إعادة توطين بقر الوحش وزيادة أعداد الوعول واحلال بديل للنعام العربي المنقرض في المحميات الطبيعية السعودية

TT

شاركت السعودية امس دول العالم الاحتفال بيوم البيئة العالمي وسط اهتمام محلي بالمحميات الطبيعية كإحدى ركائز السياحة الوطنية والتنمية المستمرة.

واوضح تقرير صادر عن الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وانمائها أن الحكومة السعودية سعت إلى دعم مشروعات وبرامج المحافظة على البيئة ومواردها الطبيعية المتجددة، وتمكنت من إقامة 15 منطقة محمية تحتوي على العديد من النظم البيئية والطبيعية المتنوعة وثلاثة مراكز لاكثار الأنواع السعودية النادرة والمهددة بالانقراض واعادة توطينها مرة أخرى في بيئتها الطبيعية ومن ثم تحقيق التوازن البيئي المنشود والاستفادة من البيئة ومحتوياتها الإحيائية بما يضمن استمراريتها، مشيراً إلى أن هناك استراتيجية وطنية لاقامة المزيد من المناطق المحمية لاستكمال المنظومة الوطنية التي تتعلق بكافة النظم البيئية في المملكة التي ربما ستصبح في المستقبل المتنفس البري الوحيد للمواطنين.

وذكر أن السياحة البيئية وسياحة الطبيعة أصبحت من أولويات الاهتمام بصناعة السياحة ومن متطلبات دعم السياحة الوطنية للدول المختلفة، خاصة بعدما تقلصت المناطق الطبيعية الخاصة بالسياحة والترفيه أو ما يعرف بنـزهة البر، ولقد ساعدت العوامل التقنية الحديثة في انحسار مثل هذه المناطق بعد التمدد العمراني والتوسع الصناعي والزراعي في كافة بقاع الأرض، وإثر ذلك لم يتبق أمام البشر للهروب من الزحام والضوضاء والتلوث سوى مناطق محدودة ونائية لقضاء بعض الوقت للاستجمام والراحة.

واوضح التقرير أن محمية عروق بني معارض بمنطقة الربع الخالي تشكل احدى مناطق الجذب السياحي حيث التكوينات الطبيعية للكثبان الرملية بمنظرها المبدع والتي قد لا يوجد لها مثيل آخر في بقاع الأرض. تزين هذه الكثبان قطعان المها العربي أو ما يعرف بالوضيحي أو بقر الوحش الذي عاش منذ آلاف السنين وانقرض لفترة من الزمن بفعل الصيد الجائر وتدهور بيئاته الطبيعية، إلا أن الجهود الحثيثة التي قامت بها الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وانمائها بإكثاره تحت الأسر ثم تجربة إعادة توطينه في محمية محازة الصيد المسيجة بالطائف التي تبلغ مساحتها نحو 22 ألف كيلومتر مربع شجعت على المضي قدماً في إنطلاقه بحرية في محمية عروق بني معارض بالربع الخالي جنباً إلى جنب مع غزال الرمال أو ما يعرف بغزال الريم، وكذلك غزال الجبال او ما يعرف بغزال الأدمي. هذه الأنواع الفطرية النادرة أعادت البهجة والجمال الطبيعي والتوازن البيئي للمنطقة بأسرها والتي ألهمت في الماضي العديد من شعراء وأدباء العرب في التغني بها منذ القدم، ولقد تضاعفت أعداد الحيوانات من العشرات التي بدأ إطلاقها منذ عام 1415هـ لتصبح الآن عدة مئات بعد أن تأقلمت وتكيفت طبيعياً في بيئتها الأصلية.

واضاف أن ذلك لا يقتصر على إكثار واعادة توطين الأنواع السعودية النادرة المهددة بالانقراض، بل أن الأمر يتعدى ذلك حيث سجلت مؤشرات إيجابية في حماية التنوع الإحيائي، فقد سجلت أنواع جديدة من النباتات في المملكة، كما سجلت أنواع عديدة من الطيور المهاجرة، بل تم تسجيل العديد من الأنواع التي بدأت تتكاثر لأول مرة في المملكة.

وذكر التقرير أن محمية الوعول التي لا تبعد عن الرياض العاصمة سوى 180 كلم وتشكل بيئة جميلة مميزة تحوي اكبر قطيع بري من الوعل الجبلي حيث تزيد اعداد الوعول عن 600، إضافة إلى ما يزيد عن 800 غزال أدمي، ناهيك من الأنواع الفطرية الأخرى من الطيور الجارحة مثل العقبان والنسور والصقور إضافة إلى الضب والورل والقط البري والوشق وغيرها، والزائر لتلك المنطقة يمكن أن يلاحظ الفرق الكبير والواضح بين الغطاء النباتي من أشجار وشجيرات ونباتات موسمية خارج نطاق المنطقة المحمية وداخلها. وهذه المنطقة إلى جانب كونها منطقة طبيعية فهي تعد بمثابة مختبر طبيعي مفتوح للدارسين وطلاب العلم، كما يمكن أن تصبح مزاراً لمواطني الحوطة والحلوة والحريق والخرج والرياض نظراً لقربها من تلك المدن، كما تشكل محمية جزر فرسان ومحمية جزيرة أم القماري بالبحر الأحمر ومحمية الجبيل للأحياء الفطرية بالخليج العربي قيمة بيعية وتراثية وسياحية واقتصادية هامة. فهي تحتوي على بيئات طبيعية برية وبيئات طبيعية بحرية غاية في الجمال والتنوع وتوفر مختلف الأنشطة والرياضات لمحبي سياحة الطبيعية، فهذه المناطق تزخر بغابات أشجار المانجروف «القرم والقندل» تلك الأشجار والشجيرات التي تنمو في مياه البحر وتعد ملجأ لكثير من ضيوف الحياة الفطرية البرية كالطيور والحيوانات البحرية كالقشريات والأسماك وهي هامة بالنسبة للثروة السمكية ولصحة البيئة بشكل عام، كما تشكل الشعاب المرجانية وأسماكها الملونة لوحة فريدة لهواة الغوص. واما الجزر المختلفة فتحضن رمالها أعشاش العديد من طيور الخرشنة والغاق والنوارس، وكذلك السلاحف البرية بنوعيها السلاحف الخضراء والسلاحف المنقار.

ودعا التقرير هواة مشاهدة أنواع الحياة الفطرية عن قرب زيارة محمية محازة الصيد حيث يمكن مشاهدة المها العربي وغزال الريم وغزال الأدمي والنعام الحمر الرقبة الذي أعيد ليحل محل النعام العربية القريبة الصلة به بعد أن انقرض تماماً من سطح الكرة الأرضية.

واعتبر أن التنسيق بين الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وانمائها والهيئة العليا للسياحة في الإعداد للمؤتمر الدولي للسياحة البيئية والمزمع عقده أواخر العام الحالي 2001 سيلقى المزيد من الضوء والاهتمام على هذه القضايا المهمة.