السلطات الألمانية عاجزة عن وقف تلاعب الشركات بمحتويات اللحوم

ماء إضافي يشكل 23 % من صدور الدجاج والديك الرومي

TT

يصف المثل الالماني القديم الجزار البارع بأنه «القصاب الذي يجعل الماء عصيا على القطع» وهو، كما يبدو، ما يحصل اليوم فعلا في المانيا رغم انف السلطات الصحية التي تقف عاجزة عن ضبط نسبة «الجيلاتين المدرجن» (المطبوخ بالماء) في اللحوم وخصوصا النقانق وشرائح اللحم المملح.

وواقع الحال ان الماء يشكل عادة نسبة عالية من عضلات وانسجة اللحوم قد تصل الى 80 في المائة، لكن المقصود بنسبة الماء المذكورة هي نسبة «الماء الغريب» او الخارجي الذي تضيفه الشركات الى اللحوم اثناء انتاجها والذي تحدده سلطات بعض الولايات الالمانية بـ8 في المائة فقط. علما ان السلطات الاوروبية لم تحدد حتى الآن نسبة الماء في اللحوم وما يزال النقاش جاريا بين شركات انتاج اللحوم الاوروبية وسلطات الرقابة الصحية حول تحديد هذه النسبة.

واثارت «فضيحة الماء» او «الجيلاتين المدرجن» في المانيا سلطات الرقابة الصحية في مدينتي هام وبيلفيلد حينما كشفتا عن نسبة عالية من الماء في مكونات لحوم الدجاج وهما من المناطق المعروفة بانتاجها للحوم وباستيرادها لها ايضا وخصوصا من هولندا. وذكرت اناليزا بروكمان من معهد الرقابة على الاغذية في هام ان المعهد فحص 83 عينة من صدور الدجاج والديك الرومي وشرائح لحوم الدواجن المملحة وتوصلت الى وجود نسبة عالية من الماء «الغريب» في 50 عينة منها. وقالت بروكمان ان المواطن الالماني يدفع في هذه الحالة ثمنا غاليا للماء ولا يشعر بحجم مصيبته «المائية» الا بعد ان يقلي لحمته في الطنجرة ويراقبها كيف تتضاءل امام عينيه.

واذا لم يكشف معهد هام عن نسبة الماء في مكونات لحوم الدواجن التي فحصها فإن معهد بيلفيلد اشار باقتضاب الى ان الخبراء كشفوا نسبة 23 في المائة من الماء الغريب في صدور الدجاج والديك الرومي.

وحسب مصادر المعهد فإن الالمان استهلكوا 1.4 مليون طن من لحوم الدواجن عام 2000 وهذا يعني ان استهلاكهم للماء «الغريب» قد زاد ايضا، علما ان زرق اللحم بماء «غريب» اضافي يشكل نسبة 5 في المائة من محتويات اللحم فقط يضمن للشركات ارباحا تقدر بالملايين.

وقالت بروكمان ان الطريقة السائدة الاولى في غش اللحم بالماء هي طريقة خلط الجيلاتين (بروتين) مع الماء وطبخه بما يمنح الجيلاتين صلابة اللحم (درجنة). اذ يمكن بهذه الطريقة رفع نسبة الماء «الغريب» في محتويات اللحم الى 25 في المائة دون ان يحس المستهلك بذلك. اما الطريقة الثانية المعروفة فهي خلط الماء مع التوابل اثناء تتبيل اللحم لكنها لا تسمح بزيادة نسبة الماء كثيرا كما في الطريقة الاولى، علما ان الماء يشكل عنصرا اساسيا في عملية معاملة اللحوم وتمليحها وتتبيلها حسب معطيات بروكمان، الا ان زيادة نسبته تعني ان يرفع المواطن الالماني يده عن لحوم الدواجن بعد ان رفعها عن اللحوم الاخرى بسبب مرض جنون البقر والحمى القلاعية وفضيحة المضادات الحيوية في لحم الخنازير.

الى ذلك اعلنت سلطات ولاية بافاريا الصحية ايضا عن كشف ظاهرة خلط الماء بالبروتين المدرجن عند شركاتها وذكرت ان الغش في اللحم يجري مرتين، مرة من قبل المصدّر (في حالة اللحوم المستوردة) ومرة ثانية من قبل شركات انتاج شرائح اللحم المملحة والنقانق. وعلق توماس جريس، من وزارة البيئة في ولاية الراين الشمالي، على الفضيحة الجديدة بالقول انها «مشكلة قانونية وقضية احتيال ولا تخرق قوانين البيئة».

=