أعضاء من شركتي «إنتل» و«هيولت باكارد» في الرياض يكشفون أمام «الشرق الأوسط» خفايا المشروع الذي يطرح حاليا في الأسواق السعودية

مباحثات سرية ومشاريع محفوفة بالمخاطر والتحديات عبر مسيرة سبعة أعوام لقيادة العالم إلى تقنية المستقبل

TT

طرحت شركتا «انتل» و«هيولت باكارد» (HP) حالياً في الأسواق السعودية والعالمية معالجات «ميرسيد» (Merced)، الجيل الأول من عائلة معالجات «إيتينيوم» (Itanium)، بالاضافة إلى الأجهزة الخادمة التي تعمل بهذه التقنية، لتوفير احتياجات السوق المحلية، مستهدفة حصة تقدر بحوالي 36 في المائة من القطاعات التي تعتمد على معالجات 64 بت، كقطاعات الاتصالات والبنوك وقطاع البترول والغاز. وتعتمد معالجات «إيتينيوم» التي قامت شركتا «انتل» و«هيولت باكارد» بتطويرها وإنتاجها على تقنية «إبيك» التي لها القدرة على معالجة عدد ضخم من الأوامر على التوازي في وقت أقل مما كانت عليه التقنيات السابقة.

وأكد فرهاد باتيل مدير التجارة الإلكترونية في شركة «انتل» الشرق الأوسط وأفريقيا لصحيفة «الشرق الأوسط» أن «انتل» استثمرت مبالغ طائلة لتطوير وإنتاج تقنية «إيبك»، كما استثمرت 250 مليون دولار لدعم مطوري البرمجيات التي تعمل على الأجهزة الخادمة لهذه التقنية. وأضاف «إننا نتطلع إلى كمية الأعمال التي يمكن لهذه التقنية إتمامها في وقت أقصر مما كانت عليه في التقنيات السابقة التي تعمل على معالجات 64 بت».

وتقول التقارير والنشرات الاقتصادية أن «انتل» استثمرت ما يزيد عن 5 مليارات دولار في تطوير وإنتاج تقنية «إيبك» لمعالجات «إيتينيوم»، فيما تقول مصادر أخرى أن المشروع كلف ما يزيد عن 7 مليارات دولار، إذ عمل في أحد فترات المشروع ما يزيد عن 5 آلاف مهندس.

ويقول عبد الرحيم باوزير مدير شركة «هيولت باكارد» في السعودية لجريدتنا «تبعاً للمنافسة المتزايدة عاماً بعد آخر تزداد تكاليف إنتاج المعالجات ذات القدرات العالية، التي أصبحت مطلبا للمستخدمين، لاعتماد التواصل عبر الشبكات وتخزين المعلومات». وأضاف «تشير التقارير إلى أن تكاليف تطوير المعالجات وصل في عام 1998 إلى 4 مليارات دولار، وحتى تطور شركة ما معالجاً بهذه الكلفة فانه لابد من تسويقه بكميات ضخمة».

وأشارت إحدى الشركات الاستشارية إلى أن «انتل» تغطي 90 في المائة من احتياجات السوق العالمية في مجال الشرائح الإلكترونية، مما يعني خبرتها في التسويق الذي تطمح إليه شركة «هيولت باكارد» في تحالفها معها، إضافة إلى إمكانية خفض تكاليف التطوير وإجراء التحديثات المستجدة على المعالجات بسهولة، فيما قدمت «هيولت باكارد» خبرتها في تصميم تقنيات 64 بت التي تعمل على أجهزة تتراوح ما بين أجهزة «يونكس» الصغيرة إلى الوحدات المركزية الضخمة.

ويقول باوزير «نحن الشركة الأولى التي تطرح حالياً في الأسواق السعودية والعالمية خدماتها التي تعمل على تقنية «إيبك» لمعالجات 64 بت التي يمكنها أن تحتوي على معالجين إلى 64 معالجا، لتتيح لمستخدميها العديد من الخيارات، واستبدال المعالجات القديمة بالأحدث لتسمح لها بالعمل تلقائيا». ويضيف «ان شركتنا استهدفت العديد من القطاعات السعودية خاصة تلك التي تحتاج إلى قدرات عالية لتشغيل تطبيقاتها في مجال المحاكاة كالتصاميم الهندسية والغرافيك وقطاعات البنوك والنفط والغاز والتجارة الإلكترونية».

ومن جانبه يقول باتيل «لو دققنا النظر في معدل النمو في السوق السعودية لوجدنا أن معدل استخدامها للتقنيات الحديثة أعلى من متوسط الأسواق العالمية، نظراً للتوجه العام نحو بناء البنية التحتية للتقنية خلال هذه الفترة، لوجود استثمارات حديثة في مجال تقنية المعلومات وشبكة الانترنت». ومع أن تقريرا أعدته شركة IDC يتوقع أن تبلغ حصة معالجات «إيتينيوم» في السوق معالجات خادمات 64 بت حوالي 36 في المائة من السوق العالمي، يتوقع باتيل أن تزيد هذه النسبة عن ذلك في السوق السعودية، نظراً للإقبال المتزايد نحو التقنيات الحديثة محلياً.

وأوضح عاصم جلال مدير قطاع الحاسبات في شركة «هيولت باكارد» لمنطقة الشرق الأوسط لصحيفة «الشرق الأوسط» قائلا «من واقع خبرتنا في السوق المحلية، فان أغلبية القطاعات السعودية تستخدم النطاق المتوسط من تقنيات الخادمات، التي تعتمد تقنية SAPERP، والذي أوجدنا لها خادمات تحوي على 4 معالجات لتفي باحتياجات هذه الفئة، فيما وفرنا خادمات يزيد محتواها عن 8 معالجات وصولا إلى 64 معالجا، لتفي باحتياجات قطاعات البنوك والاتصالات والبترول والغاز». وأضاف «نعقد حالياً العديد من اللقاءات والاجتماعات والمشاورات مع العديد من القطاعات السعودية، فيما بدأ قطاعان كبيران بتجربة هذه التقنية حالياً، نظراً لاهتمام السعودية في إيجاد بنية تحتية للمعلوماتية وتوفير احتياجات القطاعات الصناعية». وأكد جلال على أن «هيولت باكارد» و«انتل» ومايكروسوفت تقوم حالياً بتطوير برنامج «داتا سينتر» لتشغيل هذه الخادمات التي تضمن عدم توقفها واستمرارية العمل دون حدوث خطأ لضمان معالجة المعلومات بدقة».

وتشغل تقنيات «ريسك» و«سيسك» قطاع الخادمات في الأسواق العالمية لمدة تجاوزت العشر سنوات. ولقد تميزت تقنية «ريسك» عن «سيسك» في سرعة معالجة البيانات، وتعتمد تقنية «سيسك» المستخدمة من قبل قطاع الأعمال المتوسطة والصغيرة، والتي تحوي على عدد كبير من الأوامر، على معالجة البيانات مباشرة مما تصبح معه فترة المعالجة أطول من تقنية «ريسك» التي تغطي الشركات الكبرى بنسبة 66 في المائة. وتعود قصة هذا التحالف بين شركتين من كبرى شركات وادي السليكون إلى عام 1993، عندما رأت شركة «هيولت باكارد» التي تمتلك تقنية معالجات 64 بت، انه لا بد من إيجاد تقنية تفي باحتياجات سوق المعلوماتية العالمي، بأداء أعلى 70 في المائة عن ما هو متوفر حالياً من تقنيات «ريسك» و«سيسك» التي مضى عليها عقد من الزمن، إلا أن تكاليف التطوير العالية أدت إلى توجهها إلى شريك مناسب («انتل») لديه قدرات عالية على الإنتاجية بكميات ضخمة للشرائح الإلكترونية وبتكاليف منخفضة وطرحها بأسعار منافسة.