أفلام السينما الرقمية تبث عبر الفضاء نحو قاعات العالم

التقنيات الحديثة تتيح عرض نتاجات سينمائية بلقطات ومؤثرات صوتية مرئية فائقة

TT

استمرت مسيرة السينما التقليدية منذ قرن من الزمان. ورغم دخول التقنيات الحديثة على ادائها، لاظهار مشاهدها بشكل اوضح واكثر دقة وبعث الاصوات المجسمة الأخرى التي لها مؤثرات فاعلة على مشاهد الاحداث الجارية، فإنها ما زالت تطبع على اشرطة تقليدية اعتدنا عليها منذ اكثر من مائة عام وتعرض عبر اجهزة اسقاط ضوئية (بروجكترات) على شاشة كبيرة.

ومع اطلالة القرن الحادي والعشرين اصبحت الحاجة ملحة لاجراء تغيير شامل في هذا المضمار من خلال ثورة في تقنيات هذه الصناعة. وظهرت اطلالة السينما الالكترونية e - Cinema التي تعتمد التقنيات الرقمية في إعداد المشاهد واللقطات الفنية على ارقى المستويات. ويؤمل ان تغطي هذه التقنية جوانب التنفيذ كافة، كالاعداد والاخراج والتوزيع والانتاج، اضافة الى اعداد المؤثرات الصوتية التي تتطلبها المشاهد المعروضة.

* سينما عبر الفضاء

* لتحقيق الغرض المطلوب تكرس الجهود حاليا لابتكار خدمات توزيع شبكية لجعل صناعة السينما الجديدة شاملة في ادائها، حيث انها ستعتمد الاقمار الصناعية لنقل تلك الافلام عبر الوسائل الالكترونية لعرضها مباشرة في القاعات السينمائية او الساحات وغيرها من الاماكن التي تطلب هذه الخدمة الجديدة، مستخدمة اجهزة اسقاط رقمية لعرض اوضح للصور من دون الحاجة الى شرائط الافلام، وبذلك ستوفر الصناعة الجديدة الكثير من النفقات التي كانت تذهب لطبع الافلام وتحميضها، اضافة الى التخلص نهائيا من عمليات القرصنة التي شهدها عالم السينما في المرحلة الاخيرة.

وتتجه الافكار لاستثمار التقنية الجديدة في الخدمات المسرحية ايضا باستخدام اجهزة اسقاط وافلام تلفزيونية رقمية لتقديم العروض للمشاهدين على شاشة كبيرة على المسرح، تتناسق فيها المؤثرات الصوتية والموسيقى. وظهرت بوادر فكرة استخدام الشاشات الكبيرة لعرض اللقطات الرقمية في السبعينات من القرن العشرين، لكنها لم تصبح حقيقة واقعة الا في السنتين الاخيرتين نتيجة للتقدم الحاصل في هذا الميدان وبعد التطور الذي شهدته الخدمات الشبكية والاتصالات الفضائية.

ويؤمل تطبيق التكنولوجيا الحديثة بطريقتين، الاولى التصميم الثابت المشابه في ادائه للتلفزيون، الذي تعتمد عروضه على عدد الخطوط العريضة على الشاشة. اما المعدات الالكترونية الضرورية لتقديم هذه الخدمة فهي تعرف باسم الآلات الكهروميكانيكية الدقيقة micro - electromechanical ورمزها MEMS من انتاج شركة «تكساس انسترومنتس» الاميركية، كما تستعمل ايضا شاشة العرض من البلورات السائلة من انتاج «اي بي ام»، اضافة الى شاشات البلازما من انتاج شركة «فوجينسو» وغيرها من الملحقات الضرورية.

اما الطريقة الثانية فهي التصميم المتغير الذي يعتمد في ادائه على جودة الفيلم المعروض من خلال اجهزة اسقاط اضافة الى تأثير المسافة بين مصدر العرض والشاشة، حيث تشتمل معداته على معدات السيطرة الضوئية ومصدر لضوء الليزر وادوات التحكم بالطيف اضافة الى الشاشة الواسعة المصممة لهذا الغرض.

* سينما رقمية

* تقدم العروض المصورة رقميا هذه من خلال معالجات ضوئية رقمية تعرف باسم DLP - Digital Light Processing تعتبر الجزء المتحكم في اداء التقنية الحديثة، مستعينة بمعدات من المرايا المتناهية الصغر تعرف بـ DMD - Digital Micro - Mirror devices، وتتكون هذه المرايا من رقائق بصرية تحتوي الواحدة منها على مليون و300 الف مرآة لهذا الغرض، حيث تقوم هذه المرايا بدور المفتاح البصري المسيطر على عمل الفيلم الالكتروني لعرض افضل المشاهد واوضح الصور بالالوان. ونظرا لأهمية هذه المعالجات فقد باشرت شركة «تكساس» للمعدات في اعتمادها ومنح تراخيص لثلاثة مصانع لانتاجها لحسابها الخاص ضمن برنامجها لانتاج السينما الرقمية.

كانت بداية ظهور فكرة السينما الرقمية في الثمانينات من القرن الماضي نتيجة للظهور المتميز للصور والمشاهد السينمائية المعروضة التي وضعت بصماتها على اول الطريق للسينما الالكترونية وزادت من تأثيرها في السنوات اللاحقة، حيث استخدمت التقنية الرقمية في انتاج افلام كارتونية، مثل Bug"s Life, Ants, Toy Story بنجاح يؤمل ان يتبع في مرحلة السينما الالكترونية بالكامل التي تشمل الانتاج والتوزيع والعرض عبر الشبكة الدولية للاتصالات والاقمار الصناعية.

أما الاشرطة التلفزيونية الرقمية في الولايات المتحدة فقد ظهرت بداياتها، حيث تم انتاج خمسة منها وارسلت عبر حزام ضوئي الى الاقمار الصناعية ليتم خزنها بعد ذلك في برامج «ويندوز» لتقديم الخدمة التي تعرضها عند الطلب باستخدام اجهزة الاسقاط الرقمية اللازمة. وكانت المرحلة اللاحقة لهذه التطبيقات الالكترونية، عرض تلك الافلام كسينما الكترونية e - Cinema في اوروبا. وامتازت هذه الاشرطة التلفزيونية بالوضوح الشديد ويؤمل ان يكون لها الفضل الكبير في جعل صناعة الافلام تنتشر بسرعة الى بقاع العالم كافة.

واثمرت هذه التقنيات عن ارتباط وثيق بين السينما والتلفزيون من خلال تقنية الـ Tele - cine المبتكرة التي تعمل كأداة استنساخ لترجمة الصور السينمائية الى مشاهد تلفزيونية مباشرة. وكانت شركتا «فيليبس» و «سوني» رائدتين في هذه الصناعة الجديدة، وتقومان الآن بانتاج معدات واجهزة مستحدثة لهذا الغرض لها القدرة على التعامل مع اعداد هائلة من الرموز الالكترونية وحل شفراتها التي تمثل المشاهد واللقطات للسينما الالكترونية.

ورغم هذه الطموحات المتفائلة فإن على التكنولوجيا الجديدة تجاوز بعض الصعاب التي ما زالت تواجهها مثل ضبط الالوان والتحكم بها، حيث جذبت هذه الاحداث اهتمام شركة «كوداك» الشهيرة بالسينما الالكترونية التي قامت بتأسيس هيئة جديدة اطلقت عليها مجموعة العمليات السينمائية للتعامل مع متغيرات السينما المستحدثة والعمل بالتنسيق مع ادوات تقنية مسلطات الضوء الرقمية.

=