عن الآخر، ثم يبحث عن مجموعات مشابهة من هذه النقاط الهامة. ويقوم كلا البرنامجان بعرض الوجوه التي يجدانها، بترتيب تنازلي حسب التشابه. وفي ظروف مثالية تستطيع معظم البرامج التعرف على الوجوه. ولكن مجموعة اختبارات قامت بها وزارة الدفاع السنة الماضية، بينت أن الفروق في الإضاءة، وزاوية الكاميرا، والمسافة، وجودة الصورة، تؤثر على أداء برنامج التعرف على الوجوه. كما تقل القدرة على التعرف على الوجوه مع مرور الزمن وتغير الوجه مع كبر السن.

وبين أحد الاختبارات باستخدام صورتين لشخص ما أخذت بفارق سنة بينهما تحت إضاءة مختلفة، أن نظام «فيجونكس» هو الأحسن في الأنظمة الخمسة التي اختبرت، اذ استطاع أن يتعرف على الشخص الصحيح من بين 227 وجها بنسبة 50 في المائة من الوقت. ووضع برنامج «فيجونكس» الشخص الصحيح في أقرب 10 في المائة من التشابه، بنسبة 90 في المائة من الوقت. ولكن ملفات صور المشتبهين تحتوي على عشرات آلاف الصور ولذلك يمكن أن تظهر آلاف الصور في أقرب 10 في المائة. وعندما اختبر النظام ليتعرف على صورة شخص تم تدويرها 45 درجة، استطاع كل من برنامجي «فيزاج» و«فيجونكس» أن يتعرفا على الشخص الصحيح من بين 1200 صورة بنسبة 25 في المائة من الوقت.

ويقر كاتبو هذه البرامج أن الكاميرات التي تلتقط 30 صورة في الثانية، توفر العديد من الفرص للتعرف على الوجه. ولكن اختبارا لتصوير أشخاص يمرون أمام كاميرا لا ينظرون نحوها مباشرة، اظهر أن احسن الأنظمة تعرفت على الشخص الصحيح من بين 165 صورة، بنسبة 35 في المائة من الوقت.

الأحداث الرياضية وصرحت الشرطة انها رصدت، اثناء مباراة السوبر بول في تامبا في فلوريدا، بنظام التعرف على الوجوه، تسعة عشر لصا بين 70.000 مشاهد. ومع أنه لم يتم اعتقال أي منهم، الا ان الشرطة أعجبت بالنظام لدرجة أنها تعتزم وصل نظام مشابه في منطقة «إيبور ستي» وهو مركز الحياة الليلية.

وتعتبر بلدية نيوهام في لندن اكبر مستخدم عمومي لنظام التعرف على الوجوه، إذ توجد حوالي ثلاثمائة كاميرا موجهة على مناطق التسوق الخمس الرئيسة. ويتم إدخال الصور من 10 كاميرات في نظام التعرف على الوجوه. وعندما يتعرف النظام على أي من المائة مشاغب، يطلق إنذارا في غرفة المراقبة. وإذا تطلب الأمر يتم إرسال شرطي لمتابعة المشتبه أو التحقيق معه. ويعزو موظفو نيوهام انخفاض الجرائم بنسبة 30 في المائة إلى هذا النظام.

ولكن حتى في نيوهام لم يؤد هذا النظام إلى أي اعتقال. ويقول بوب لاك وهو الموظف المسؤول عن النظام، أنه عندما سمع المجرمون عن هذا النظام ذهبوا نحو منطقة أخرى. وبينما يدعم لاك وسكان المنطقة هذا النظام، فقد أثار جدلا حول مسائل الخصوصية في بريطانيا والولايات المتحدة. ويخاف مؤيدو الحريات المدنية أن هذا يزيد النظام من قدرة الحكومة على التجسس على المواطنبن.

ولكن توجد منافع لكل وضع أورويللي، اي «رقابي شمولي»، ينتج عن توظيف أنظمة التعرف على الوجوه. ويقول جورج ديفيس مدير شركة «أنسر» وهي مجموعة غير ربحية تستخدم هذا النظام للبحث في الإنترنت عن صور أطفال مفقودين، ان وكالة فيدرالية تدرس عرضا قدمه لاستخدام هذا النظام للبحث في صور الأطفال المفقودين، ضمن المواقع الإباحية في الانترنت.

* (خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط») =