العلماء يدرسون حركة الأرض الاهتزازية

اهتزازات ناتجة عن تأثير الغلاف الجوي والمحيطات تقلل دقة قيادة المركبات الفضائية

TT

تهتز الأرض لأن الجو والمحيطات تدفعها من جهة لأخرى. وفي مقالة نشرها ريتشارد جروس العالم الجيوفيزيائي في مختبر «ناسا» للدفع النفاث في دورية رسائل بحوث في الجيوفيزياء تحدث عن حركة غامضة تعرف باسم «اهتزاز تشاندلر» سببها التغير في ضغط الجو على سطح الأرض وفي ضغط الماء في قاع المحيطات.

وأول من لاحظ هذه الظاهرة كان سيث كارلو تشاندلر خبير حسابات تأمين في 1891 والذي أصبح عالم فلك وتتمثل هذه الظاهرة في تأرجح محور الأرض الى الامام والخلف مسافة عشرين قدما كل أربعة عشر شهرا. ويعتبر اهتزاز تشاندلر واحدا من عدة اهتزازات تحدث لدى دوران الأرض. ويقول جروس: «هذه مشكلة مشهورة في دراسات دوران الأرض، لكنها تطلبت الكثير من الوقت لفهمها».

اهتزاز الأرض وفي أبسط أشكالها يمكن فهم أسس اهتزاز تشاندلر بسهولة. ويقول كلارك ويلسون أستاذ جيوفيزياء في جامعة تكساس في مدينة أوستن: «إن لم تكن رامي قرص جيداً فسيهتز القرص عندما ترميه. وهذا هو اهتزاز تشاندلر للقرص».

ولأن الأرض ليست كروية وإنما مضغوطة عند القطبين وتبرز عند خط الاستواء فانها فتهتز مثل القرص. وأول من تنبأ بالاهتزاز كان عالم الرياضيات السويسري ليونارد إيولير في 1765. ولكن كان هناك لغز. إذ أدرك العلماء في ما بعد وفقا لحساباتهم، أن حركة لب الأرض المصهور ستعدل الاهتزاز خلال سبعين عاما. ولكن الاهتزاز ما زال يحدث مما يعني أن هناك قوة ما تضرب الأرض وبالتالي مولدة الطاقة لاحداث الاهتزاز.

ومن التفسيرات المحتملة لهذه الظاهرة أن ضغط الجو والماء يدفعان الأرض. ويقول جروس: «الضغط على أرض المحيطات ليس متماثلاً. إذ تصور عدداً من الأطفال يضغطون على كرة من كل الجهات ولكن بعضهم يضغط أكثر من الآخرين، فهذا يؤدي للتمايل ولأن الأرض تدور باستمرار يتحول التمايل إلى اهتزاز. وفي عام 1998 بينت مقالة نشرها روي بونت العالم الشهير في البحوث البيئية والجوية في كامبريدج ماستشوستس في مجلة «نيتشر» أن التغير في ضغوط المحيطات والجو هو السبب الرئيسي العدد من اهتزازات الأرض.

وقام جروس بتحديث التحليل السابق ليركز على اهتزازات تشاندلر. وباستخدام احدث النماذج الإلكترونية عن الجو والمحيطات، وجد أن ثلثي الاهتزاز ينتج عن تغيرات في ضغط الماء في قاع المحيطات، والثلث الآخر ناتج عن تغيرات في الضغط الجوي. وتماشت نتائج النماذج على الكومبيوتر مع الاهتزازات التي حدثت ما بين 1985 و1996. ويقول جون وار أستاذ فيزياء في جامعة كولورادو: «اعتقد انه تفسير مقبول وشعوري ان هذا ما يسبب الاهتزاز». وتعتبر متابعة هذه الاهتزازات أكثر من فضول فكري، إذ يقول جروس: «يبدو ان أكبر مصادر انعدام الدقة في قيادة مركبة فضائية هو عدم معرفة كيف يتغير دوران الأرض». وكما هو يصعب توجيه منظار بدقة عند الوقوف في قارب مهتز، فعلى وكالة الفضاء الاميركية «ناسا» أن تحسب حساب الاهتزاز عندما توجه هوائيات الراديو على الأرض نحو مركبة فضائية تبعد مئات الملايين من الأميال.

وسيؤدي عزل القوة الدافعة للاهتزاز إلى قياسات أدق لفترة الحركة مزودا العلماء بفكرة أحسن حول اللزوجة داخل لب الأرض. ويقول وار: «تعبر فترة الحركة عن التركيب الداخلي للأرض». وبالرغم من تمكن العلماء من منهم اهتزاز تشاندلر، فما زالت هناك ألغاز أخرى حول دوران الأرض. فبالاضافة للاهتزاز ترك محور الأرض مسافة ثلاثين قدما منذ عام 1900 وذلك لأن الأرض ما زالت تخرج من آثار ضغط الجبال الثلجية التي غطت معظم شبه الكرة الشمالي خلال العصر الجليدي.

* خدمة نيويورك تايمز. خاص بـ«الشرق الأوسط» =