دراسة ألمانية تحذر من استمرار تلوث السواحل السعودية بالنفط بسبب حرب الخليج

الحياة النباتية والحيوانية عادت إلى الانتعاش في بعض المواقع إلا أن آثار كارثة تدفق النفط لا تزال ماثلة بعد 10 أعوام

TT

حذرت دراسة اعدها قسم الجغرافية في جامعة ريجنسبورج الالمانية من «التلوث الخفي» لسواحل المملكة العربية السعودية الشرقية بالنفط الخام، الذي تسرب الى مياه الخليج العربي ابان حرب الخليج الثانية. وتخالف الدراسة التي اعدها فريق من العلماء الالمان بقيادة البروفسور هانز ـ يورج بارت اعلان منظمة حماية البيئة التابعة للامم المتحدة (اونيب) لعام 1993 الذي تحدث عن «عودة الحياة» الى مياه الخليج العربي وسواحله بعد كارثة النفط الخطيرة التي ألمت بالخليج العربي ويتحمل النظام العسكرتاري العراقي المسؤولية الاساسية عنها.

وحسب تقديرات بارت فان كميات النفط الخام التي تسربت من السفن المقصوفة والغارقة ومن صنابير النفط التي فتحها النظام العراقي عن عمد الى مياه الخليج تتراوح بين مليون و6 ملايين طن. وهي كمية تنبىء بعواقب بيئية كارثية لا تقارن بها كارثة تسرب النفط من الناقلة العملاقة ايكسون فالديز عام 1989 على شواطئ الاسكا (40 ألف طن) وكارثة «جيسيكا» التي سربت ما يقدر باكثر من 900 ألف لتر من الوقود والنفط بالقرب من جزيرة جالابوجوس.

ودعا بارت الى ملاحقة نتائج هذه الكوارث البيئية وعدم السماح بنسيانها، كما طوى النسيان كارثة غرق اتلانتيك امبريس عام 1979 مقابل سواحل توباجو حيث تسرب ما يقدر باكثر من 287 ألف طن من النفط الخام الى مياه البحر علما ان وزارة البيئة الالمانية كانت تعتبر كارثة اتلانتيك امبريس اكبر كارثة تسرب نفط في العالم الى ان احتلت كارثة صدام حسين المعروفة بـ«ام الكوارث» محلها بعد تحرير الكويت قبل عشرة اعوام.

تلوث السواحل وحسب الدراسة التي بدأ فريق العمل باعدادها في اكتوبر (تشرين الأول) الماضي فان منظمة الاونيب فحصت مياه البحر فقط ولم تحسب حساب تلوث السواحل السعودية بالنفط الخام. وعلى هذا الاساس فان الحملة العالمية لفحص مياه البحر والسوائل لعام 1995، والتي بادرت الامم المتحدة في اطلاقها، لم تشمل كافة المناطق المصابة في العالم.

ويشير بارت في دراسته الى ان المسؤول عن «اهمال» التلوث البيئي على سواحل الخليج في السنوات الاخيرة لم يكن الاعلام العالمي وتماهل الاونيب فقط، لأن السواحل السعودية لعبت دورا هاما في «تغطية» عواقب الكارثة بطبقة سميكة من الرمل الناعم. إذ ان حركة الرياح والرمال الناعمة غطت على نفايات النفط الخام على السواحل. واكتشف فريق عمل وجود طبقة من القطران (الزفت) تحت رمال السواحل السعودية الشرقية وهو ما اثبتته نتائج الابحاث المختبرية التي اجريت في المانيا حاليا. وظهر ايضا من الابحاث التي اجريت في المملكة العربية السعودية، ان السواحل البحرية قد تأثرت بنتائج الكارثة البيئية الخليجية بشكل مختلف بالعلاقة مع الخصائص الطبيعية لهذه السواحل. وهكذا فقد كانت السواحل الملحية، التي تشكل حوالي نصف طول السواحل السعودية في المنطقة ، اكثرها تضررا بالنفط الخام وظهر من خلال البحوث ان ربعها ميت تماما. كما كشفت البحوث ايضا ان الحياة (البيئة النباتية والحيوانية) بدأت للتو بالانتعاش في هذه المناطق ومن الضروري الحفاظ على هذا التغير الايجابي. وكان احباط فريق البحث كبيرا حينما اكتشفوا ان السواحل المغطاة بحشائش الماء الزرقاء لا تبدي اي علامة على القدرة على اعادة التوالد والتكاثر. وبالتحديد، فقد هلكت في هذه المناطق كل انواع السرطانيات والديدان والاحياء النباتية الاخرى وعجزت حيوانات ونباتات السواحل القريبة عن الاستقرار فيها بل انها تتجنبها تماما.

وألحق النفط الخام بعد عشر سنوات من حرب الخليج ضررا بليغا بمستعمرات المانغروف Mangrove الاستوائية على السواحل السعودية وهي مناطق اقصى الشمال ـ عالميا ـ بالنسبة لهذه النباتات الاستوائية. وعكس السواحل الرملية والملحية فقد اثبتت السواحل الصخرية انها اكثر السواحل السعودية قدرة على التجدد، واثبتت الفحوصات ان 50 في المائة من هذه السواحل قد جددت نفسها تماما خلال الاعوام الماضية.

ان المناطق الساحلية التي اثبتت قدرتها على التجديد هي السواحل التي تشهد حركة سريعة للامواج، حيث تعمل حركة الموجات وارتطامها بالصخور على توفير ما يكفي من الاوكسجين وغسل بقايا النفط المترسبة على الصخور. وينوي قسم الجغرافية في جامعة ريجنسبورج متابعة نتائج التلوث النفطي على سواحل المملكة العربية السعودية، وتحديد حجم الضرر الناجم عن الكارثة النفطية عام 1991 والعمل بالتالي على تلافيها. وستعرض كافة نتائج الدراسة في «بنك للمعلومات» يقام في العام المقبل. ويسع كافة المهتمين الوصول اليه عبر الانترنت.

www. Uniregensburg.de/fakultaeten/phil_Fac_III/Geography/Phygeo/forbarth.htm =