أبحاث علمية سورية لجمع وتصنيف 84 سلالة محلية لشجرة التين

TT

تعتبر شجرة التين من الأشجار المقدسة مع الزيتون، اللتين ورد ذكرهما في القرآن الكريم، وأقسم الباري عز وجل بهما. واشتهرت شجرة التين وأصنافها المتعددة كشجرة مثمرة وتقليدية في العديد من المناطق السورية كالساحل والجال وفي الداخل أيضا، لكن تراجع الاهتمام بهذه الشجرة التي تبوأت من خلالها سورية مركزا متقدما جدا في إنتاج ثمار التين، والسبب هو زراعة أصناف أكثر مردودية اقتصادية من التين كزراعة الزيتون والتفاح وغيرهما.

وفي محاولة لإعادة الاهتمام بهذه الشجرة المباركة ولإنتاج ثمار التين ذات الفوائد الكثيرة، قام عدد من الباحثين العلميين في وزارة الزراعة السورية بإجراء دراسات وأبحاث علمية وحصر للأنواع المحلية للتين في سورية بغية تأصيلها والاستفادة منها ونشرها على المزارعين.

وتذكر الدراسات العلمية المذكورة أن المساحات المزروعة بشجرة التين في سورية كانت في عام 1970 حوالي 21.6 ألف هكتار، زرعت 4405 آلاف شجرة أنتجت 43 ألف طن، فانخفضت في عام 1998 إلى 10.7 ألف هكتار زرعت 2671 ألف شجرة، حيث تحولت زراعة التين إلى زراعة هامشية في أغلب المناطق وتشهد انحساراً. ونظراً لوجود أصناف كثيرة لم تحصر بشكل كامل وتحمل مواصفات مورفولوجية وفيزيولوجية مختلفة وبسبب محدودية الدراسات المتعلقة بخواص شجرة التين، كانت الجولات العلمية والأبحاث التي يقوم بها الباحثون في وزارة الزراعة بهدف حصر الأصناف وسلالات التين المحلية ودراسة مواقع الانتشار وأهم الصفات النوعية والشكلية وسلوكها الحيوي وتقييم الأصناف والسلالات وتوحيد مسمياتها والاستفادة من طاقاتها الوراثية في التحسين واصدار هوية بمواصفاتها والعمل على إكثار المهم منها ونشر زراعته وإغناء المجمعات الوراثية بالمادة النباتية لحفظها من الضياع والانقراض وإجراء الدراسات العلمية عليها.

وقد تمكن الباحثون من جمع 84 صنفا من التين، نقلت إلى المجمع الوراثي في مركز البحوث العلمية الزراعي في إدلب وتتتابع الدراسات العلمية عليها.

تأقلم مع البيئة ويؤكد الباحثون في دراساتهم، أن زراعة التين وشجرة التين تتأقلم مع البيئة في سورية وتعد غزيرة الإنتاج ولا تحتاج إلى الكثير من الخدمات الزراعية وليس لها تكاليف مرتفعة، حيث تزدهر زراعة التين في مواقع بيئية شديدة التباين وتوجد في مناطق لا يتجاوز معدل الامطار فيها 200 ملم سنويا، وفي مناطق يصل المعدل فيها إلى أكثر من 1000 ملم وتزرع في مختلف أنواع الترب وتتحمل الكلس والملوحة إلى حد ما وتنتج في الأراضي الصخرية المحجرة، حيث لا تستطيع كثير من الأشجار المثمرة الأخرى العيش فيها. وتتحمل شجرة التين الجفاف وحرارة الصيف المرتفعة، وتوجد على ارتفاعات تبدأ من الصفر إلى أكثر من 1500 متر عن سطح البحر. وتتميز الشجرة الواحدة من التين بمحصول ثمري كبير يبلغ 2 ـ 4 أطنان/ دونم من الثمار الطازجة ذات القيمة الغذائية العالية، التي يمكن حفظها لأمد طويل بالتجفيف وتصنيعها بأشكال مختلفة. ومن أهم الأصناف المحلية السورية هناك: الأصفر، الانزوكي، البريغلي، برطاطي، خضيري، دعيبلي، كعب الغزال، بياضي، شنشاري، بشاري، شامي، عبيدي، غزلاني، وغيرها.

وتبين دراسات الباحثين السوريين أن شجرة التين لها فوائد علمية عديدة، منها ما يتعلق بالغذاء والصحة والعلاج الطبي. فيؤكد هؤلاء أن ثمار التين الطازجة تحتوي على %11 سكريات %1 بروتينات، وعلى نسب عالية من فيتامين «سي» و«ب 2» و«ب1»، اضافة لأملاح الكالسيوم والحديد. وتستخدم ثمار التين في الصناعات الغذائية كالمربيات والحلويات، وصناعة العطور، وأثبت الطب فوائد التين الطبية، فله تأثير قلوي مما يزيل حموضة الجسم والوهن أيضا.

ولدى التين خواص مطهرة وملينة، فيستخدم لمعالجة الجروح والقروح، ويمكن من قطع أغصان التين الصغيرة دهن التآليل بحليبها صباحا ومساء، يؤدي إلى الشفاء، ولعصير الأوراق الفائدة نفسها، ويفيد العصير الأبيض المأخوذ من حامل ثمرة التين غير الناضجة في علاج الجهاز التنفسي، فهذا العصير له تأثير قابض، ويعالج التين الإمساك ويفيد بشكل خاص الحوامل وكبار السن.