تحلية مياه البحر وتنقية الموارد المائية التقليدية أهم توصيات المؤتمر الدولي لاستخدام المياه في البلاد العربية

السعودية تتصدر العالم بتقنيات التحلية ودول التعاون الخليجي تحتل المرتبة الأولى في إنتاج المياه العذبة من البحر

TT

اختتم «الموتمر الدولي الاول للاستخدامات الاقتصادية والاجتماعية للمياه في البلاد العربية» اعماله، التي بدأت في بيروت يوم 18 يونيو (حزيران) واستمرت حتى يوم امس 21 منه، باربع جلسات تناولت أربعة عناوين رئيسية هي تحلية مياه البحر واعادة تكرير المياه المبتذلة (مياه الصرف الصحي) والاستفادة من المياه الجوفية اضافة الى تأثير المشاريع المائية على البيئة. وصدرت عن المؤتمرين في نهاية الجلسات عدة توصيات شددت على انشاء جمعية عربية للمياه تفتح ابواب عضويتها لكافة المختصين والعاملين ورجال الاعمال والافراد في مجال المياه، لتكون همزة وصل بينهم وبين صانعي القرار. اضافة الى تكريس الاموال اللازمة للأبحاث المتعلقة بتطوير تقنيات تحلية وتنقية موارد المياه التقليدية وغير التقليدية، واعادة تأهيل شبكات المياه لزيادة كفاءة توزيعها وتحفيز القطاع الخاص على الاستثمار في هذا المجال.

وتطرقت التوصيات الى ضرورة وضع او تحديث او تفعيل التشريعات والآليات التي تحول دون تلويث مصادر المياه المختلفة، وشددت على ترسيخ العمل الاعلامي الذي يبرز الحقوق المائية العربية بما يعزز ويوضح صورة الوضع المائي لصانعي القرار، اضافة الى توفير الوسائل ودعم المؤسسات الحافزة على اجراء الدراسات والابحاث القانونية الدولية التي تؤكد وتبرز الحقوق العربية التاريخية في المياه السطحية والجوفية المشتركة مع دول الجوار.

تحلية مياه البحر وتحدث في الجلسة الاولى من جلسات الاختتام والتي ركزت على تحلية مياه البحر، اكبر مصدر للمياه في دول العالم العربي، رئيس منظمة تحلية مياه البحر العالمية غسان عجة، فكشف ان الاهتمام بالتحلية بدأ يتزايد في اصقاع الكرة الارضية كافة، اذ بلغ عدد المعامل المختصة 13600 معمل قادرة على تأمين 26 الف متر مكعب في اليوم، موزعة على 120 دولة.

وتحتل دول مجلس التعاون الخليجي في اللائحة المرتبة الاولى في انتاج مياه البحر المحلاة، التي تصل الى 11.991.000 متر مكعب في اليوم اي حوالى 50% من الطاقة العالمية. وعلى الصعيد الدولي تتصدر المملكة العربية السعودية قائمة الدول المستخدمة لتقنيات التحلية بمعدل 32.6% من المقدرة العالمية، فيما تحتل الولايات المتحدة الاميركية المرتبة الثانية بـ16.7%، تليها الامارات العربية المتحدة بـ16.3% ثم الكويت بـ6.4%.

وشدد عجة في محاضرته على اهمية المعامل المزدوجة الاهداف والتي تهتم بانتاج الطاقة وتحلية مياه البحر معاً، معتبراً انها تسمح بتخفيض كلفة انتاج المياه العذبة الى 50 سنتا لكل متر مكعب مقابل 2 سنت للكيلوواط على صعيد انتاج الطاقة.

وعلى هامش المؤتمر اعرب غسان عجة لـ«الشرق الاوسط» عن تقديره للمؤتمر كفكرة وأداء، وان كان وجد فيه بعض النواقص المتمثلة بـ«غياب التنسيق مع السلطات اللبنانية، والذي ترجم بعدم حضور الجامعة الاميركية في بيروت وباحثيها الذين كنا نتمنى مشاركتهم العلمية في الموضوع». واضاف «اما المأخذ الثاني فيتمثل بتجاهل العرب للاسباب الحقيقية لشح المياه في اوطانهم، لانهم يختبئون تحت السجادة ويرفضون تسمية الامور باسمائها. اذ لم اسمع اي متحدث يشير الى التكاثر السكاني العشوائي كسبب رئيسي في نقص مصادر المياه، ولذلك ورغم امله في اقامة مؤتمرات لاحقة، الا انه يشك في صدور توصيات عملية عن المؤتمر الاول في حال تجاهل الحاضرون مشكلة التكاثر العشوائي.

اما مستشار مؤسسة تحلية مياه البحر في المملكة العربية السعودية محمد الصوفي فتحدث في كلمته عن مستقبل تحلية مياه البحر في المملكة، ودول مجلس التعاون، عن طريق الادارة الكاملة لمصادر المياه الموجودة والممكن استخدامها. ورأى ان التجربة الناجحة في دول الخليج تساعد على ترسيخ قاعدة التحلية في العالم ككل. مشيراً الى ضرورة تطبيق المعايير الاخلاقية في عملية العرض والطلب على المياه كي لا يتضرر الفقراء وحدهم، اضافة الى وجوب الصيانة الدائمة لمعامل التحلية لاهمية الامر على صعيد الصحة العامة والبيئة. ولم ينس التركيز على اهمية تشجيع وتمويل الصناعة لتحسين طاقة الانتاج.

تكرير المياه اما الجلسة الثانية فتحدث فيها ثلاثة محاضرين عن تقنية اعادة تكرير المياه المبتذلة. ركز فيها اختصاصي معالجة واعادة تكرير المياه في سان فرانسيسكو الدكتور باهمان شيخ على استخدام المياه المبتذلة بشكل غير مدروس والاضرار الناتجة عن ذلك والمتمثلة في الامراض الجرثومية، اضافة الى اخطارها على البيئة خصوصاً حين تزيد نسبة الاملاح في التربة او عناصر اخرى مؤذية. ورأى ان معالجة المياه المبتذلة تسمح باستخدامها في الحمامات ومكافحة الحرائق وغسيل السيارات والطرق ونافورات الزينة في الطرقات اضافة الى امكانية استخدامها في الصناعات المختلفة مما يوفر المياه العذبة النظيفة لاستخدامات اكثر اهمية. كذلك ركز على فائدة التوعية الاجتماعية في ترشيد استعمال المياه وتشجيع المواطنين على استخدام المياه المبتذلة المعاد تكريرها.

وفي حديث لـ «الشرق الأوسط» اكد باهمان شيخ ان سبب تأخير استخدام وسائل ترشيد استعمال المياه واعادة تكريرها يعود الى التمويل، «فالعملية مكلفة جداً، قد تبلغ حوالى 40 مليون دولار في العشرين سنة المقبلة». وقال «صحيح ان نصف المبلغ قد يقدم هبة من البنك الدولي وغيره من المؤسسات العالمية لكن الباقي يجب ان يأتي من الدول نفسها وهذا يعني اقتطاع مبالغ معينة من موازنة الدولة لتخصيصها لاعادة تكرير المياه، وهذا ما قد لا يقبله وزراء القطاعات الاخرى».

وعرض الدكتور طالب ابو شرار من الجامعة الهاشمية في الاردن تجربة بلده في تحلية مياه البحر وفائدة هذه العملية على الزراعة حيث ثبت ان التربة المروية بالمياه المحلاة تقل فيها نسبة الحموضة عن غيرها، اضافة الى انها تضم نفس نسبة الفوسفات والمعادن الاخرى الموجودة في غيرها وهي توفر استخدام المياه.

كذلك عرض مدير قسم المياه في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في المملكة العربية السعودية الدكتور وليد عبد الرحمن دور الجامعات ومراكز البحوث العلمية في تنفيذ البحوث التطبيقية وتقديم الحلول لمشاكل المياه في الدول العربية. فقد ارتفع الطلب على المياه من 400 مليون متر مكعب في العام 1980 الى 2350 مليون متر مكعب في العام .2000 فيما بلغت كمية المياه المستخدمة في الري 18000 مليار متر مكعب في العام 2000 اي اكثر من 90% من استخدام المياه في البلاد.

ثم تحدث عن دور قسم المياه في معهد البحوث في جامعة الملك فهد وانجازاته في مجال تطوير تقنيات حديثة وجديدة في مختلف مجالات المياه. وفي الجلسة الثالثة تحدثت رئيسة قسم المياه الجوفية في وزارة الموارد المائية والري في مصر فاطمة عبد الرحمن عطية عن المياه الجوفية، ودعت الى استخدام وسائل مناسبة لدعم تقويم المياه الجوفية وتحديد مدى مقاومتها للتلوث للقيام بمشاريع مختلفة مع الاهتمام بتدريب الاختصاصيين حول الموضوع المترافق مع رفع مستوى الوعي العام عبر اطلاع المستخدمين على مراحل التخطيط المتعلقة باستخدام المياه الجوفية.

وركز البروفسور في الهندسة البيئة من كندا ثائر حسين في الجلسة الرابعة على التأثيرات البيئية لتحلية مياه البحر واعادة تكرير المياه المبتذلة، على دول الشرق الأوسط. فقد استطاعت دول المنطقة اطلاق مشاريع انمائية زراعية لتصل الى نقطة الاكتفاء الذاتي.

=