أحداث علمية رائدة هذا العام

استكشاف الكون ولقاح الإيدز ودراسات الجسيمات الدقيقة

TT

إذا سألت الخبراء عن رأيهم في عام 2015 فسيخبرونك بأنه سيكون عاما بديعا بالنسبة للعلم، ابتداء باستكشاف المجموعة الشمسية، ووصولا إلى مغامرات جديدة في فيزياء الجسيمات الدقيقة، وهزيمة محتملة لعدو لا يرى بالعين المجردة، أي أن هناك وجهات رائعة تلوح في الأفق في انتظارنا هذا العام، بعد أن وضع العلم قاعدة جادة، وتحصن ببعض الأدوات المذهلة.

لقاح الإيدز

* لقاح الإيدز. هل يمكن أن يشهد هذا العام التوصل إلى لقاح لمرض الإيدز؟ يقول علماء الأحياء الدقيقة إن هناك اكتشافات جديدة تتعلق ببنية نتوءات بروتين فيروس نقص المناعة المكتسب، وهو السلاح الذي يستخدمه الفيروس لدخول خلايا جسد العائل، وهو ما زاد من آمال التوصل إلى لقاح. وإذا صح هذا، سيكون نصرا كبيرا على الفيروس المسبب لمرض الإيدز. وقد اكتشف العلماء خلال السنوات القليلة الماضية تكون أجسام مضادة مقاومة داخل أجساد مرضى الإيدز لا تنخدع بالتمويه الذي يمارسه فيروس نقص المناعة. وأوضح باحثون في كلية الطب بجامعة ييل والمعهد القومي لأمراض الحساسية والأمراض المعدية خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) أن تلك الأجسام المضادة كانت قادرة على التعلق بنتوءات فيروس نقص المناعة وتعطيلها.

وقال روجير ساندرز، عالم الأحياء الدقيقة في جامعة كورنيل، والذي يدرس النتوءات لكن لم يشارك في ذلك البحث: «أنا أعمل في مجال لقاح فيروس المناعة منذ 16 عاما، ولم أكن متفائلا بهذا القدر من قبل. أعتقد أن العام الحالي سيشهد خطوات مهمة للأمام بفضل هذا الأمر».

استكشاف الكون

* رؤية واضحة لـ«بلوتو». التقطت التلسكوبات صورا مذهلة لمجرات بعيدة، لكن أفضل صور «بلوتو» لم تكن واضحة، وكانت عصية على التفسير. مع ذلك هذا على وشك أن يتغير، ففي عام 2015 سيتمكن البشر من رؤية الكوكب القزم بوضوح للمرة الأولى. وبعد رحلة مدتها 9 سنوات، وعلى بعد 3 مليارات ميل من المجموعة الشمسية، تقترب سفينة «نيو هورايزونس» التابعة لوكالة «ناسا» الفضائية الأميركية بما تحمله من كاميرات عالية الدقة من بلوتو. وسيبدأ استخدام مجموعة من الأدوات لتسجيل القياسات العلمية في 15 يناير (كانون الثاني). ومن المقرر أن تصل السفينة إلى أقرب نقطة، وهي على بعد 7.700 ميل من الكوكب، خلال شهر يوليو (تموز).

* مقابلة مع كويكب كبير جدًا. من المقرر أن تقابل سفينة الفضاء «دون» Dawn التابعة لوكالة «ناسا» مويكب «سيريس» Ceres أكبر كويكب في حزام الكويكبات، وواحد من 5 كواكب قزمة في المجموعة الشمسية خلال شهر مارس (آذار). والكواكب القزمة الأخرى هي هاوميا، وميكميك، وإريس، وبلوتو. أما سيريس فهو ثاني محطة تتوقف عندها السفينة بعد الكويكب «فيستا» الذي أحاطت به خلال الفترة الممتدة من يوليو 2011 إلى سبتمبر (أيلول) 2012. ورغم أن كل من سيريس وفيستا من الكويكبات، يختلف كل منهما عن الآخر؛ ففيستا، الذي يعد ثاني أكبر كويكب في الحزام، بيضاوي الشكل وجاف، في حين يتخذ سيريس شكلا كرويا، وقد يكون به محيط تحت طبقته الخارجية. ويمكن أن يلقي كلا «الكوكبين الأوليين» الضوء على التاريخ المبكر للمجموعة الشمسية.

* «روزيتا» صاحبة الفضل في دراسة علم المذنبات شاهد العالم وهو يكتم أنفاسه من فرط الإثارة خلال عام 2014 اقتراب سفينة الفضاء «روزيتا» التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية من مذنب، وإنزالها لمجس فضائي بهدوء على سطح المذنب للمرة الأولى. وظلت السفينة «فيله» صامتة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، لكن المهمة لم تنته بعد. ويقول العلماء إن «فيله» يمكن أن تعود مع اقتراب المذنب من الشمس لشحن بطارياته التي تعمل بالطاقة الشمسية. وإذا حدث ذلك، قد تتمكن من إرسال المزيد من المعلومات إلى العلماء على الأرض.

من جانب آخر، ستستمر سفينة الفضاء «روزيتا» في مصاحبة المذنب في اتجاهه نحو الشمس ومشاهدته وهو يطلق أكبر كمية من الغاز والغبار. وسيقترب المذنب إلى أقرب نقطة له من الشمس في أغسطس (آب) 2015. وعندما يفعل ذلك، ستكون «روزيتا» إلى جانبه.

دراسات فيزيائية

* تشغيل مفاعل الأبحاث النووية الأوروبي مجددا. من المقرر أن يبدأ مفاعل اصطدام الهيدرونات الكبير، أسرع منشأة تحفيز للجسيمات الدقيقة في العالم، العمل مجددا خلال شهر مارس بعد عامين من التوقف. وعندما يبدأ عمل المنشأة فإنه سترتطم حزمتان من البروتونات، تدوران حول الحلقة التي يبلغ طولها 17 ميلا بسرعة تقترب من سرعة الضوء، بطاقة تقترب من ضعف الطاقة التي كانت مستخدمة في السابق.

* وتوجد المنشأة التي تديرها المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية تحت الأرض على الحدود بين فرنسا وسويسرا على مقربة من جنيف. واستخدم علماء الفيزياء عام 2012 هذه الماكينة الضخمة لاكتشاف البوزون المراوغ «هيغز» وهو جسيم دقيق يعد من مكونات الذرة ويمثل مفتاح فهم سبب وجود كتلة في العالم. وتم تقدير هذا الإنجاز بمنحه جائزة نوبل.

ولكن العلماء غير متأكدين مما سيجدونه هذه المرة، لكن من بين الاحتمالات اكتشاف جسيمات لها علاقة بالطاقة المظلمة والمادة السوداء. وقد يجدون أيضا جسيمات تقدم دليلا يثبت نظرية التماثل الفائق.

* موجات في البنية الزمكانية (المكان - الزمن). أحدث علماء في مشروع «بيكيب 2» هزة كبيرة في عالم الفيزياء الفضائية عندما أعلنوا خلال شهر مارس الماضي عن التقاطهم لإشارات لتضخم كبير، وهو نمو كوني هائل حدث بعد فترة قصيرة من الانفجار الكبير، وكذلك لدليل يشير إلى وجود موجات من الجاذبية وهي موجات في البنية الزمكانية المفترضة نظريا لكن لم يعثر عليها.

مع ذلك أتاحت بيانات من سفينة الفضاء «بلانك» التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية لباحثين آخرين فتح ثغرات في النتائج مما يجعل الاكتشاف مثارا للجدل. ومن المقرر نشر المزيد من النتائج الشهر الحالي بحسب جيمس بوك، عالم الفيزياء الفضائية بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا وأحد العلماء الرئيسيين في فريق «بيكيب 2»، كما تقول «لوس أنجليس تايمز». وسيستمر الفريق في مسح السماوات عام 2015 من خلال تجربتهم التي ستمتد للجيل القادم «بيكيب 3».

وإضافة إلى ذلك، يبحث مرصد موجات جاذبية مقياس التداخل بالليزر عن موجات جاذبية بشكل مباشر في منشآت بواشنطن ولويزيانا. ورغم انتقاد التجربة خلال فترة إجرائها منذ 2002 وحتى 2010، من المقرر أن يكشف العلماء عن أجهزة رصد متطورة لموجات جاذبية مقياس التداخل بالليزر تتمتع بحساسية أكبر من سابقتها بعشر مرات.

وقال ديفيد ريتز، المدير التنفيذي لمختبر مرصد موجات جاذبية مقياس التداخل بالليزر، في كالتيك: «نحن نعتزم استئناف بحثنا عن موجات جاذبية بجهاز الرصد المتطور في نهاية صيف أو بداية خريف 2015. نأمل أن نصل إلى بعض النتائج المثيرة للاهتمام بعد ذلك بفترة قصيرة».