نصف مليون من الراقدين في المستشفيات الألمانية يلتقطون عدوى داخلها

30 إلى 50 بالمائة من أطباء الإسعاف الفوري لا يطهرون أياديهم وتلوث الجروح أهم الإصابات

TT

في مسعاهم للكشف عن اسباب ارتفاع حالات تلوث الجروح في مستشفى الاطفال في جامعة جيسن الالمانية، وجد الاطباء ان الخلل الاساسي يكمن في نسبة التخفيف العالية للمعقم الاساسي المستخدم في تعقيم الجروح والاجهزة. ودفعت حوادث تلوث جروح الاطفال في المستشفى المذكور ونسبة الوفيات التي نجمت عنها، وزارة الصحة الالمانية إلى اجراء دراسة شاملة لتحري اسباب ارتفاع نسبة العدوى داخل المستشفيات الالمانية رغم ان هذه النسبة في المانيا تعتبر من ادنى النسب على المستوى العالمي.

واتضح من الدراسة التي اجراها فريق من الاطباء، بقيادة هينينج رودن وبيترا جاستماير من معهد الوقاية في جامعة برلين الحرة بالتعاون مع فرانز داشنر من معهد الصحة البيئية في جامعة فرايبورج، ان نسبة الاصابة بالعدوى داخل المستشفيات ترتفع إلى 5.3 بالمائة من مجموع المرضى الراقدين في هذه المستشفيات. وهذا يعني ان نصف مليون الماني يلتقط سنويا مختلف الاصابات التي تتسبب بها البكتيريا والفيروسات والفطريات من مجموع المرضى الراقدين في المستشفيات.

وتستنتج الدراسة التي شملت 8 مستشفيات في برلين وفرايبورج، اضافة إلى عدد مشابه من المستشفيات التي اعتبرت بمثابة «مجموعة مقارنة»، ان ثلث هذه الاصابات يمكن تجنبه في حالة الاستجابة الافضل لمتطلبات التعقيم والادارة والتعليمات الطبية. واتضح ايضا ان نسبة الاصابات داخل مستشفيات مجموعة المقارنة قد ارتفعت بنسبة 10 بالمائة بسبب عدم تدخل الاطباء الذين اجروا الدراسة واكتفوا بمراقبة الامور ورصد مصادر العدوى. اما تدخلهم المباشر لتحسين قضايا التعقيم والادارة فقد أدى إلى انخفاض الاصابات بنسبة 16 بالمائة في مجموعة المستشفيات الاخرى. وعن ابرز مصادر التلوث في المستشفيات ذكرت الدراسة انها كانت: تلوث الايدي، عدم العناية بتبديل الضمادات، والاستخدام غير الحذر اثناء عمليات قسطرة المثانة وغيرها.

ولدى احصاء الاطباء لأهم انواع الاصابات الالتهابية الناجمة عن الجراثيم، وجدوا ان نسبة الاصابات وانواعها تتغير من مستشفى إلى آخر، لكن الاصابات الاربع التالية كانت القاسم المشترك الاعظم لكافة المستشفيات: جروح العمليات الملوثة 32 بالمائة التهابات المسالك البولية 32 بالمائة، التهاب الرئتين 19 بالمائة والتهاب الدم 4 بالمائة وقد ادت الاجراءات الاحترازية التي اتخذها فريق البحث إلى انخفاض التهابات المثانة والمسالك البولية على وجه الخصوص إلا انها لم تؤد إلى انخفاض عدد الجروح الملوثة بعد العمليات.

وانتقدت الدراسة موقف الاطباء الالمان وعدم تقبلهم للنقد رغم القصور الواضح في التزامهم بالتعاليم الطبية وفي التعقيم وفي وصف المضادات الحيوية، اذ اتضح ان ثلث الجروح الملتهبة بعد العمليات سببها عدم وصف المضادات الحيوية بعد اجراء هذه العمليات. ووجد الباحثون على سبيل المثال، ان الاطباء لم يصفوا المضادات الحيوية لمرضى اخضعوا لعمليات ذات خطورة التهاب عالية، مثل عمليات زرع الاعضاء وتحوير عظام الحوض، في حين وصفوا المضادات الحيوية بكثافة بعد عمليات بسيطة لا تتطلب كل هذه المضادات. والاخطر من ذلك هو ان الباحثين اكتشفوا ان 30 إلى 50 بالمائة من اطباء عيادة الاسعاف الفوري لا يغسلون اياديهم أو لا يعقمونها قبل تدخلهم الجراحي، وان ذلك يتسبب بنسبة عالية من الاصابات داخل المستشفيات.

وطبيعي فإن كلفة تصحيح هذه الاصابات وشفائها تقع ثقيلة على عاتق شركات التأمين الصحي والدولة. وتثبت الدراسة التي حملت عنوان «تعزيز الوقاية النوعية في المستشفيات» ان تلوث جرح المريض بعد العملية تطيل اقامته فيها لمدة 10 ايام كمعدل. وترتفع كلفة العلاج في المستشفى لهذا السبب بمبلغ 3000 مارك اضافي. واستطاع مستشفى متوسط الحجم ان يقتصد بمبلغ 100 الف مارك من خلال تجنبه اصابات 35 مريضا بما يسمى «عدوى المستشفيات». واذ اعتبر هينينج رودن عمليات التعقيم والوقاية في ثلث المستشفيات الالمانية قاصرة، اكدت بيترا جاستماير ان تخصيص ممرضة مسؤولة عن التعقيم فقط في كل مستشفى سيسهم في خفض حالات الاصابات بنسبة 6 في المائة.