غابات الاركان في المغرب مهددة بالانقراض

دراسة ميدانية تشير الى تقلص مساحاتها رغم أهميتها البيئية والاقتصادية

TT

تدخل شجرة الاركان ضمن قائمة عينات من الاشجار النادرة والمهددة بالانقراض في المغرب. وكانت بعض الدراسات المرتبطة بالقطاع الزراعي في المغرب قد اشارت الى تقلص مساحة هذا النوع من الاشجار المثمرة التي عادة ما تزهر في الاسبوع الاول من شهر فبراير (شباط)، وتقطف غلتها في اواخر يونيو (حزيران)، والتي تحول ثمارها المصانع التقليدية الى زيت يسمى في الاوساط المغربية بزيت اركان.

وعلى الصعيد البيئي تشير عدة دراسات الى ان هذا النوع من الاشجار مرتبط بمناخ معتدل ويتطلب الرطوبة، وهو ما يفسر عدم انتشاره في المناطق المغربية الداخلية التي تتوفر على تربة متميزة، ومن مواصفات شجر الاركان انه يتحمل درجة حرارة تزيد عن 45 درجة عليا و3 درجات دنيا، وهذا المعطى هو ما يفسر عدم انتشاره في جبال الاطلس الكبير، واقتصر نموه عمليا في المناطق المتاخمة لجهتها الجنوبية. ويقدر المهتمون الزراعيون في المغرب مساحة غابات هذه الاشجار الاجمالية بـ800 الف هكتار، بعدما كانت تناهز في مطلع القرن الماضي، مليون هكتار تمتد ما بين الجديدة وآسفي والصويرة ومقدمة الصحراء الغربية، ويعزو المهتمون هذا التراجع الى عدد من العوامل التاريخية والبشرية منها ارتفاع حاجات فرنسا التي استعمرت المغرب من الطاقة الطبيعية ابان اعادة بناء فرنسا التي خرجت منهوكة البنيات الاقتصادية عند انتهاء الحرب العالمية الثانية. ثم ارتفاع الطلب على نفس المادة من طرف السكان، ناهيك عن انعكاسات الرعي غير المنظم داخل غابات الاركان حيث تشكل المواشي الدعامة الاساسية للاقتصاد المحلي للمناطق المتاخمة لها.

دراسة ميدانية وتشير دراسات ميدانية حديثة العهد اتخذت من غابة الاركان موضوعا لها، الى ان وتيرة الاتلاف والانقراض تسير على ايقاع يناهز 200 هكتار في العام الواحد، وهو رقم اعتبر بمثابة كارثة وطنية على الصعيد البيئي والاقتصادي، مما حدا بوزارة الزراعة في المغرب الي اتخاذ عدة تدابير لوقاية المساحة المتبقية من شجر الاركان، كما هو الشأن بالحملات الاعلامية الموجهة عن طريق مرشدين زراعيين لتوعية السكان بأهمية شجرة الاركان البيئية والغذائية، حيث تلعب هذه الاخيرة دورا هاما في حماية التربة من الانجراف وتوفير الرطوبة اللازمة عن طريق التبخر والتكاثف الهوائي، كما ان هذا النوع من الغطاء النباتي يسهل تسرب المياه الى جوف الارض مما يساعد على تغذية مصادر المياه الجوفية وزيادة حجمها.

وعلى الصعيد الاقتصادي والاجتماعي فان غابة الاركان تساهم في خلق ما يناهز 800 الف يوم عمل سنويا، ولمجموعة من السكان تقدر بمليون نسمة اضافة الى حوالي مليون يوم عمل للمرأة الريفية التي تشكل القوة الاساسية في عمليات جمع واستخراج زيت الاركان، اذ يتطلب استخراج لتر واحد من هذا الزيت يوما واحدا ونصف اليوم، في حين تشمل عمليات جمع مستخلصاته العضوية الاخرى عدة ايام، علما ان الهكتار الواحد من هذه الغابة يساهم في انتاج 80 طنا من المواد الحية في العام، اي ما يعادل 50 طنا من المواد الجافة.

وانطلاقا من هذه الاهمية على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي تبنت الجهات الوصية على ثروة الغابات في المغرب وبمساعدة بعض المؤسسات الاجنبية استراتيجيات تهدف الى حماية شجرة الاركان وتكثيف زراعتها، سواء عن طريق الاعتماد على الاسلوب التقليدي كما هو الشأن مع تساقط حباتها ونموها بشكل طبيعي، وهذه التقنية تتطلب توفير تربة صالحة وخصبة وتوفير غطاء نباتي كثيف. اما الاسلوب الثاني فيتمثل في تقليم الاشجار بهدف الرفع من طاقتها الانتاجية، لكن تبقى التقنية الناجعة في تنمية هذا النوع البيئي (شجرة الاركان) هي الاعتماد الكلي على انشاء مشاتل عصرية تراعي خصوصية هذه الشجرة، وهي عملية توفر غطاء نباتي متميز وفي امد متوسط بيد ان المهتمين يراهنون عمليا على مساعدة سكان المناطق المتاخمة لغابات الاركان ومدى تفهمهم لأهميتها البيئية والاقتصادية والاجتماعية.