مشروع بيئي لحماية الساحل السوري واللبناني

المشروع تنفذه الإدارة الساحلية المتكاملة بين سورية ولبنان بمنحة أوروبية للحفاظ على الحياة البحرية

TT

قام، أخيراً، الاتحاد الأوروبي بتقديم منحة للحكومتين السورية واللبنانية من أجل تنفيذ مشروع الإدارة الساحلية المتكاملة بين اللاذقية على شاطئ المتوسط في سورية، وجبيل في لبنان، وذلك ضمن إطار البرنامج الإقليمي «صيدا». وسينفذ هذا المشروع على عدة مراحل وهي: 1 ـ مرحلة تنظيم وبدء المشروع.

2 ـ مرحلة تأسيس نظام المعلومات الجغرافي.

3 ـ تنمية وتجربة خطة الإدارة الساحلية، التي تضم أربعة مشاريع نموذجية هي: إدارة النفايات الصلبة، معالجة النفايات السائلة، تخطيط المناطق الصناعية، والتنمية السياحية، وذلك كمشاريع رائدة مرجعية للمستقبل.

4 ـ تقويم المشروع ونشر النتائج.

وستتم الأنشطة الأساسية للمشروع من قبل شركة «الفيروتيك» الدولية، وهي شركة استشارات تعمل في دول المنطقة، ومنها سورية، وبدعم من شريكها الإيطالي «يوروايكو». ويهدف المشروع إلى إنتاج وتجربة خطة إدارة ساحلية متكاملة في منطقة عمله بهدف الوصول إلى تطوير وتنفيذ خطط متكاملة لإدارة المناطق الساحلية بطريقة دائمة بيئياً واقتصادياً واجتماعياً، كذلك تنفيذ برنامج تدريبي خلال مراحل المشروع بهدف تنمية المهارات الفنية للموظفين المحليين وتمكين المجتمع المحلي من متابعة نشاط المشروع بعد انتهاء فترة التمويل.

ملوثات عضوية يجدر بالذكر، أنه تمت أخيراً في جامعة تشرين بمدينة اللاذقية، مناقشة رسالة دكتوراه لأحمد قرة علي عن الملوثات العضوية والمبيدات في المنطقة الساحلية السورية، حيث ناقشت الأطروحة استقصاء المبيدات الكلورية العضوية ومركبات ثنائي فينيل متعدد الكلور في الرسوبيات وبعض الأحياء التي تعيش أو ترتاد شاطئ مدينة اللاذقية، وتحديد بعض المصادر البرية التي تساهم في نقل هذه الملوثات إلى البيئة البحرية وتبيان أثر هذه الملوثات على السلسلة الغذائية المتعلقة بالإنسان، وقد وجدت الدراسة أن هناك تراكماً لهذه الملوثات في كل من الرسوبيات والأحياء البحرية لشاطئ مدينة اللاذقية، حيث تم اختيار أسماك البوري البحرية ونوعين من الرخويات البحرية القاعية اللذين يتميزان بنظامين غذائيين مختلفين، وتبين أن هناك نوعاً من النشاط في تراكم هذه الملوثات في الأحياء البحرية المدروسة، خصوصاً مركبات ثنائي فينيل متعدد الكلور PcBs، ولاحظت الدراسة أن تراكيز هذه الملوثات المتراكمة في الأسماك أقل من الحدود المسموح بها، كما تبين أن نهر الكبير الشمالي، الذي يقع في المنطقة الساحلية السورية، يساهم في نقل هذه الملوثات إلى البيئة البحرية، كما تلعب التيارات البحرية دوراً في نقل هذه الملوثات من منطقة لأخرى. وقد ظهر هذا في مناطق المياه الضحلة، وبشكل عام فإن مركبات الـ PcBs ثنائي الفينيل متعدد الكلور هي مركبات اصطناعية وتدخل في مواد الدهانات والأدوات الكهربائية والمنزلية والمواد الدبقة وبعض مواد البناء والبلاستيك والعوازل الكهربائية وحبر الطباعة والزيوت الهيدروليكية وزيوت المكابح، وتعد هذه المركبات واسعة الانتشار في الاوساط البيئية، لذلك ـ كما يؤكد الباحث في دراسته ـ من الضروري إيجاد خطط لمعالجة انتشار هذه الملوثات المستقرة كيماوياً وإيجاد برامج مراقبة للملوثات والأحياء البحرية وتحديد النقاط التي تساهم في وصول هذه الملوثات إلى البيئة البحرية.

التنوع البحري من جهته قدم الخبير البيئي السوري الدكتور أكرم درويش، دراسة علمية حول الشاطئ السوري، أكد فيها أن هذا الشاطئ غني بمئات الأنواع الحيوانية البحرية منها عدد من أنواع الأسماك مثل فصيلة سيرانيدي كاللقس الرملي والصخري والحبشة وفصيلة السلطانيات وفصيلة الغبنار وفصيلة الاسبورت، وهناك أيضاً الاسفنجيات وتضم حوالي 15 نوعاً منها الاسفنج السوري الذي يشتهر عالمياً من حيث الأهمية البيئية والقيمة الاقتصادية، وتشير بعض الدراسات إلى محاولة الباحثين الفرنسيين في عام 1860م لنقل هذا النوع من الاسفنج إلى سواحل فرنسا لاستزراعه، كذلك في الشاطئ السوري السلاحف البحرية وأهمها السلحفاة الحنفاء وعشرات الأنواع من القشريات والرخويات وعدد كبير من النباتات البحرية، كما تشير الدراسات إلى تعرض التنوع الحيوي البحري إلى تراجع كبير بسبب الاعتماد المكثف على أهم أنواعه كغذاء، وأيضاً بسبب طرق الصيد والصيد المكثف وهذا ما أدى إلى تراجع العديد من الأنواع الحية وتعرض بعضها لخطر الانقراض، لذلك تم وضع خطة العمل الوطنية للتنوع الحيوي في سورية، وتضمنت اقتراح العديد من المواقع لتكون محميات بحرية، الموقع الأول بالقرب من الحدود السورية ـ اللبنانية بمسافة 5 آلاف هكتار، وبالقرب من جزيرة ارواد بمساحة 1500 هكتار، وشمال مدينة طرطوس بمساحة 3 آلاف هكتار، ومحمية أم الطيور شمال اللاذقية، بالاضافة إلى الشاطئ الواقع جنوب مدينة اللاذقية بنحو 5 كلم، الذي يعتبر موئلاً مهماً لتعشيش السلاحف البحرية والعديد من أنواع الأسماك كالبوري وسمك موسى والغنبار وفصيلة الاسبورات.

ومن هنا أيضاً، تأتي أهمية مشروع الإدارة المتكاملة للساحل والشاطئ السوري، الذي سينفذ بمنحة أوروبية، وسيساهم هذا المشروع بحماية التنوع الحيوي البحري والحد من تلوث الشواطئ السورية.

=