قلوب أطفال.. تنتج بمعدات الطباعة المجسمة

تساعد الجراحين على فهم العيوب الخلقية والإصابات المرضية قبل إجراء العملية

TT

في حدث أشبه بقصص الخيال العلمي شرع أحد المستشفيات في العاصمة الأميركية واشنطن في «طباعة» قلوب أطفال بطابعة ثلاثية الأبعاد! وتتطابق خصائص هذه القلوب (وهي صناعية طبعا) مع خصائص قلوب الأطفال المرضى الطبيعية بكل عيوبها الخلقية أو إصاباتها المرضية.

ويوظف الأطباء البيانات التي تم استخلاصها في الفحوص الطبية للطفل والتصوير الشعاعي الطبقي المحوري لقلبه المريض وعيوبه الخلقية، في صنع طبقات القلب الصناعي طبقة بعد أخرى. ويتمكن أطباء القلب من دراسة كل طبقات أنسجة القلب للتعرف على طبيعة أمراضه، خصوصا النادرة قبل إجراء العمليات الجراحية.

* محاكاة القلب الطبيعي

* وقد نجح أليكس كريغر الخبير في توظيف الروبوتات في المجالات البيولوجية الطبية في «مركز الشيخ زايد للابتكارات الجراحية في طب الأطفال» في تطوير نموذج يوظف فيه خليط من مواد البلاستيك الصلبة واللينة بهدف صنع قلوب صناعية يمكن تلمسها مثل القلب الطبيعي. ونقلت عنه صحيفة «واشنطن بوست» قوله: «لقد عثرنا على توليفة كاملة الصفات من المواد التي تسمح للطبيب بغرز إبرة، أو خياطة غرزات فيها».

كما تمكن هذا الخبير من تطوير نموذج لإنتاج عمود فقري معطوب بعد طباعة فقرات من البلاستيك القوي مع طباعة مواد هلامية أكثر ليونة في المناطق التي تفصل بين تلك الفقرات، بهدف التوصل إلى فهم أفضل للمشكلة في العمود الفقري.

ويأمل المستشفى التابع للمركز الطبي الوطني للأطفال في أن يتمكن أطباؤه من إنتاج قلوب صناعية تماثل تماما القلوب المريضة للأطفال المصابين بحالات نادرة.

وبينما ظلت الطباعة المجسمة حكرا على المجالات الصناعية مثل صناعات السيارات والجواهر، فقد تحولت الآن إلى إنتاج مختلف البضائع مثل إنتاج الغيتار، وقطع الغيار بل وحتى المسدس الذي جرب أخيرا في الولايات المتحدة. وقد أعلنت شركة «ستيبلس» الأميركية أخيرا عن عزمها لتقديم خدمات الطباعة المجسمة للزبائن في وقت قريب.

وفي ميدان الطب نجح باحثون في جامعة كورنيل في إنتاج أذن صناعية من خلايا أذن بقرة، أمكن استخدامها للتعويض المؤقت للأذن البشرية المتأذية، بينما نجح باحثون بريطانيون من إنتاج جزء من أنسجة لوجه إنسان بالطباعة المجسمة. كما أجازت إدارة الغذاء والدواء الأميركية في فبراير (شباط) الماضي استخدام أداة طبية تزرع في الجمجمة تصنع بالطباعة المجسمة.

وتنتج الطابعة المجسمة النموذج المطلوب في فترة تتراوح بين ثلاث ساعات ويوم كامل وفقا لصعوبة تركيبته. وبدلا من الحبر فإنها توظف البلاستيك السائل الذي تبلغ كلفته 40 سنتا لكل غرام واحد. ولذا فإن ثمن مواد القلب المطبع تبلغ 30 دولارا، بينما تبلغ كلفة مواد نموذج القلب الأكبر 100 دولار. وتطبع الطابعة الطبقات بالتوالي انطلاقا من الطبقة الدنيا نحو الطبقات الأعلى.

وينتج فريق الأطباء قلوبا بمختلف الألوان والأحجام والتركيب النسيجي بهدف دراسة تشريح القلب بشكل أفضل. إلا أن معدات الطباعة عالية الكلفة، فثمن الطابعة المجسمة يبلغ 250 ألف دولار. وللمقارنة فإن ثمن جهاز متقدم للفحص بالموجات فوق الصوتية يبلغ 270 ألف دولار، بينما يبلغ ثمن جهاز للأشعة الطبقية 550 ألف دولار.