أدوية الاكتئاب المعروفة لا تؤثر في سير المرض ولا تحسنه

TT

اثارت دراسة اميركية جديدة تمت على اكثر من 2300 مريض يعانون من الاكتئاب، جدلا في الاوساط الطبية حول مدى فائدة الادوية المضادة للاكتئاب في تحسين حالة المرضى.

ووجد الباحثون لدى تجربتهم لادوية وهمية والادوية الثلاثية الحلقة المضادة للاكتئاب Tricyclic anti-depressants ودواء بروزاك Prozac، ان فائدة هذه الادوية مبالغ فيها جدا، والتحسن المرحلي الملاحظ لدى المرضى الذين يأخذون تلك الادوية يعود الى التأثيرات النفسية الوهمية وليس الى التأثيرات الكيميائية المركبة منها الادوية.

وبين الاطباء في جامعة كونتيك ومستشفى «ويست وود» في اميركا، ان شدة تأثير الادوية المذكورة على سير تطور المرض لدى الذين يعانون من الاكتئاب لا تختلف عن الادوية الوهمية Placebo اي الادوية التي لا تحتوي على مركبات كيميائية.

واتت نتائج هذه الدراسة مختلفة عما زعمته شركات الادوية التي اشارت الى ان الادوية الحقيقية يزيد تأثيرها عن الوهمية بمعدل 40 في المائة.

وطرحت الدراسة الجديدة اسئلة متعددة حول فائدة دواء بروزاك الذي يدعى بـ «حبوب السعادة» في الولايات المتحدة ويتناوله اكثر من 20 مليون مواطن اميركي لتخفيف حدة الاكتئاب لديهم، وبهدف الاستقرار النفسي او العاطفي.

لذلك أكد الباحثون على ضرورة الاهتمام بوسائل التأهيل النفسي للمرضى ومناقشة مشاكلهم فضلا عن اعطاء العقاقير والاعتماد على الحبوب الدوائية في معالجة هذا المرض.

ويرى بعض الخبراء ان معالجة الامراض النفسية الاكتئابية لا تعتمد على اسلوب علاجي واحد، ومن غير المتوقع ان حبة دوائية تنهي المرض، لكن الامر يحتاج الى اساليب علاجية متعددة وتشجيع المرضى على تبديل نمط الحياة وحتى النمط الغذائي، وهناك ابحاث تؤكد فائدة العلاج الطبيعي بروائح زيوت النباتات، واجراء التدليك والاسترخاء. وهذه الطرق خالية من التأثيرات الجانبية التي يمكن ان تسببها الادوية مثل اذيات الكلية والكبد وامراض الاوعية والقلب وغيره. ومن الجدير بالذكر ان هناك تأثيرات اكتئابية لدى بعض المرضى للادوية المستخدمة في معالجة الاكتئاب، وبعض الدراسات اشارت الى ان بروزاك يزيد من نسبة الانتحار لدى مرضى الاكتئاب.

ويوافق البروفيسور سيمون ويزلي استاذ الطب النفسي في كلية «كينج كولدج» للطب في لندن الرأي مع الاطباء الذين اجروا الدراسة الجديدة، وقال: ان الادوية المضادة للاكتئاب ليست فعالة كما يفترض ان تكون او كما هو معتقد في الاوساط العامة.

فالدراسات التقليدية اشارت الى ان فعالية الادوية هي عبارة عن 40 في المائة، لكن الحقيقة ان فعالية الادوية اقل من نصف هذه النسبة.

واضاف ويزلي، ان الادوية تؤدي الى تبدل في الكيميائية الدماغية، وهذا مثبت من خلال التصوير الدماغي، لكن التبدلات التي تنتجها الادوية في الدماغ يمكن انتاجها عن طريق المعالجة السلوكية للاشخاص من دون اعطاء اي نوع من الادوية، والسؤال اذن ما هي اهمية اخذ الادوية طالما ان التبدلات الكيميائية التي تحدثها الادوية يمكن ان تحدثها الاساليب العلاجية السلوكية مثل الاسترخاء والمساج (التدليك)، والتنويم المغناطيسي.. الخ.

وقالت الدكتورة روندا شارما اختصاصية الطب البديل في احدى عيادات لندن، انه اذا كان الاكتئاب ناتجا عن انفكاك علاقة عاطفية او زوجية، فحبة دواء ليست حلا للمشكلة ولا تحسن في حالة المريض. وكثير من المعالجات البديلة لا تقل تأثيرا عن الادوية في مفعولها.

فمواساة الشخص والاستماع الى مشكلته ومحاولة حلها واخضاع الشخص الى دورة تدريبية لتحسين المحاكمة والادراك لدى الشخص اكثر اهمية من الادوية في تلك الحالة.

حتى التمرينات الرياضية، يمكن ان تعدل المزاج وتبدل الكيميائية الدماغية، كما تفعل الادوية، خاصة ان التمرينات الرياضية تزيد من افراز المورفين الداخلي الذي يفرزه الجسم، وبالتالي ترفع من مزاج الشخص وتساعده على النوم.

من ناحية اخرى قال الدكتور رودني الجي اختصاصي الاكتئاب في لندن انه يجب التفريق بين الاكتئاب العادي الذي يصيب الناس وينتج غالبا عن فقدان شخص عزيز او صدمة عاطفية وغيرها وبين الاكتئاب السريري الذي يعامل كمرض قائم بحد ذاته. وفي الحالة الاخيرة تلعب الادوية دورا مهما في تحسين حالة المريض.

=