العاب الفيديو والكومبيوتر تهدد الأطفال بمتاعب صحية خطيرة

ممارسة الألعاب الإلكترونية في السنوات الأولى من عمر الطفل تؤدي لاحقا إلى ضعف التركيز والتعرض للومضات الضوئية يقود إلى التشنج

TT

الألعاب الإلكترونية سواء على اجهزة «بلاي ستيشن»، أو حتى الألعاب المعروضة على الهواتف المحمولة، بدأت تجسد، داخل المجتمع المصري، وظيفة عصرية جديدة، وهي الجليس الإلكتروني للطفل، فهي تؤنسه وتشغله ساعات طويلة، وتطغى على الأوقات الأخرى المخصصة لأي انشطة نافعة. وأصبح الأطفال يقضون معظم أوقاتهم مع ألعاب الكومبيوتر بدلا من استخدام الأجهزة ذاتها في أنشطة أكثر نفعا مثل جمع المعلومات أو التصميم والابتكار، حتى وصل بهم الأمر إلي درجة التعود الشديد على هذه الألعاب والثورة عند اعتراض الأهل على إهدار الوقت والمال والصحة.

آلام الرقبة وخطر الإشعاع وابرزت دراسة حديثة اجرتها الدكتورة إلهام محمد حسني، أستاذة طب الأطفال بجامعة عين شمس، الأضرار الصحية والسلوكية لظاهرة الألعاب الإلكترونية، وقالت أنه على مدى الخمس عشرة سنة الماضية، ومع انتشار ألعاب الكومبيوتر ظهرت مجموعة جديدة من الإصابات الخاصة في الجهاز العظمي والعضلي نتيجة الحركة السريعة المتكررة، حيث اشتكى العديد من الأطفال من آلام الرقبة وخاصة في الناحية اليسرى منها، إذا كان الطفل يستخدم اليد اليمني، وفي الجانب الأيمن إذا كان أعسر، ويأتي ذلك نتيجة لسرعة استخدام اليد وشد عضلات الرقبة وعظمة اللوح. واوضحت أن الجلوس لساعات عديدة أمام الكومبيوتر أو أثناء مشاهدة فيلم تلفزيوني طويل، بجلسة غير سليمة، يسبب آلاما مبرحة أسفل الظهر، كما أن كثرة حركة الأصابع على لوحة المفاتيح تسبب أضرارا بالغة في إصبع الإبهام ومفصل الرسغ نتيجة لثنيهما بصورة مستمرة.

وتشير الدكتورة إلهام حسنى إلى أن حركة العينين تكون سريعة جدا أثناء ممارسة ألعاب الكومبيوتر مما يزيد من فرص إجهادها، إضافة إلى أن مجالات الأشعة الكهرومغناطيسية القصيرة التردد، المنبعثة من شاشات الكمبيوتر تؤدي إلى حدوث الاحمرار في العين والجفاف والحكة وكذلك الزغللة وصعوبة الإبصار وازدواج الرؤية، وكلها أعراض تعطي الإحساس بالصداع والشعور بالإجهاد البدني وأحيانا بالقلق والاكتئاب، كما أن هذه الموجات الإلكترونية تسبب احمرار جلد الوجه والعينين والإحساس بالسخونة والألم.

أضرار صحية وسلوكية وتحذر الدكتور إلهام حسني من حدوث نوبات متكررة من التشنج لدى الأطفال المصابين بالصرع عند تعرضهم لومضات الضوء الحادة التي قد تصدر عن بعض ألعاب الكومبيوتر أو شرائط الفيديو، مضيفة أن 5% من هؤلاء الأطفال لديهم حساسية من الومضات الضوئية مثل فلاش الكاميرا أو الأضواء الوهاجة. وقد تبدأ نوبات الصرع عند مشاهدة حركات سريعة جدا على شاشة الكومبيوتر في بعض الألعاب الإلكترونية أو التعرض لبعض الألوان بكثرة مثل اللون الأحمر، وربما تزداد الحالة تدهورا نتيجة للضغط العصبي والإجهاد الذهني أو الانفعال الزائد لدى مريض الصرع أثناء ممارسة تلك الألعاب.

وتوضح الدراسة أن كثرة استخدام وممارسة الألعاب الإلكترونية في السنوات الأولى من عمر الطفل تؤدي إلى ظهور بعض الاضطرابات في مقدرة الطفل على التركيز في أعمال أخرى أكثر أهمية مثل الدراسة والتحصيل، بل إن بعض ألعاب الكومبيوتر تشجع على الانحرافات السلوكية الخطيرة التي قد يكتسبها الطفل من المشاهدة مثل انتشار العنف والعدوانية، حيث أثبتت الأبحاث أن الطفل الأقل ذكاء يفضل اختيار الألعاب العنيفة عن غيرها.

ولتقليل أضرار الألعاب الإلكترونية وحماية أطفالنا، تنصح الدكتورة إلهام حسني بألا تزيد مدة اللعب عن ساعتين يوميا بشرط أخذ فترات راحة كل 15 دقيقة، وألا تقل المسافة بين الطفل وشاشة الكومبيوتر عن 70 سم مع الانتباه كذلك للمسافة بين جسم الطفل والأجهزة الأخرى بالمكان بحيث لا تقل عن 120سم. واكدت ضرورة أن تكون الأدوات المستخدمة في اللعب مطابقة للمواصفات العلمية، كأن يكون ارتفاع حامل الكومبيوتر متناسبا مع حجم الطفل بالإضافة إلى التأكد من جودة الخامات المصنوعة منها مقاعد الجلوس وكمية الإضاءة المناسبة بالحجرة، منبهة الى أن تكون الزاوية بين الظهر والفخذين 90 درجة وبالنسبة لزاوية الكوع فتكون 90 درجة أيضا، أما الرسغ فيجب ان يكون في وضع متعادل وليس مثنيا طوال الوقت، وأن تلمس القدمان الأرض ولا تكونا معلقتين بسبب ارتفاع المقعد، مع مراعاة أن تكون شاشة الكومبيوتر مائلة وقمتها محاذية تماما لجبهة الطفل. والأهم من ذلك كله هو أخذ فترات راحة منتظمة أثناء استخدام الجهاز لتغيير وضع الجسم والمفاصل. وتختتم الدكتور إلهام حسني دراستها ناصحة الآباء والأمهات مشاركة أطفالهم في توفير وسائل ترفيه أخرى تنمي شتى مداركهم وملكاتهم كالقراءة والرياضة وممارسة الهوايات الفنية وغيرها، حتى لا نترك أطفالنا في مواجهة الإشعاع المنبعث من أجهزة الألعاب الإلكترونية التي تملأ حياتنا من دون أن ندرك أخطارها الصحية والسلوكية. =