«ضمادات رقمية» وشرائح للتعرف على التشوهات الجينية وملابس تغير شكلها

أدوات استشعار لمراقبة الحالة الصحية ومنسوجات من غزول «ذكية»

TT

يزعم البعض بأننا على مشارف ثورة للتقنيات نرتديها كالثياب. فبعد عشر سنوات من الآن، واستنادا إلى بعض التوقعات، تصبح الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية شيئا من الماضي، ليحل محلها جيل جديد من الأجهزة الخفية التي تدار بطرفة عين، أو تحريك الإصبع، أو بدفق من موجة دماغية.

وسيشهد هذا العام طرح نظارات الكومبيوتر من «غوغل»، التي يمكن وضعها على العين، في حين يعمل المهندسون في «أبل» على كومبيوتر يمكن وضعه كالساعة على الرسغ، باسم «آي واتش». فكيف ستتمكن إذن المملكة المتحدة من استثمار هذه التطورات؟

روب مايلنر كبير المستشارين في «كمبردج كونسلتانتس» المتخصصة في قطاع الأجهزة القابلة للارتداء، يعتقد أنه خلال أكثر من عقد من الفوران، وصلت التقنية إلى منعطف جديد. وهو يضع ذلك في مضمار التطور المستمر للأجهزة الإلكترونية الصغيرة القليلة الطاقة، المستخدمة في رصد وتحليل اللياقة الصحية لمستخدميها.

وأحد القطاعات المهمة بالنسبة إلى المملكة المتحدة، هو تطور تقنيات الرعاية الصحية التي يمكن ارتداؤها، وبالتالي أحد الرواد في هذا المجال الحيوي هو أستاذ الهندسة كريس تومازو من «إمبيريال كولدج». فقد قام بتطوير أول قوقعة أذن في العالم يمكن زراعتها. وعن طريق شركته «توماز تكنولوجي»، قام بتسويق تقنية الضمادة الرقمية «سينتيوم» Sentium digital plaster، التي تقوم من بعيد برصد الإشارات الحيوية للمريض وتقديمها إلى الطاقم الصحي ببياناتها الكاملة.

* الرعاية الطبية الرقمية

* الرعاية الطبية الرقمية تتعلق بالأساس بالطب الوقائي والتشخيص المبكر الذي يساعد الأشخاص على العيش حياة صحية كما يقول مايلنر.

وتستخدم «ضمادة تومازو» حاليا لرصد إشارات الجسم الحيوية لمئات المرضى في مستشفى «سانت جونس» في لوس أنجليس. وهذه التجربة بالذات أنقذت حياة الكثيرين عن طريق تنبيه الممرضات إلى عدم انتظام ضربات القلب، وفقا لتومازو. وهو حاليا متحمس حول التجارب التي تجري في مستشفى هامرسميث في لندن الخاصة بالبنكرياس الصناعي، الذي يمكن ارتداؤه، والذي يقوم بدمج تقنية «سينسيوم» مع مضخة الأنسولين.

ويعد هذا الجهاز المبتكر الذي يقوم باستمرار برصد مستويات الغلوكوز لدى المريض، وإدارة ذلك بصرف الأنسولين، خطوة كبيرة يمكنها تحسين حياة الكثيرين في العالم المصابين بالنوع الأول من داء السكري الذين يزداد عددهم بسرعة.

ويركز تومازو جهوده حاليا على نوع آخر من تقنيات الرعاية الصحية، ألا وهو استخدام شبه الموصلات لمراقبة التشوهات الوراثية. وقد طور قبل سنوات أول وسيلة في العالم للكشف عن الحمض النووي المنقوص الأكسجين (دي إن إيه) عن طريق شريحة. وهو يقوم حاليا بتسويق التقنية تجاريا، عن طريق شركة متفرعة عن «دي إن إيه إلكترونيكس».

وقد جرى الترخيص لهذه التقنية لشركة «لايف تكنولوجيس» في الولايات المتحدة، ولشركة «روش» العملاقة للرعاية الصحية، لتقوم الاثنتان حاليا باستخدامها لأغراض دراسة التسلسل الوراثي في المختبرات. وتزعم شركة «توماز» أن التقنية هذه هي الأسرع انتشارا اليوم. ويوضح تومازو أن دراسة التسلسل الوراثي تتعلق جميعها باكتشاف التشوهات الخلقية، إذ نحن جميعا كبشر، نختلف بنحو 0.1 في المائة فقط، لكننا نقوم باستقلاب أو تأييض (التمثيل الغذائي) الأدوية والعقاقير بصورة مختلفة، ونملك جوانب وراثية خاصة بنا، فضلا عن وجود استعداد مختلف في كل منا للأمراض.

ويقول في حديث نقله موقع «ذي إنجنير» الإلكتروني: «لقد قمت بتطوير تشكيلة من الشرائح الإلكترونية، كل منها متخصصة بأحد هذه التشوهات والاختلافات، ولذلك حين يقوم أحدهم بإعطائك عينة من اللعاب، يمكنني خلال أقل من 30 دقيقة، التقرير ما إذا كان يملك هذا الحمض النووي. وإذا رغبنا في وصف الدواء الصحيح له، ستقوم هذه التقنية بتزويده بالنتائج فورا».

ولكي يثير الاهتمام بهذه التقنية وعرض قدراتها وإمكاناتها، اختار تومازو طريقا غير عادية، وحولها إلى خدمة مستحضرات التجميل التي تعرف بـ«جين أونيكس». إذ تقصد إحدى السيدات إلى محل لمستحضرات التجميل لأخذ عينة من لعابها. وعن طريق استخدام كومبيوتر سحابي في «هونغ كونغ»، «نقوم بمقارنة بصمة حامضها النووي بالمكونات النشطة للمستحضر، وبالتالي وصف المستحضر الصحيح لها، لكن الهدف النهائي هو تطوير جهاز يمكن ارتداؤه، يمكنه رصد التغيرات في الرمز الوراثي في الزمن الحقيقي، ومن ثم تأمين إنذار مبكر للمرض كالسرطان مثلا»، كما يقول.

* أدوات استشعار بالضغط

* تقوم شركة «بيرلتيك» المتخصصة بالمواد في يوركشاير في بريطانيا بتطوير تطبيقات تجارية لصنف من المواد تعرف بـ«مركبات الاتصال الكمي» (كيو تي إس) Quantum Tunnelling Composites (QTC). وتعتمد هذه المواد على اكتشافات حصلت في العام 1996 من قبل شركة أسسها ديفيد ليوسي، وهو حاليا رئيسها التنفيذي، ويمكنها تحسس واستشعار اللمس والضغط.

ويوضح ليوسي أنه إذا ما جرى تعريض هذه المواد إلى أي نوع من الضغط، تتحول من كونها عازلا كاملا تقريبا، إلى موصل كهربائي بحيث يمكن وضعها مثلا على نسيج، واستخدامها لإنتاج مفاتيح بسيطة للإقفال والتشغيل. والأكثر أهمية من ذلك، هو أنه نظرا إلى تغير مقاومة المواد استنادا إلى كمية القوة أو الضغط المسلط عليها، فإنها تشكل أملا كبيرا لتطوير مجموعة من الأجهزة الحساسة للضغط.

وتعتبر «بيراتيك» واحدة من الرواد في مضمار الملابس الذكية. وكانت مواد «كيو تي إس» في قلب سترات التزلج على الثلج الذكية المزودة بأدوات للتحكم بجهاز «آي بود» مخيطة ومزروعة داخلها، والتي أطلقت في أوائل العقد الأخير. وقد شقت هذه التقنية طريقها حتى إلى رؤوس الأصابع الحساسة للمس، التي يستخدمها الروبوت الفضائي «روبنوت» التابع لـ«ناسا».

وكانت هذه الشركة قد أعلنت أخيرا أنها تعمل مع كلية لندن للأزياء على تطوير مجموعة من تطبيقات الأزياء الخاصة بهذه التقنية، التي تتراوح بين وسائد لمس تدعم «بلوتوث» يمكن طباعتها مباشرة، لتتحول إلى ملابس وأكسية، وأدوات تحسس واستشعار مطبوعة قادرة على رصد الحالة الصحية لمرتديها، أو تحسس المواد الكيماوية الخطيرة الموجودة في البيئة.

* منسوجات ذكية

* يقوم المهندسون في مدينة نوتنغهام مهد صناعة المنسوجات البريطانية بتطوير خيوط غزل الكترونية ذكية يمكنها في يوم ما استخدامها في معدات إنتاج الملابس التقليدية. وستكون المنسوجات الذكية الخطوة التالية الكبيرة، ولكن ليس قبل عقد من الزمن، مع توقع المحللين قدوم موجة جديدة من الملابس الذكية التي يمكنها القيام بكل الأمور ابتداء من التحكم بالهاتف الذكي إلى تنظيم درجة حرارة الجسم، وفقا للأحوال الخارجية.

ويقوم فريق من جامعة نوتنغهام ترينت للمنسوجات المتطورة بتطوير غزل نسيج ذكي يمكن معالجته باستخدام فنون إنتاج الملابس الحالية. ويقود الفريق تيلاك دياس الذي يعتبر ربما البروفسور الوحيد في العالم المتخصص بالحياكة. وكان هذا الأستاذ يقوم باستكشاف عالم صناعة المنسوجات الذكية لعدد من السنوات. وقد تركز عمله الأولي على تطوير منسوجات إلكترونية تشمل على ألياف موصلة، إلى تركيب لإنتاج أدوات استشعار ومشغلات. وقد جرى منذ ذلك الحين تسويقها من قبل شركة «سمارتلايف للتقنيات» الفرعية، التي تقوم بإنتاج مستشعرات منسوجة لأغراض رصد الإشارات الحيوية.

ولدى مط النسيج تتغير مقاومته الكهربائية من دون إدخال أي مستشعرات داخله. كما قام الفريق بتطوير غزل من البوليمر يمكن استخدامه لإنتاج منسوجات للتدفئة التي سوقت تجاريا من قبل شركة «إي أوكس أو2».