المنتجات الزراعية والغذائية المعدلة وراثيا تثير مناقشات حادة في ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي

TT

لا تزال المنتجات الزراعية المعدلة وراثيا التي توصل العلم الحديث الى تطويرها وطرحت في الاسواق تثير الكثير من المناقشات بين الاوساط الاقتصادية والعلمية والاستهلاكية بحيث تحول هذا الموضوع الى موضوع الساعة في معظم الدول الصناعية وفي مقدمتها جمهورية المانيا الاتحادية، خاصة بعد ان انتقل موضوع المنتجات الزراعية والغذائية المعدلة جينيا عبر المحيط الاطلسي، اي من الولايات المتحدة الاميركية الى القارة الاوروبية ودول الاتحاد الاوروبي الخمس عشرة.

وتشهد الاسواق الاستهلاكية اليوم منتجات من الخضار والفاكهة الجديدة المعدلة جينيا التي تثير اهتمام المستهلكين ومخاوفهم ايضا، ذلك خشية ان تؤدي هذه المنتجات الى الاضرار بصحتهم بسبب التلاعب في جيناتها بطرق صناعية ومخبرية غير مضمونة النتائج منها نوع من الطماطم ذات الطعم اللذيذ والرائحة الذكية وغنية بالعصير الطيب المذاق، تتميز بعدم فسادها وتعفنها بسرعة ولا تسبب متاعب صحية، اذ انها تقلل من فرص نمو الخلايا السرطانية القاتلة الامر الذي ينطبق على منتجات نباتية اخرى كالبصل والشاي وثمار الفاكهة. ويؤكد منتجو هذه المواد الزراعية ان فوائدها الكثيرة لا تقتصر على طعمها ورائحتها ومزاياها الصحية، بل انها غنية ايضا بالمواد المعدنية والفيتامينات وبصورة تتجاوز المنتجات الزراعية الطبيعية التي لم تتدخل يد الانسان في تغيير جيناتها وتركيبها الاصلي.

ومنذ سنوات طويلة يحتل الحليب ومنتجات الالبان المعدلة جينيا، التي سبق معالجتها ببعض انواع البكتريا الصناعية مكانا بارزا في مواد الاستهلاك اليومية وفي الثلاجات المنزلية بل ان نسبة اللبن المعدل جينيا تشكل حوالي 15 بالمائة من منتجات الالبان في الدول الصناعية، خاصة بعد ان اكد الخبراء المختصون ان البكتريا التي تحتويها هذه الالبان تنتشر في جدران الامعاء الدقيقة والغليظة وتساهم في تقوية نظام المناعة الداخلي في جسم الانسان وبالتالي على المحافظة على صحته.

كما يؤكد بعض الخبراء، ان الخبز والمعجنات التي تحتوي على مواد جينية معدلة، تعرف باسم «اوميجا ـ 3» وهي عبارة عن حامض دهني معين تساعد على خفض معدل الكلسترول في الدم بنسبة كبيرة وتوجد عادة في الاسماك والكائنات المائية التي تعيش في المياه الباردة.

وقد استطاع العلماء اضافتها صناعيا الى الاغذية والعلف الذي يقدم الى الدواجن مما يؤدي الى وضعها لبيض ذي نسبة متدنية من الكلسترول الذي يقود الى تصلب الشريان والجلطة الدموية، الامر الذي ينطبق ايضا على انواع السمن الاصطناعي المستخرج من النباتات الطبيعية، الذي يفيد مرضى القلب والدورة الدموية.

وفي سويسرا والنمسا، يوجد اليوم عدد من المنتجات الغذائية التي يدخل القمح الخالص في تركيبها، عمد منتجوها الى اضافة نسبة معينة من فيتامين D والكالسيوم اليها، يتهافت المرضى المصابون بمرض ضمور العضلات على شرائها، تماما كما هو الحال في عدد من منتجات حبوب الصويا التي اضيف اليها نوع من انواع الاوستروجين النباتي، يساعد على مواجهة خطر اصابة النساء بسرطان الثدي والرجال بسرطان البروستاتا، ويقلص من اخطاره السرطانية التي تصيب نسبة كبيرة من النساء والرجال.

ومن هذه المنتجات الجديدة في اسواق المواد الاستهلاكية المعدلة جينيا، نوع من انواع اللبان (علكة) خال من السكر، يعمل على مقاومة تسوس الاسنان، في الوقت نفسه الذي تؤكد فيه شركة هولندية منتجة للسكاكر والحلوى الشيكولاته بان منتجاتها قد زودت، بشكل صناعي بفيتامينات اضافية توفر لمستهلكيها اكثر من النشاط والطاقة والحيوية التي تحتاجها الحياة اليومية.

ولا تقتصر الفوائد الموعودة للمنتجات الزراعية والغذائية المتطورة والمعدلة على سد احتياجات حياتنا المدنية المعاصرة ومتطلباتها العديدة فقط، بل ان هذه الفوائد تشمل ميادين اخرى ايضا. ففي الولايات المتحدة الاميركية يجري حاليا انتاج نوع من البطاطا المعدل جينيا يمكن ان تستخرج منها ادوية وعقاقير مضادة للاسهال الناجم عن بكتريات معينة.

كما يطور نوع من ثمارالموز المعدل جينيا يتيح استخراج عدد من اللقاحات المضادة للامراض والاوبئة ولن تمضي سنوات طويلة قبل ان ينجح العلماء المختصون في انتاج امصال ولقاحات مضادة للسعال الديكي والتيتانوس والنكاف من المواد الزراعية والغذائية المعالجة جينيا.