نواظير إلكترونية طبية دقيقة للتشخيص المبكر للأمراض

تزود بكاميرات وتوصل بشاشات فائقة النقاوة لعمليات التنظير الباطني ورصد الحالات بسرعة

TT

قد لا يملك بعض الأطباء أجهزة تلفزيون ذات صورة شديدة النقاوة، ولكنهم قد يملكون يوما ما أجهزة شبيهة في عياداتهم، خصوصا ان كانت وظيفة هذه الاجهزة تتعلق بالتدقيق والنظر داخل أحشاء المريض بواسطة المجواف او المنظار التشخيصي endoscope. ويتكون المنظار من مجهر صغير مجهز بضوء ويدخله الطبيب الى الجسد لرؤية علته. ويمكن لهذا المنظار أن يقدم صورة مكبرة لركبة متضررة أو للحنجرة أو لتورم في القولون.

وهذه الأيام يحتوي المنظار على الإلكترونيات كما يحتوي على البصريات، ويريد بعض الأطباء صورة أوضح ومنهم الدكتور ستيفن بالتر المدير العلمي والطبي لمركز الطب والجراحة التناسلية في نيويورك. ويستخدم مرارا الدكتور بالتر نوعا معين من المناظير يعرف بالمنظار البطني لفحص قناة فالوب وغيرها من الأعضاء التناسلية. وهو يرغب في الحصول على صورة أوضح وأنقى من تلك التي توفرها الكاميرات والشاشات العادية. ويقول إن الصورة تكون أحسن عندما تتطلع اليها مباشرة بالعين بدلا من استخدام وسيط مثل الكاميرا أو الشاشة. وأخذ بالتر بالاتصال مع شركات حول تعديل أجهزة التلفزيون ذات الصورة الشديدة النقاوة لتعمل مع معدات المنظار. وتحتوي الصورة التي تصورها كاميرا فيديو ذات صورة فائقة النقاوة تعرض على شاشة فائقة النقاوة تصمم بضعفي خطوط التصوير الموجودة في صور الفيديو العادي وبالتالي تكون الصورة أوضح وأنقى.

* أجهزة فائقة الدقة

* ويقول بالتر أن الفرق بين صور المنظار فائق النقاوة وبين المنظار العادي، تماثل الفرق بين ارتداء نظارات بعدسات نظيفة ونظارات بعدسات قذرة. وبالتالي تساعد هذه الصور الأطباء على اكتشاف أمراض في مراحلها الأولية، والتي قد لا تظهر في الصور الاخرى.وبناء على طلبه قامت شركة «جي في سي» وشركة «تي تي آي» التي تتخصص في البصريات الطبية في كاليفورنيا، بتعديل كاميرا فيديو شديدة النقاوة. وقام بالتر بتجربة الكاميرا في عمليات نسائية على حوالي 25 مريضة. ويحتوي منظاره على سلك من الليف البصري لارسال الصورة للكاميرا. ويوصل سلك الكاميرا بوحدة سيطرة وبشاشة ملونة يراقبها الطبيب.

ويعتقد بعض الأطباء الذين اعتادوا على تجارب بالتر، أن الأجهزة الفائقة النقاوة قد تكون مفيدة جدا في التشخيص. ويقول الدكتور ديفيد أوليف أن أكبر معضلة في عملية التنظير البطني النسائي أو في عملية التنظير بذاتها هي الرؤية، فإذا لم يستطع الطبيب أن يرى فلا يمكنه أن يفعل شيئا. ويقول الدكتور أوليف إن الكاميرات الفائقة النقاوة ستكون مفيدة جدا في تشخيص التهاب بطانة الرحم. وفي هذه الحالة تخرج الأنسجة التي تبطن الرحم لخارجه وتنمو بشكل يسبب الألم والعقم ومشاكل أخرى. ويقول انه يصعب رؤية هذا الالتهاب إذ قد تكون الأنسجة صغيرة جدا. ونقاوة الكاميرات الحالية لا تفي بالغرض.

وقد تكون الكاميرات الفائقة النقاوة مفيدة في تشخيص السرطان وتحديد علاجه. ويقول أوليف أنه كلما كانت النقاوة أحسن زادت الفرصة أن يرى لأطباء انتشار خلايا السرطان أو غيرها من المشاكل. ويقول إن الأطباء عادة يقومون بعملية تنظير ثانية بعد العلاج للتأكد من عدم ظهور السرطان مرة أخرى.

ومنذ أن بدأ بالتر ببحثه قامت كل من «جي في سي» و«تي تي آي» بتطوير نظام كاميرا منظار تزن فقط 3.5 أونصات (الاونصة 30 جراما تقريبا) وتتم تجربة الكاميرا الآن في اليابان. ويقول بالتر أن نقاوة الصورة الناتجة تقدر بضعفي أو ثلاثة أضعاف الصور العادية. ويقول سكوت واتسون وهو نائب مدير المبيعات في شركة جي في سي ان كاميرا المنظار هذه قد طورت للسوق الطبي فقط. ويضيف أن التلفزيون الشديد النقاوة يعتمد نمط الشاشة العريضة وبدلا من استخدام نسبة 9:16 للعرض والطول في المنظار فانهم استخدموا نسبة 3:4 وهي نسبة الصورة في التلفزيون العادي ولذلك تأخذ الصورة التي ينتجها المنظار كامل الشاشة.

ويقول بالتر أن الصور الناتجة عن منظار جيد وإضاءة ممتازة وكاميرا فائقة النقاوة أحسن بكثير من تلك التي تنتج عن النظام العادي. ويضيف أن رؤية سطح الرحم في هذا المنظار يبدو مختلفا، إذ يمكن رؤية أدق التفاصيل مثل الأوعية الدموية. ولكن منافع هذه الأنظمة ما زالت تحت التجربة، إذ لا يعرف بعد إذا كانت جودة الصورة المحسنة ستؤدي لمنافع عملية مثل إعطاء نتائج مختلفة جدا في الدراسات الطبية.

ويقول الدكتور ديفيد كارلوك وهو رئيس الجمعية الأميركية للتنظير المعوي انه يجب القيام بالمزيد من الدراسات حتى نعرف إن كانت النقاوة المحسنة بالصور تبرر التكلفة الإضافية. ويضيف انه حتى وان زادت النقاوة فقد لا تستطيع العين أن ترى فرقا شاسعا ولذلك فان أجهزة باهظة مثل هذه قد لا تغير عملية التشخيص أو تقربنا من تفسير الأعراض.

* خدمة «نيويورك تايمز»: خاص بـ«الشرق الأوسط» =