شبكات إنترنت منزلية فائقة السرعة

«ناسا» طورت أفضلها.. و«غوغل» تسعى لمدها بين السكان

TT

عندما صرح المدير المالي لـ«غوغل» باتريك بيشيتي بأنه قد يؤمن سرعة تبلغ نحو 10 غيغابايت بالثانية لشبكة الإنترنت الموجهة للمنازل في أميركا، بدا ذلك ضربا من عالم الخيال، إذ إن هذه السرعة أعلى بنحو 1000 مرة مما هو متوفر للمنازل اليوم. ولكن بالنسبة إلى وكالة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) فإن مثل هذه الشبكة بطيئة للغاية! وعلى الرغم من قيامنا جميعا بإرسال المعلومات والبيانات عبر شبكة الإنترنت العامة، تستخدم وكالة «ناسا» الفضائية «شبكة ظل» تدعى «إي إس نت» (ESnet) التي هي اختصار لعبارة «إنيرجي ساينس نيتوورك» (Energy Science Network)، التي هي مجموعة من الأنابيب والقنوات الخاصة التي أمنت نقلا للبيانات عبر البلاد بسرعة 91 غيغابايت بالثانية، والتي تعد أسرع شبكة أعلن عنها حتى الآن.

و«ناسا» ليست في وارد جلب هذه السرعة الكبيرة إلى المنازل، بل لسبر أغوار الموجة المقبلة من التطبيقات الكومبيوترية. وشبكة «إي إس نت» التي تديرها وزارة الطاقة الأميركية هي أداة مهمة بالنسبة للباحثين الذين يتعاملون مع كم هائل من البيانات والمعلومات التي تنتجها مشاريع مثل «مصادم هاردون الكبير»، و«الجينوم (الأطلس الوراثي) البشري»، بدلا من إرسال الأقراص الصلبة جيئة وذهابا عبر البريد، وبذلك يمكن التعامل بالبيانات عبر شبكة سريعة للغاية. ويرى غريغوري بيل مدير مشروع «إي إس نت» أن رؤية الباحثين إلى المستقبل تتمثل في أن «الاكتشافات العلمية لا يمكن حصرها بالجغرافيا».

وقد تشق هذه التقنية الجديدة طريقها في النهاية إلى الاستخدام التجاري على غرار الإنترنت. وباختصار فإن «إي إس نت» تعد نافذة تطل على ما سيبدو عليه عالم الإنترنت في النهاية، فعندما تسافر مثلا بين مدينتين متباعدتين، فإنك تمر عبر مدن عدة واقعة بينهما. كذلك الحال بالنسبة إلى إرسال ملف بين هاتين المدينتين عبر الإنترنت، أو حتى عبر «إي إس نت»، فإن البيانات تتدفق عبر أجهزة وعتاد تقع بينهما.

وكانت «ناسا» قد قامت بنقل بيانات بحجم 98 غيغابايت بين مركزها في «غودارد» في ولاية ماريلاند في أميركا، وجامعة يوتاه عبر «إي إس نت» في عام 2012. لكنّ شركتي «ألكاتيل - ليوسينت»، و«بريتش تيليكوم» تمكنتا من تحطيم هذا الرقم بوصل بلغ 1.4 تيرابيت بين مدينتي لندن وإبسوتش البريطانيتين وفقا لمجلة «وايرد» الإلكترونية. وفي كلتا الحالتين كان التواصل مباشرا، وهو أمر نادر في اتصالات عالم اليوم الحقيقية.

وبالنسبة إلى الإنترنت و«إي إس نت»، فإن كل محطة على الطريق يمكن أن تشكل عنق الزجاجة، كما ينبغي أن تكون كل قطعة من المعدات هنا جاهزة للتعامل مع سرعات تصل إلى 100 غيغابايت. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي نجح فريق «ناسا» في النهاية في مهمته.

في هذه الأثناء تتطور تقنيات الشبكات بأساليب أخرى، فقد جرب الباحثون دارات شبكات افتراضية تدعى «أوسكارس» (OSCARS) التي يمكن استخدامها لإنتاج شبكات معقدة من دون إجراء تغييرات معقدة على الأجهزة والعتاد، ويمكنها تحقيق سرعات عالية عن طريق التعامل مع البيانات بشكل آمن، من دون الحاجة إلى «فايروول» أو جدران النار التي توظف لحماية الشبكات حاليا.

وقد صممت هذه الحلول خصيصا للشبكات القليلة التي تنقل كميات هائلة من البيانات مقارنة بشبكة الإنترنت العادية التي تنقل كميات قليلة نسبيا. ومع ذلك يبقى على الكثير من شركات الإنترنت التجارية أن تتعلم من «إي إس نت»، فشركة «إكس أو كوميونيكيشنز» تملك سلفا هيكلا صلبا يمكنه التعامل مع 100 غيغابايت من البيانات في الثانية، ومن المتوقع ظهور المزيد من الشركات أن تحذو حذوها.

وعلى الرغم من أننا لا نرى حتى الآن وجود اتصالات بسرعة 10 غيغابايت في الثانية، ناهيك بـ100 غيغابايت، لخدمة المنازل في أي وقت قريب، فإن السعة العالية للإنترنت تعني شبكة أقل ازدحاما، وقيام المزيد من الناس ببث الفيديو العالي التحديد والوضوح، وتنزيل الملفات الكبيرة. و«إي إس نت» لن تقف عند هذه النقطة، إذ يقول بيل، إن منظمته تعمل على شبكة بسرعة 400 غيغابايت، والهدف الطويل الأمد هو بلوغ شبكة بسرعة تيرابايت في الثانية، التي ستكون أسرع من تواصل المنازل بالإنترنت في يومنا هذا بـ100 ألف مرة، وهو أمر يبدو من عالم الخيال فعلا.