قصة تقنية «إيبك»

TT

بدأت الاجتماعات السرية عام 1993 في مدينة صن فايل على مستوى عال لمديري ومهندسي الشركتين خلف أبواب مغلقة، وكانت هذه اللقاءات محاطة بسرية تامة، ووضعت لها قوانين ملزمة بعدم خروج أي أعضاء ينضمون إلى سلسلة هذه الاجتماعات، مع إتلاف جميع الأوراق التي تدون عليها الملاحظات أثناء انعقاد اللقاءات، لمنع تسرب أية معلومات خارج نطاقها، سعياً لتطوير تقنيات حديثة تهدف إلى قيادة وتوجيه العالم نحوها. وبدأت الشركتان بحفظ وثائق المشروع في خزائن سرية اتفق على إتلافها وتدميرها متى كتب له الفشل، وبالفعل لم تكن هنالك أية تصريحات حول هذا المشروع الذي بدأ سراً والذي كان يرمز إليه باسم مشروع «تاهو» بين الأعضاء المجتمعين.

ويهدف هذا التحالف إلى إيجاد طريقة لدمج قدرات «هيولت باكارد» في توفير الخطط وتصميم التقنيات العالية الأداء في مجال معالجات 64 بت مع قدرة شركة «انتل» الإنتاجية للشرائح الإلكترونية بتكاليف منخفضة وبنائها بشكل سريع وعرضها لأكبر شريحة من المستهلكين. وفي يونيو (حزيران) 1994 أعلنت الشركتان اتحادهما لتطوير هذه التقنية، والتي بثت المخاوف في الشركات الأخرى مثل «صن مايكروسيستمز» و«آي بي إم»، التي تستثمر مليارات الدولارات في معالجات 64 بت، التي تعتمد على تقنية «ريسك»، والتي تمثل أسواق الشركات التي تعمل في مجالها ما يقارب 54 مليار دولار، فدخول «انتل» إلى سوق معالجات 64 بت سيقلل حتماً من أرباح الشركات المنتجة لأجهزة الخادمات، كما حدث عندما قدمت «انتل» معالجات «زيون» إلى الأسواق الصغيرة التي أدت إلى انخفاض أسعار هذه الأجهزة لتصل إلى 5 آلاف دولار.

وفي هذه الأثناء وافقت 12 شركة عالمية رائدة في مجال تطوير وتصنيع الخادمات منها «هيولت باكارد» و«آي بي إم» و««سيليكون غرافيك» و«كومباك» وغيرها، على أن تعمل جميعها على تطوير أجهزة خادمات تعمل على تشغيل هذا النوع من التقنية («إيبك»).

وكان هذا التحالف محفوفاً بالمخاطر خاصة انه واجه العديد من التحديات، كان أهمها رفض شركة «صن مايكروسيستمز» هذا التوجه نحو تقنية «إيبك» لاعتقادها بأنها ليست كافية وغير صالحة للاستخدامات العامة. وينحصر التحدي الثاني في توجه الشركات الكبرى نحو التحول من أنظمة الخادمات الضخمة إلى إيجاد عناقيد من أجهزة خادمات صغيرة مرتبطة معاً لتعمل كخادم كبير، إضافة إلى وجوب سرعة تطوير البرمجيات التي تعتمد تقنية «إيبك» لمعالجات 64 بت، التي أدت جميعها إلى إطلاق مسمى المسيرة المميتة على هذا المشروع.

ورغم الصعوبات والتحديات التي واجهت المشروع منذ بدايته، فقد أعلن التحالف في عام 1997 عن جاهزية التصاميم لمعالجات «ميرسيد»، وأعلن جادي سينجر نائب رئيس شركة «انتل» في يوليو 1999 عن إتمام الفريق مشروع «ميرسيد»، وهو أول جيل من عائلة معالجات «إيتينيوم»، وفي نهاية عام 2000 أنهت «انتل» تطوير هذا المعالج واصبح مطروحاً بكميات محدودة للتجربة.

وانقضت سبع سنوات من الأعمال الشاقة لتطوير هذا المعالج، ليقطف المشروع أول ثمار هذه الشراكة في إطلاق معالج «ميرسيد» أول جيل في عائلة «إيتينيوم» بسرعة 733 و 800 ميغاهيرتز وبمحتوى 25 مليون دائرة إلكترونية، وبذاكرة مخبئية داخلية تتوزع على ثلاثة مستويات قدرها 2 إلى 4 ميغابت تحوي على 300 مليون دائرة إلكترونية. وفي هذه الأثناء عمل مهندس شركة «هيولت باكارد» على تطوير وتصميم الجيل الثاني من عائلة «إيتينيوم» الذي أطلق عليه اسم «ماكينلي» (Mckinley) بسرعة تبدأ من 1000 ميغاهيرتز ليصبح متوفراً في الأسواق العالمية العام المقبل.