العالم لن يشهد قريبا عملية استنساخ أول إنسان

TT

يصف البعض اول استنساخ بشري بانه قمة جبل افرست في مجال علوم الاحياء، ويقول البعض ان من الممكن تسلقه في غضون عام من الان. وتوقع البعض ان ينتج العلماء اول كائن بشري مستنسخ بحلول اوائل عام 2002، كما قال سفرينو انتينوري خبير الخصوبة في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي انه سيقوم باول استنساخ بشري في غضون اشهر. وكان ريتشارد سيد عالم الاجنة المرتد عن الدين، يقول ان كل ما يحتاجه هو 120 يوما و300 الف دولار لاتمام العمل. لكن لم يتجسد، حتى الآن، اي استنساخ بشري. ويقول خبراء انه رغم التقدم الواضح في مجال استنساخ الحيوانات الا انه من غير المرجح ان يتحقق اول استنساخ للبشر في اي وقت قريب ما لم يكن العلماء مستعدين لتحمل مخاطر اخلاقية وسياسية وعلمية كبيرة. وقال جامي جريفو مدير قسم الغدد الصماء التناسلية بجامعة نيويورك «يفصلنا عن الاستنساخ (البشري) طريق طويل... وهناك اشياء كثيرة جدا يمكن ان تكون خاطئة». وحتى هجمات 11 سبتمبر (ايلول) على اميركا، كان الاستنساخ بغرض توليد كائن بشري او انتاج نسيج بشري يمكن استخدامه في معالجة الامراض واحدا من الموضوعات الكبرى حيث الصراع حول المعضلات الاخلاقية المصاحبة للموضوع.

وحذر الرئيس الاميركي جورج بوش في اغسطس (اب) الماضي من مخاطر «انتاج كائنات بشرية من اجل الحصول على قطع غيار». والان تبدو مثل هذه السيناريوهات بعيدة في رأي كثيرين، حيث يكافح العلماء لانتاج لقاحات وامصال تقي من امراض قديمة مثل الجمرة الخبيثة والجدري.

* استنساخ البشر

* يقول اخصائي الخصوبة انتينوري انه يستطيع استخدام الاستنساخ لمساعدة الرجال والنساء المصابين بالعقم على الانجاب وسيستخدمه. واحتل انتينوري العناوين الرئيسية في عام 1994 عندما ساعد امرأة عمرها 62 عاما على ان تحمل طفلا. وترأس بريجيت بواسييه في الوقت الحالي فريقا من ستة علماء في شركة استنساخ تسمى «كلونيد» وهي مسجلة تحت اسم لم يكشف عنه في ويلمنجتون بولاية ديلاوير الاميركية. وترتبط بواسييه بطائفة دينية ذات اراء متطرفة تعتقد ان علماء من كوكب اخر خلقوا الانسان وتقول ان فريقها يعمل بنشاط على «اعداد اجنة» وتتوقع انتاج مستنسخ بشري «قريبا». وقالت «تصريحنا المقبل سيكون عندما يولد طفل». ولم تكشف عن مكان مختبرها، ولا المدى الذي بلغته تجاربها في الاستنساخ خشية ان تتعرض لهجوم.

والاستنساخ البشري محظور في معظم اوروبا وهناك قانون يسعى الى حظره في الولايات المتحدة في الكونجرس. وتأمل كل من بواسييه وانتينوري في اقامة مختبرات في المملكة المتحدة بعد ان قضت محكمة عليا هناك في وقت سابق من هذا الشهر بانه لا يمكن حظر تجارب الاستنساخ البشري قانونا. غير ان ذلك الباب يمكن ان يوصد في وجهيهما قريبا حيث يتجه البرلمان البريطاني الى تمرير قانون يحظر استنساخ اطفال بقصد اجبارهم على قبول شروط من يطلب استنساخهم. ويمكن ان يصبح القانون ساريا خلال اسبوعين. وقالت بواسييه وانتنيوري انهما سيجريان تجاربهما على الاستنساخ البشري ولو على سفن في المياه الدولية اذا استلزم الامر.

ورغم ان كثيرا من الخبراء يهونون من شأن انتينوري وبواسييه لكن البعض في التيار الرئيسي للعلماء ايد رأيهما القائل باننا نملك التقنية وليس بالضرورة الرغبة لانتاج مستنسخات بشرية. وقال راندي جيرتل استاذ علم علاج الاورام بالاشعة في جامعة ديوك «اعتقد انه (الاستنساخ البشري) ممكن من الناحية الفنية». وتابع قائلا «انه حتى ربما يكون اسهل من استنساخ الحيوانات». واجرى جيرتل دراسات تبين ان واحدا من العيوب الرئيسية في الحيوانات المستنسخة المتعلق بالوزن الزائد، لن يكون مشكلة في البشر لاسباب وراثية. ووفرت العيوب في الحيوانات المستنسخة من ماشية وفئران وخراف لخصوم الاستنساخ البشري ذخيرة في حربهم من اجل حظر الاستنساخ.

وقالت الاكاديمية القومية للعلوم ان ما بين نصف في المائة و15 في المائة من الحيوانات المستنسخة التي قدمت لها كانت ناجحة. لكن دراسة نشرت الخميس الماضي في مجلة «ساينس» زعمت انه تحقق نجاح اكبر. وتوصلت الدراسة الى ان ما بين 24 و30 في المائة من الابقار المستنسخة حية وطبيعية على ما يبدو بعد مدة تتراوح بين عام واربعة اعوام. وقال روبرت لانزا المدير الطبي في شركة «ادفانسد سيل تكنولوجي» وهي شركة استنساخ مقرها ماساشوستس رعت الدراسة ان «جميع البيانات العلمية والطبية المتاحة تشير الى ان هذه الحيوانات طبيعية بشكل كامل».

ويشجع هذا النوع من الاحصاءات المدافعون عن الاستنساخ البشري. لكن رودلف جاينيش عالم الاحياء في معهد هوايتهيد للابحاث الطبية في كيمبردج بولاية ماساشوستس وواحد من اكبر خصوم الاستنساخ البشري في الولايات المتحدة، يشكك في الاحصاءات التي تشير الى ان استنساخ الحيوانات امن. وقال «ليس من الصواب القول انها طبيعية. انها طبيعية بالمعايير التي اعتمدوها. وهذه المعايير شديدة السطحية». ويرى بعض العلماء ان من المفيد ان ندرس الحيوانات المستنسخة وان نشرع في ابحاث الاستنساخ على البشر من اجل تقدم الابحاث الطبية سواء كانت هذه الحيوانات طبيعية ام غير طبيعية. وقال جريفو «يمكن تحقيق العلم وتحقيق الاستنساخ دون ان نصنع طفلا».

وقال جيرتلانه «بفتح صندوق الشرور مع استنساخ النعجة دولي، سيكون من غير الطبيعي الا يرغب (البشر) في التطلع الى داخله». ومثل هذا النوع من الفضول المطلق العنان الذي يمكن ان يؤدي الى انتاج عشرات الاطفال المشوهين هو ما يشغل بال جاينيش. واضاف «لم يتحقق تقدم الى الآن في فهم المبدأ العلمي وراء الاستنساخ».